في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت نتفليكس عن خطتها لشراء شركة Warner Bros مقابل مبلغ ضخم قدره 82.7 مليار دولار. وليست هذه المرة الأولى التي نشهد فيها صفقة بهذا الحجم، إذ قد تتذكرون استحواذ أمازون على شركة MGM عام 2022، وهو ما جعل أفلام جيمس بوند المستقبلية تتجه مباشرة إلى خدمة Prime Video.

هذا الاستحواذ يعني أن الأصول الكبرى لشركة وارنر براذرز، مثل سلسلة هاري بوتر وجميع أفلام ومسلسلات DC، ستصبح تحت مظلة نتفليكس. ومع ذلك، فإن عملية الاندماج لم تكتمل بعد، وصفقات بهذا الحجم قابلة للتغيير، لكن في حال إتمامها فإنها تثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل صناعة الترفيه.

هناك خمسة أسئلة رئيسية أطرحها على نفسي. بعضها يتعلق بمحتوى محدد، والبعض الآخر يرتبط بتداعيات واسعة النطاق على مستوى الصناعة. جميع هذه الأسئلة لن نجد لها إجابة حاسمة إلا مع مرور الوقت.

تأثير الصفقة على صناعة الوسائط المادية

في الوقت الحالي إذا ذهبت إلى أي متجر يبيع الأسطوانات فلن تجد أي أقراص Blu-ray أو DVD.  للأفلام، الألبومات موجودة، والكتب أيضًا، لكن الأفلام اختفت.

وبصياغة أخرى، فإن الوسائط المادية كانت بالفعل في طريقها إلى الزوال منذ فترة طويلة. وإذا استحوذت نتفليكس على وارنر براذرز، فمن الصعب تخيل استمرارها في إصدار أفلام ومسلسلات عالم DCU على أقراص 4K Blu-ray. ستجني أرباحًا أكبر إذا أبقت هذه الأعمال حصرية على منصتها. فإذا أراد شخص مشاهدة فيلم Man of Tomorrow مرة واحدة، عليه أن يدفع اشتراك شهر في نتفليكس. وإذا رغب في مشاهدته مرة أخرى بعد شهرين، فعليه أن يدفع اشتراكًا جديدًا. وبأسعار نتفليكس في عام 2025، فإن ذلك يعادل نحو 36 دولارًا، أي أكثر من تكلفة قرص 4K Blu-ray الذي يبلغ حوالي 30 دولارًا. ومع احتمالية – تكاد تكون مؤكدة – لزيادة الأسعار، ومع الأخذ في الاعتبار أن هذا المبلغ يغطي فقط عرضين للفيلم، يمكن فهم منطق توقفهم عن دعم سوق الوسائط المادية.

وهذا أمر مؤسف بالنسبة لأشخاص مثلي، ممن يفضلون عند إعجابهم بفيلم أن يشترونه فعليًا، ويضعونه على رفوفهم كجزء من مجموعتهم الخاصة.

تأثير الصفقة على صناعة دور العرض السينمائية

إذا كان هناك سؤال ضخم يثير القلق بشأن هذا الاندماج، فهو ما الذي يعنيه لمستقبل دور السينما. فهذه الدور تعاني بالفعل اليوم أكثر مما كانت عليه قبل عشر سنوات فقط. لم تعد الأفلام تجذب الجمهور إلا إذا كانت أعمالًا ضخمة مثل Avatar: Fire and Ash، التي تشعر وكأنها حدث يستحق الخروج من المنزل لمشاهدته.

وإذا تم الاندماج، فإن عدد الأفلام التي ستُعرض على الشاشة الكبيرة سيكون أقل، وحتى لو سمحت نتفليكس بعرضها، فقد أوضح الرئيس التنفيذي تيد ساراندوس أن فترة العرض السينمائي ستكون قصيرة جدًا.

