عرب وعالم / الامارات / صحيفة الخليج

أكاديميون: الذكاء الاصطناعي يعيد رسم العلاقات الأمريكية - الخليجية

أكد مسؤولون وخبراء من كبرى المراكز الفكرية والشركات التكنولوجية العالمية أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة باتا ركيزة رئيسية في دعم النمو الاقتصادي وتسريع التحول الرقمي وتعزيز الأمن التكنولوجي، مشيرين إلى أن الجمع بين الشراكات الاستراتيجية والحوكمة الموثوقة والتنمية الصناعية يمثل الطريق الأمثل لتحقيق النفوذ الإقليمي والدولي وضمان التوازن بين التعاون والتنافس العالمي.

جاء ذلك خلال فعاليات حوار تريندز الثاني حول الذكاء الاصطناعي، الذي نظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات في أبوظبي، تحت عنوان «الدبلوماسية التكنولوجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، بالشراكة الاستراتيجية مع مجلس الأمن السيبراني و23 جهة تكنولوجية وأكاديمية وإعلامية. وشكل الحدث منصة فكرية لتحليل السياسات واستشراف مستقبل التعاون الدولي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، بحضور عدد من رؤساء الدوائر والهيئات وكبار المسؤولين.

شارك في الحوار، ممثلون عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، إلى جانب متحدثين من غوغل وأوبن إيه آي (OpenAI) وG42 وGC REAIM وجامعة خليفة وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة نيويورك أبوظبي، مؤكدين أن الذكاء الاصطناعي أصبح محوراً استراتيجياً عالمياً يعيد تشكيل موازين القوة بين الدول، مؤثراً في سلاسل الإمداد والطاقة والحوكمة الرقمية.

وأشار المتحدثون إلى جهود الولايات المتحدة في دمج الذكاء الاصطناعي ضمن أجندتها الاقتصادية والدبلوماسية، مستشهدين بشراكة تسريع الذكاء الاصطناعي بين والولايات المتحدة، التي تهدف إلى تعزيز التعاون في التقنيات المتقدمة وحماية الابتكارات الحساسة.

الإمارات نموذج

وأجمع المتحدثون على أن تجربة الإمارات في الذكاء الاصطناعي تشكل نموذجاً متوازناً يجمع بين القدرات السيادية والشراكات العالمية، عبر إنشاء بنية تحتية سيادية للذكاء الاصطناعي ومراكز بيانات ضخمة تدعم الأمن السيبراني، وتنويع الشراكات مع الشرق والغرب، لضمان استقلال القرار التكنولوجي.

وأكدوا أن التنظيمية المرنة في الإمارات تمنحها ميزة تنافسية عالمية، وتوفر بيئة اختبار آمنة للتقنيات الجديدة، ما يعزز الثقة الدولية في بنيتها الرقمية.

واختتموا بالإجماع على أن مستقبل القوة في عصر الذكاء الاصطناعي سيتحدد بقدرة الدول على بناء قدراتها المحلية، واعتماد حوكمة شفافة ومسؤولة، واستخدام الشراكات التكنولوجية كأداة دبلوماسية لتعزيز النفوذ العالمي، حيث إن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية، بل أصبح لغة جديدة للدبلوماسية، وأداة لصياغة مستقبل أكثر توازناً وعدالة في النظام الدولي.

حوكمة أخلاقية

أجمع المشاركون على أهمية تعزيز التعاون الدولي والإقليمي في مجال دبلوماسية التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بما يضمن الابتكار المسؤول والتنمية المستدامة، ودعوا إلى تأسيس تحالف دولي لإدارة مخاطر وفرص التقنيات الناشئة، وتبني حوكمة شاملة للذكاء الاصطناعي، تقوم على الحماية والابتكار والشراكة، وإنشاء فرق عمل مشتركة لتطوير معايير المرونة الرقمية، وإطلاق سفارات رقمية، وربط الذكاء الاصطناعي بالطاقة المستدامة وتشجيع مراكز البيانات الخضراء، وتأسيس تحالف عالمي للابتكار يجمع الجامعات والشركات لتبادل المعرفة والمواهب.

