هذه المراجعة مليئة بالحرق للمجلد 1 من الموسم 5 من Stranger Things، والذي يتألف من 4 حلقات من أصل 8 لهذا الموسم. يتألف المجلد 2 من 3 حلقات ويصدر في فجر 27 نوفمبر، مع صدور الحلقة الأخيرة في فجر 1 يناير 2026 على نتفليكس. إنه الفصل الأخير من Stranger Things، ومعه تبلغ المخاطر أقصاها. بعد انتظار دام ما يقارب ثلاث سنوات ونصف، وصلنا أخيراً إلى بداية النهاية. ومع مستوى الترقب الهائل المحيط بالموسم، يسعدني القول إن المجلد الأول ينجح بالفعل في الارتقاء إلى سقف التوقعات. يقدّم الأخوان دافر عملاً متماسكاً يقودنا بثقة نحو ختام رحلة إيل والأصدقاء في هوكينز، متجنبين معظم العثرات المتوقعة في عمل بهذا الحجم من حيث كثرة الشخصيات واتساع نطاق الحبكة. وعلى الرغم من أن فترة انتظار المشاهدين دامت ثلاث سنوات ونصف، فإن الأحداث في القصة تتقدم عاماً ونصف فقط. مع ذلك، تبدأ الحلقة الأولى بمشهد فلاشباك لويل (نواه شناب) يكشف ما جرى له خلال اختطافه على يد فيكنا في الموسم الأول. من حيث السرد كان المشهد مناسباً، لكن المؤثرات البصرية المستخدمة لتصغير عمر الممثل لم تكن مقنعة تماماً، بل وصلت لدرجة جعلتني أشك أن المتواجد على الشاشة هو ويل بالفعل إلى أن ناداه فيكنا بويليام. هذا مستغرب بالنظر إلى أن التقنية نفسها استُخدمت سابقاً مع إيل (ميلي بوبي براون) وكانت أكثر نجاحاً. ورغم ذلك، يقدّم المشهد معلومات مهمة ستتوسع لاحقاً، كما اعتدنا من الأخوين دافر في بناء التفاصيل الصغيرة المؤثرة على المدى الطويل. من بين الحلقات الأربع في المجلد الأول، تُعد الحلقة الافتتاحية الأضعف، وهو أمر مبرر. فهي مخصّصة للتمهيد والعودة إلى العالم ومعرفة التغييرات التي حصلت خلال القفزة الزمنية. ورغم ذلك، يقدم هذا التمهيد تجربة ممتعة، حيث تتحدث روبن (مايا هوك) خلال برنامج إذاعي مخصص لسكان هوكينز، تعيد فيه تلخيص ما حدث بطريقة ساخرة من السلطة. نكتشف أن البلدة أصبحت مُسيّجة مع حراسة مشددة وتخضع لحجر صحي، وأن الشقوق بين العالمين أُغلقت بصفائح معدنية يتزلج عليها الأولاد للتسلية، إضافة إلى خضوع السكان لفحوصات صحية دورية. ونكتشف أيضاً أن عائلة بايرز تعيش "مؤقتاً" مع آل ويلر لسبب ما، لكن لم يتم التعمق بهذه المسألة كثيراً مع تسارع الأحداث بعد ذلك بشكل كبير. في المقابل، نتابع إيل التي كرّست نفسها بالكامل للتدريب تحضيراً للمواجهة النهائية مع فيكنا/هنري/وان (جيمي كامبل باور)، بينما تبقى متخفية عن السلطات. لكن لم يقتصر الأمر على التدريب، بل نكتشف أن هناك غرفة عمليات كاملة تعمل على تنسيق جهود الشخصيات كافة لتعقب فيكنا، مع تسلل هوبر (ديفيد هاربور) إلى المكان المقلوب بشكل متكرر وتمشيطه بالتعاون مع الفريق. لكن كما قلت سابقاً، صحيح أن هذه الأحداث جميعها