كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، النقاب عن اتفاق سري بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يقضي بإعادة إعمار مناطق محددة تقع تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. وذكرت الصحيفة العبرية أن الأمر أحدث حالة من الدهشة في دوائر المنظومة الأمنية الإسرائيلية، إزاء تجاهل نتنياهو إطلاعها على بنود الاتفاق السري. ونقلت الصحيفة عن الدوائر قولها: "فوجئنا بموافقة نتنياهو على بدء إعادة إعمار مناطق تحت سيطرة الجيش في غزة بطلب أمريكي". ووفقًا للصحيفة، تشمل المرحلة الأولى من إعادة الإعمار "المقترحة أمريكيًا" مدينة رفح الفلسطينية جنوب غزة، وبعدها مناطق أخرى شرق وشمال القطاع. وأشارت إلى أن "الولايات المتحدة تدفع في هذا الخصوص نحو إعادة بناء غزة جديدة". وتعمل إسرائيل حاليًا على تكريس احتلالها للمناطق التي تسيطر عليها داخل غزة، إذ أظهرت صور الأقمار الصناعية التي استعرضتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي فيريفاي" أن جيش الاحتلال دمر أكثر من 1500 مبنى في مناطق القطاع التي ظلت تحت سيطرتها منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي. ونقلت وكالة "رويترز" الأسبوع الماضي عن مسؤولين أوروبيين مطلعين على تفاصيل الاتصالات السياسية الجارية قولهم إن أعمال إعادة الإعمار ستقتصر على المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية. وبحسب مصادر سياسية تحدثوا لـ"رويترز"، من بينهم مسؤولون أوروبيون وأمريكيون سابقون، فإن "الخط الأصفر" الذي رسمته الخطة الأمريكية يتحول تدريجيًا إلى حدود فعلية تفصل بين منطقتي النفوذ في غزة. وبموجب المرحلة الأولى من خطة ترامب بشأن غزة، التي بدأت في 10 أكتوبر الماضي، يسيطر الجيش الإسرائيلي على نحو 53% من مساحة قطاع غزة الممتدة على ساحل البحر المتوسط، بما في ذلك معظم الأراضي الزراعية وأجزاء من جنوب مدينة رفح الفلسطينية، وأجزاء من مدينة غزة ومناطق حضرية أخرى، وفق تقرير "رويترز". ويعيش نحو مليوني فلسطيني اليوم في مخيمات مكتظة وخيام مؤقتة وسط دمار واسع النطاق في بقية مناطق القطاع، كما تظهر لقطات جوية نشرتها "رويترز" حجم الدمار الكارثي الذي خلفته الهجمات الإسرائيلية في شمال غزة. وتتضمن المرحلة التالية من خطة ترامب انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا من "الخط الأصفر" المتفق عليه، وإنشاء سلطة انتقالية تدير القطاع، إلى جانب نشر قوة أمنية متعددة الجنسيات تتولى المسؤولية الأمنية ونزع سلاح حماس تمهيدًا لإطلاق عملية إعادة الإعمار. والخطة، بحسب دبلوماسيين أوروبيين، تفتقر إلى جدول زمني واضح وآلية تنفيذ محددة، فيما ترفض حماس نزع سلاحها، وتعترض إسرائيل على إشراك السلطة الفلسطينية المدعومة غربيًا، في حين لم تتضح بعد هوية القوة الدولية المفترضة أو مهامها الدقيقة. في المقابل، يرى مسؤولون أمريكيون أن المرحلة الأولى قد تتواصل دون الانتقال إلى الخطوات التالية، مع بدء تدفق أموال الإعمار إلى المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل. وقال الباحث الأمريكي مايكل وحيد حنا، من مجموعة الأزمات الدولية، إن هذه المقترحات "تعكس خطر تحول الواقع المجزأ في غزة إلى نظام طويل الأمد من الانفصال الجغرافي والسياسي". ورغم إصرار نتنياهو على أن تل أبيب لا تنوي إعادة احتلال غزة أو إدارتها مباشرة، فإن وزراء اليمين المتطرف في حكومته يطالبون بإحياء المستوطنات السابقة داخل القطاع. وأقامت القوات الإسرائيلية كتلاً إسمنتية صفراء ضخمة لترسيم خط الانسحاب، كما أظهرت صور الأقمار الصناعية بناء مواقع عسكرية محصنة شرق مدينة غزة، وسط تأكيدات من جيش الاحتلال أن وجوده مؤقت إلى حين "نزع سلاح حماس وتفعيل القوة الدولية".