تزهو مزارع تبوك بكنوزها الزراعية، في كل صيف، وتتحول حقولها إلى لوحة خضراء تزينها أشجار الكمثرى المثقلة بثمارها الفاخرة، التي يصفها المزارعون بـ«ثمار من ذهب»، إذ استطاعت منطقة تبوك بفضل مناخها المعتدل وتربتها الخصبة وجهود مزارعيها أن تنتج أجود أصناف الكمثرى، مثل «الكوميس والباين أبل»، لتغذي أسواق المملكة بمحاصيل طازجة ونوعية تجسد مكانة المنطقة كأحد أهم السلال الزراعية في الوطن.وتنتشر زراعة الكمثرى على نطاق واسع بالمنطقة، إذ تحتضن أكثر من 15 ألف شجرة، بطاقة إنتاجية سنوية تزيد على 750 طناً من محاصيل الكمثرى التي تبلغ ذروة موسم الإنتاج فيها خلال شهري يوليو وأغسطس، وفيها تصل الثمار إلى درجة النضج المثلى من حيث الطعم والحجم واللون.ويأتي هذا التنوع الزراعي والوفرة الإنتاجية، نتيجة تكامل الجهود بين المزارعين والجهات المعنية، وفي مقدمتها فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة تبوك، الذي يؤدي دوراً محورياً في توعية وإرشاد المزارعين بأفضل الممارسات الزراعية الحديثة.وتشمل هذه الجهود تقديم التوجيهات حول طرق الزراعة والري المثالية بما يتناسب مع طبيعة المناخ المحلي، إلى جانب تحديد أنسب أنواع الأسمدة العضوية والكيميائية، لدعم نمو أشجار الكمثرى، كما يعمل الفرع بشكل مستمر مع المزارعين على مكافحة الآفات الحشرية والأمراض الفطرية التي قد تؤثر في جودة المحصول، من خلال برامج وقائية وعلاجية تضمن سلامة الأشجار والثمار على حد سواء.وتتميز منطقة تبوك بأنها تضم بيئة زراعية خصبة وغنية، جعلت منها وجهة مفضلة للمستثمرين والمزارعين، إذ يبلغ عدد المزارع في المنطقة اليوم أكثر من 14 ألف مزرعة، تمتد على مساحة شاسعة تزيد على 270 ألف هكتار. وتتنوع هذه المزارع في إنتاجها لتشمل إلى جانب الكمثرى العديد من المحاصيل الأخرى كالخوخ والمشمش والعنب والخضروات بمختلف أنواعها.ويؤكد فرع وزارة البيئة بالمنطقة أن ما تحقق من إنجازات زراعية في تبوك يجسد رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز استدامة الموارد الطبيعية، وتحفيز الاقتصاد المحلي من خلال الاستثمار في القطاعات غير النفطية، ومنها الزراعة، كما أن الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة -أيدها الله- بهذا القطاع، والدعم الذي يحظى به المزارعون من برامج تمويلية وإرشادية وتدريبية، ساهم في رفع كفاءة الإنتاج الزراعي وتحسين جودة المحاصيل، لتصبح منافسة للمنتجات المستوردة في الأسواق المحلية.ومع تزايد الطلب على المنتجات الزراعية الطازجة ذات الجودة العالية، تواصل منطقة تبوك ترسيخ مكانتها بوصفها مركزاً زراعياً متقدماً على خارطة المملكة، بفضل تكامل عوامل الطبيعة والإنسان معاً، لتقدم نموذجاً ناجحاً للزراعة المستدامة التي تجمع بين الأصالة والتجديد. أخبار ذات صلة