مهمة جداً لكشف ماحدث، إلا أنها تبطئ من وتيرة المسلسل قبل تسارع الأحداث نحو المعركة الكبرى القادمة بلا أدنى شك. هذا البطء يقتصر على الثلثين الأولين فقط، إذ ينقلب الإيقاع بالكامل في الثلث الأخير، حيث تبدأ الأحداث بالتصاعد بوتيرة تجعل التوقف عن المشاهدة مستحيلاً وصولاً إلى الحلقة الرابعة والأخيرة بالمجلد. المميز في حبكة هذا المجلد هو أن جميع الشخصيات تتحرك ضمن إطار هدف واحد، على عكس المواسم السابقة التي كانت تقسم الشخصيات إلى مجموعات تخوض كل منها مغامرتها الخاصة بشكل منفصل، رغم ترابطها ضمن الخط العام. في تلك المواسم، كانت بعض القصص الجانبية أقل تشويقاً من غيرها، مما كان يخفف من حدة الإيقاع كلما عدنا إليها. أما هذا الموسم، ورغم استمرار تقسيم الشخصيات إلى فرق، فإنها جميعاً تعمل هذه المرة نحو هدف مشترك مع تنسيق مباشر وواضح فيما بينها، مما يمنع حدوث أي تباطؤ في الوتيرة، إذ تواجه كل مجموعة أحداثاً مثيرة تحافظ على اهتمام المشاهد دون لحظات ملل أثناء الانتقال بين الفرق المختلفة. لطالما كانت نقطة قوة الأخوين دافر تكمن في الجمع بين طاقم شخصيات كبير وإعطاء معظم الشخصيات الرئيسية وقتاً كافياً للتألق، لكن كانت هناك دائماً شخصيات ما لا تنال حقها من التطور. أما في هذا الموسم، ورغم زيادة عدد الشخصيات، فإن الجميع تقريباً يحصل على مساحة مقنعة، بما في ذلك الوافدون الجدد. نرى توسعاً في دور هولي (نيل فيشر) التي تلعب دوراً محورياً في الحلقتين الثالثة والرابعة، إلى جانب د. كاي (ليندا هاميلتون) التي تمسك بزمام السلطة فيما يتعلق بهوكينز. إلى جانب شخصيات ثانوية عائدة بدور أقوى مثل موراي (بريت غيلمان) وإريكا (بريا فيرغسون) اللذين يخطفان الأضواء في كل مشهد يظهران به ويضيفان جرعة كوميدية لطيفة ومحببة. أما غياب ماكس (سادي سينك) عن الحلقات الثلاث الأولى فقد كان محسوساً، لكن عودتها تأتي مصحوبة بكشوفات، والتي رغم أنها تبطئ وتيرة الأحداث المتسارعة كثيراً إلا أنها مهمة جداً للكشف عن نقاط ضعف جديدة لفيكنا يمكن الاستفادة منها لاحقاً، بالإضافة للكشف عن القليل من قصة خلفيته من خلال الذكريات التي زارتها. أما على مستوى الشخصيات الرئيسية، فيبرز ويل أخيراً بدور أكبر وأكثر أهمية، ومن الواضح أن له دوراً حاسماً في القضاء على فيكنا إلى جانب إيل، رغم أن ظهور قدراته بشكل مفاجئ يثير أسئلة كثيرة بانتظار الإجابات. كما تشهد العلاقة بين ويل وهوبر لحظات رائعة تُعيد إلى الذاكرة ديناميكية الموسم الثاني، لكن مع طابع أكثر نضجاً بفضل التدريب والعمليات المشتركة. في المقابل، يُعد دور لوكاس (كاليب ماكلوغلين) هذا الموسم الأقل حيوية، حيث يمضي وقتاً كثيراً من فترة ظهوره على الشاشة وهو إلى جانب ماكس حزيناً ينتظرها أن تستيقظ. أما داستن (غيتن ماتارازو)، فيواصل الدفاع عن أيدي مانسون (جوزيف كوين) رغم تعرضه للتنمر بسبب ذلك، كما أن هناك بعض المنافسة المسلية بين ستيف (جو كيري) وجوناثان (تشارلي هيتون) على نانسي (ناتاليا داير) التي تضفي بعض الطرافة على الأجواء. من المثير للاهتمام أن السلطة على ما يبدو على دراية بما يجري أكثر مما كنا نتصور. فعلى الرغم من تركيزهم المستمر على ملاحقة إيل التي يصفونها بـ"المسخ"، فإن الشك ظل يراودني طوال الحلقات بشأن نوايا د. كاي وما إذا كانت طيبة بالفعل أم لا. فمن الواضح أنها تمتلك الكثير من الموارد القوية لدرجة أنها أقامت قاعدة عسكرية كاملة مع مركباتها وطائراتها بالمكان المقلوب، كما أنهم عثروا على نقطة ضعف استطاعوا استغلالها ضد إيل لإبطال قواها وشلها عن الحركة، وبالتالي لا بد أنهم يعرفون أكثر مما يفصحون عنه. مما يثير سلسلة من التساؤلات: هل ترى د. كاي بالفعل أن إيل هي الشريرة الأساسية؟ أم أنها تحاول استغلالها كسلاح في مواجهة فيكنا؟ أم أنها تسعى في الواقع لمساعدتها؟ وازدادت شكوكي حين تم الكشف الصادم عن وجود كالي/أيت (لينيا بيرثيلسن) خلف الباب المغلق. أما على صعيد المعارك، فيقدم المجلد الأول مشاهد أكشن رائعة، خصوصاً مواجهة الديموغورغين في الحلقة الأخيرة. تمتاز معركة إيل وهوبر في المختبر داخل المكان المقلوب بتصميم قتالي ممتاز وأجواء متوترة، بينما يقدم الهروب من السجن في العالم الحقيقي لحظات عالية التوتر. ويبلغ الإيقاع ذروته مع اللحظة التي يظهر فيها فيكنا في العالم الحقيقي، مصحوباً بإخراج حاد وحركة كاميرا سريعة ولقطات قريبة تزيد من حدة التوتر، خصوصاً مع إدراكنا أننا في الموسم الأخير، حيث يصبح احتمال خسارة شخصيات رئيسية أمراً قائماً بقوة. كل ذلك يتجمع في 4 حلقات مشحونة بالإثارة تشكل المجلد الأول، الذي يشبه موسماً متكاملاً صغيراً يوازي فعلياً موسماً كاملاً بطول مجموع حلقاته البالغ 283 دقيقة، أي ما يعادل 6 إلى 7 حلقات بالطول التقليدي. ويتركنا المجلد في نهاية معلقة مشوقة للغاية، بحيث يجعل انتظار الشهر المتبقي قبل صدور المجلد الثاني أشد صعوبة حتى من السنوات الثلاث والنصف التي فصلت بين الموسمين الرابع والخامس. المزيد من عالم هوكينز: يقدّم المجلد الأول من الموسم الخامس من Stranger Things كل ما كنا ننتظره وأكثر، إذ يمزج بين كشوفات جوهرية ومخاطر أعلى وأداء رائع من طاقم الممثلين وآكشن ناري. ورغم أنّه يحتاج لبعض الوقت قبل أن يطلق العنان للأحداث من أجل التمهيد وشرح الأحداث، إلا أنّه ينجح في إيقاظ الحنين وإعادة إشعال ارتباطنا بالشخصيات التي ابتعدنا عنها طويلاً. والنتيجة أنّ الانتظار لشهر واحد فقط قبل صدور الخاتمة يبدو أكثر قسوة وصعوبة من السنوات الثلاث والنصف التي باعدت بين الموسمين الرابع والخامس.