وبحسب موقع Deadline، قال ساراندوس إن فكرة إرسال أفلام نتفليكس (أي أفلام وارنر براذرز) إلى دور السينما لن تختفي تمامًا، لكنه يرى أن “فترات العرض الطويلة والحصرية” ليست شيئًا يعتبرونه مناسبًا للمستهلكين. بمعنى آخر، يمكن أن نتوقع أسبوعين أو ثلاثة فقط من العرض، ثم فجأة تصبح الأفلام متاحة على نتفليكس. وإذا كان الفيلم يحقق أرباحًا لدور العرض على الشاشة الكبيرة، فالأمر مؤسف لتلك الدور لأنها ستفقد المنتج بسرعة.

إلى أي مدى ستصبح نتفليكس باهظة الثمن؟

اعتبارًا من ديسمبر 2025، تبلغ تكلفة نتفليكس 7.99 دولارًا لخطة Standard مع الإعلانات، و17.99 دولارًا لخطة Standard بدون إعلانات، و24.99 دولارًا لخطة Premium. وهذا بالفعل يُعد مرتفعًا، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن مكتبة محتوى نتفليكس ليست أفضل كثيرًا من مكتبات خدمات مثل Paramount+ أو HBO Max أو Hulu.

وإذا استحوذت نتفليكس على مكتبة HBO Max وأصبحت الأفلام الضخمة من عالم DC تُعرض حصريًا عليها بعد فترة قصيرة من عرضها في السينما، فسيكون لديها سبب وجيه لرفع أسعارها بشكل كبير. امتلاك كل هذه الاشتراكات في خدمات البث أصبح بالفعل عبئًا ماليًا ثقيلًا—خصوصًا إذا كنت تعمل في مجال الكتابة عن الأفلام والمسلسلات—لذلك من المقلق تخيل أن نتفليكس قد تضاعف أسعارها في المستقبل.

هل ستتضاعف الأسعار فعلًا؟ ربما لا تصل إلى هذا الحد تمامًا، لكن لن يكون الأمر مفاجئًا على الإطلاق إذا حدث ذلك بالفعل.

ماذا سيحدث مع HBO Max؟

إذا تم الاندماج، فمن شبه المؤكد أن مكتبة  HBO Max ستُدمج في نهاية المطاف داخل نتفليكس. الجانب السلبي هنا هو أن المشتركين في باقة ديزني + هولو + HBO Max سيفقدون ثلث محتواها.

لكن المشكلة الأكبر تكمن في جودة محتوى HBO. فليس فقط المسلسلات الحصرية على HBO Max هي التي قد تواجه انخفاضًا في الجودة (رغم أن نتفليكس لديها بعض الأعمال الممتازة، إلا أن أفضلها لا يصل إلى مستوى HBO)، بل يشمل ذلك جميع مسلسلات HBO بشكل عام. وكما رأينا مع نتفليكس، حتى لو كان المسلسل محبوبًا من النقاد، فهذا لا يعني أنه سيستمر. يكفي أن نتذكر مسلسل GLOW الذي ألغته نتفليكس رغم أنه كان على وشك إنهاء قصته الكاملة بعد بضع حلقات فقط.

مستقبل عالم DC السينمائي (DCU)

كما ذكر تيد ساراندوس، فإن توزيع الأفلام الكبرى التابعة لـ وارنر براذرز مثل عالم DCU في دور السينما لن يختفي تمامًا، لكنه سيُختصر بشكل ملحوظ. وهنا يبرز التساؤل حول موقف جيمس غان وبيتر سافران من ذلك.

الـ DCU لا يزال في بداياته، لكنه أظهر بالفعل أنه مشروع واعد ومثير، خاصة مع نجاح فيلم Superman الذي بدا وكأنه بداية لسنوات طويلة من الاستمرارية. من المرجح أن نتفليكس ستبقي غان وسافران في مواقعهم، لكن من يدري؟ ربما يشعران بعدم الرضا إذا واجهت مشاريعهم فترات عرض سينمائي قصيرة جدًا، وقد يختاران الانسحاب، مما قد ينهي هذا الكون السينمائي قبل أن يتجاوز مثلًا الفصل الأول: الآلهة والوحوش. سيكون من المثير جدًا متابعة كيف سينعكس كل ذلك على سوبرمان وأصدقائه (وأعدائه).