اقتصاد / صحيفة الخليج

تبحر بعيداً في قضايا المناخ

د. محمد الصياد*

لم تكن تصرح أو تفاخر بما كانت تنجزه عملياً على الأرض طوال السنوات العشرين الماضية في شق طريق جديد للطاقات غير التقليدية. حيث فاجأت العالم بتصدرها المشهد العالمي في هذا المجال، بتحقيقها إنجازاتٍ مذهلة في مجال تحولها الطاقوي (Energy transformation)، حتى أصبحت رائدةً عالمياً في نشر وتصنيع وابتكار التكنولوجيا في مجال المتجددة. في ما يلي أبرز هذه الإنجازات:
تهيمن الصين على سعة وتوليد الطاقة المتجددة في العالم من حيث إجمالي السعة المُركّبة للطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية. وبحلول نهاية عام ، شهدت السعة المُركّبة التراكمية لطاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية زيادةً قدرها أحد عشر ضعفاً في السنوات العشر الماضية. والسرعة هي ما يميز إضافة سعة جديدة للطاقة النظيفة بمعدلات غير مسبوقة، حيث نجحت في عام 2024، في تلبية 84% من نمو الطلب على الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. في العام الذي سبقه (2023)، بلغت الطاقة الشمسية المُشغّلة في الصين ما يعادل ما أنجزه العالم بأكمله في عام 2022.
الصين أيضاً شيّدت أكبر ممر للطاقة النظيفة (Clean Energy Corridor) في العالم على نهر اليانغتسي، وهو عبارة عن سلسلة من ست محطات طاقة كهرومائية عملاقة بطاقة إجمالية مُركّبة تزيد عن 70 ألف ميجاوات. ولأول مرة تجاوزت الطاقة المُجمعة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية في الصين، طاقة الفحم. وكان ذلك في أوائل عام 2025 الجاري. وتهيمن الصين أيضاً على سلسلة توريد الطاقة النظيفة العالمية، حيث تُنتج حوالي 80% من الألواح الشمسية في العالم، وأكثر من 70% من بطاريات أيونات الليثيوم، و60% من معدات طاقة الرياح. وقد أدّى الحجم الهائل للإنتاج الصيني إلى خفض كبير في التكاليف العالمية لتوربينات الرياح والألواح الشمسية والبطاريات، ما يجعل تحوّل الطاقة مساراً متاحاً ومنخفض الكلفة لكافة دول العالم.
وفي مجال الابتكار، تضطلع الشركات الصينية بحوالي 75% من طلبات براءات الاختراع العالمية في مجال تكنولوجيا الطاقة النظيفة. ويشمل ذلك كفاءات تحويل متقدمة للخلايا الشمسية، وتطوير توربينات رياح بحرية أحادية الوحدة بقدرة 18 ميجاوات.
وفي مجال آخر تنافسي بالغ الحدة، وهو إنتاج السيارات الكهربائية، فإن الصين باتت تهيمن بلا منازع على القطاع الصاعد بقوة على حساب الوقود الأحفوري. حيث تصدّرت مبيعاتها من السيارات الكهربائية السوق العالمية لعشر سنوات متتالية. كما تتوفر على أكبر بنية تحتية لشبكات الشحن الكهربائي في العالم.
وعلى مدار العقد الماضي، انخفضت كثافة الطاقة في الصين (استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي) بشكل مطرد، ما أدى إلى توفير ما يعادل حوالي 1.4 مليار طن من الفحم القياسي، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 3 مليارات طن. فكان أن بلغت حصة استهلاك الطاقة النظيفة 26.4% من إجمالي استخدام الطاقة في الصين عام 2023، بزيادة قدرها 10.9 نقطة مئوية عن عام 2013. وحقق أكثر من 95% من وحدات الطاقة التي تعمل بالفحم في الصين انبعاثات منخفضة للغاية، ما قلل بشكل كبير من انبعاثات الملوثات من مصادر الطاقة التقليدية.
هذه الإنجازات تُظهر الدور المحوري الذي تلعبه الصين في التحول العالمي في مجال الطاقة، والذي يُعد الآن محركاً رئيسياً لنموها الاقتصادي، حيث ساهم بنحو عُشر ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2024.
«الخبراء» الغربيون لا يملكون إزاء إبحار الصين بعيداً في الاستجابة الحقيقية للتحديات المناخية، سوى محاولة التقليل من التقدم الهائل الذي تحرزه قبالة تخلف بلدان الاتحاد الأوروبي التي لطالما قدمت نفسها للعالم وزايدت في مؤتمرات الأطراف على مقابلة متطلبات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، باعتبارها عرّابة وطليعة الجهود الدولية للتعامل مع أخطار التغيرات المناخية.
* خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا