وأكد الدكتور هاني عودة أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ليبين للأمة ما يجب وما يمتنع وما يحل وما يحرم ليعيش المجتمع في أمن وسلام، مشيرًا إلى الفارق الكبير بين عبد تعايش مع وحي الله مقتديًا بالرسول ﷺ في أقواله وأفعاله، وهو ممن قال الله تعالى فيهم: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، وبين عبد اتبع هواه والشيطان، وخالف المنهج وابتعد عن الصراط المستقيم ووقع في الحرام، وهو ممن قال الله تعالى فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾.
وشدد خطيب الجامع الأزهر، على أن سورة النحل تستعرض مبادئ بناء المجتمع من خلال الدعوة إلى التفكر في نعم الله، والتأكيد على قيم العدل والإحسان كركائز لإقامة مجتمع سليم، وتقديم النحل نموذجًا مجتمعيًا متكاملاً في التنظيم والنظام الهندسي العجيب، مبيناً أن النحل ليس مجرد حشرة تنتج العسل بل يمثل نظامًا فريدًا في شكل المجتمعات.
وأشار إلى أن السورة تحث على بناء مجتمع قوي ومترابط عبر ربط شكر النعم بحسن استخدامها، والتأكيد على دور الفرد في تحقيق الخير العام، لافتاً إلى أن ذكر النحل في القرآن هو لأخذ العبرة والعظة، وأن العلم الحديث كشف أن انقراض هذه الحشرة سيؤدي إلى اختفاء ثلثي غذاء الإنسان لدورها الحيوي في تلقيح النباتات والزهور.
وبين مدير عام الجامع الأزهر، أن الله سبحانه وتعالى يلفت انتباهنا إلى عظمة النحل كدليل على قدرته، حيث تتجلى هذه القدرة في التنظيم الدقيق داخل مملكة النحل، حيث لكل فئة مهام محددة، مثل جمع رحيق الأزهار وإيداعه في الخلية، مشيراً إلى أن النحلة عند وقوفها على زهرة تترك عليها رائحة لئلا يضيع وقت نحلة أخرى بالوقوف عليها، وأنها تقوم بعملية التلقيح التي تحول الزهرة إلى ثمرة.
ولفت إلى أن العلم الحديث رصد أن النحلة تطير لمسافة لا تقل عن أربعمائة ألف متر وتقف على ثمانية ملايين زهرة لإنتاج كيلو عسل واحد، موجهاً رسالة للشباب بضرورة المثابرة والسعي والأخذ بالأسباب وأداء رسالتهم الموكلة إليهم بدلاً من تضييع الوقت في ما لا يفيد، مثل إدمان الجلوس أمام شاشات الهواتف والحواسيب، لكي يتقدم المجتمع ويرتقي.
وذكر خطيب الجامع الأزهر أن هناك صنفاً آخر من النحل يعمل داخل الخلية على بناء بيوت سداسية الشكل، موضحاً أن اختيار الشكل السداسي لم يكن عبثاً، بل عن حكمة، حيث يؤكد علماء الرياضيات أنه أفضل الأشكال الهندسية لأنه يملأ الفراغات بالكامل ولا يهدر شيئاً، بخلاف الأشكال الأخرى التي تترك زوايا مهملة، مشيراً إلى أن النحل يقوم بالبناء من جميع الأطراف حتى منتصف القرص بتناسق عجيب، وأن هذا البناء المعماري الفريد هو بتعليم من رب الكون جل جلاله، مستشهداً بقوله تعالى: ﴿وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾.
كما أكد أن أجود أنواع العسل ما كان في الجبال ثم في الأشجار، ولافتاً إلى ضرورة التزامنا بالقوانين التي وضعتها الدولة فيما يتعلق بالبناء المعماري لتحقيق الراحة والطمأنينة.
وأكد الدكتور هاني عودة أن سورة النحل تحوي إعجازاً علمياً وتشريعياً واضحاً، مشيراً إلى أنها تُسمى سورة النعم لأن الله تعالى ذكر فيها العديد من النعم، ودللت على وحدانية الله سبحانه وتعالى بالأدلة القاطعة التي تنفي الشبيه له في ذاته وصفاته وأفعاله.
وتابع: “السورة تحدثت عن وجوب شكر النعم واستخدامها فيما يرضي الله، وأن استخدامها في معصية الله يؤدي إلى الهلاك، كما في قصة القرية الآمنة، فلن تستقيم الحياة إلا بالتعايش مع المنهج القرآني وهدي السنة النبوية”.
وختم مبيناً أن السورة دعوة إلى مبادئ أساسية لبناء مجتمع قوي وقيم عبر التشجيع على التعاون والتنظيم وأهمية العدل والإحسان، مؤكداً أن الإحسان في العمل يؤدي لنتائج إيجابية، بينما السلوك السيئ يؤدي للعقاب.
واختتم خطيب الجامع الأزهر خطبته موصياً بضرورة السير على المنهج الصحيح الذي شرعه الله في التعامل مع الأهل والأولاد وجميع أفراد المجتمع، والدعوة إلى التمسك بخُلُق الصفح والعفو، مستدلاً بقوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ﴾، فمن صبر على الأذى نال الخير الذي كتبه الله وأودعه للصابرين.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة بوابة المصريين في الكويت ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من بوابة المصريين في الكويت ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