التطورات التكنولوجية

في كلمته الافتتاحية، التي تم إنشاؤها عبر الذكاء الاصطناعي، أكد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن التطورات التكنولوجية المتسارعة تجاوزت كونها أدوات تقنية لتصبح أدوات قوة ناعمة قادرة على إعادة ترتيب موازين القوى التقليدية.

واستذكر العلي الحوار الاستراتيجي الأول للمركز في طوكيو، مشيراً إلى ما خلص إليه من تأكيد على الحاجة إلى معايير مشتركة للاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، موضحاً أن حوار أبوظبي يأتي في ظل تحول جيوسياسي مهم يتمثل في الشراكات الأمريكية الحديثة مع دول المنطقة، والتي وصفها بأنها أدوات استراتيجية لإعادة هندسة النظام الإقليمي اعتماداً على الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية الرقمية.

وأكد العلي أن المؤتمر يناقش محاور رئيسية تشمل العلاقات الأمريكية الخليجية المتطورة، ودور التكنولوجيا في صياغة سياسات النفوذ الناعم، والتأثيرات الجيوسياسية للذكاء الاصطناعي على الأمن الإقليمي.

الفضاء الرقمي

من جهته، تناول الدكتور محمد الكويتي، رئيس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات، التحديات والفرص من منظور أمني ودبلوماسي، داعياً إلى تأسيس إطار دولي مستدام لتعزيز الثقة والتعاون في الفضاء الرقمي، وحماية المجتمعات من الفجوة التقنية بين الدول.

وأكد أن الدبلوماسية الرقمية أصبحت اليوم عنصراً أساسياً مكملاً للدبلوماسية التقليدية، إذ أضافت قضايا الأمن السيبراني وأمن المعلومات إلى أجندة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أن قوة الدولة التكنولوجية أصبحت معياراً لمكانتها الدبلوماسية.

وأوضح أن التقنيات الحديثة تسهم في دعم العمل الدبلوماسي واتخاذ قرارات أكثر كفاءة، محذراً في الوقت ذاته من التهديدات الجديدة كالحرب الإلكترونية وحملات التضليل وهجمات الفدية.

التحول الرقمي

وشهدت الجلسة الحوارية، التي أدارتها اليازية الحوسني، باحثة رئيسية في «تريندز»، مداخلة من زياد جمال، المدير العام لشركة غوغل كلاود في الإمارات وبلاد الشام وشمال إفريقيا، ركز خلالها على تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على الدبلوماسية الإقليمية واستراتيجية لدعم النمو في المنطقة.

وأكد زياد جمال أن نفوذ الدول يقاس اليوم بالبنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي، موضحاً أن جوجل أطلقت مبادرة فرصة الذكاء الاصطناعي لتدريب أكثر من مليوني شخص منذ 2018، مع استثمار 16 مليون دولار لدعم التدريب والبحث العلمي.

وشدد على أهمية التنظيم الفعال والثقة لتبني التكنولوجيا، داعياً إلى وضع لوائح مرنة تواكب التطورات، مشيراً إلى جهود جوجل في توطين الذكاء الاصطناعي للغة العربية عبر إدماجها في نموذج Gemini بالتعاون مع مؤسسات بحثية إقليمية.

التعاون الاستراتيجي

وناقشت الجلسة الأولى أولويات العلاقات الأمريكية الخليجية من الابتكار التكنولوجي إلى التعاون الاستراتيجي.

وقال بلال صعب، مدير مكتب تريندز في الولايات المتحدة: إن العلاقات بين الجانبين تشهد تحولاً من حماية المنشآت النفطية إلى حماية مراكز البيانات والبنى التحتية للذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن الأمن ما يزال الركيزة الأساسية، فيما تعد التقنيات الناشئة محفزاً لتسريع التعاون الدفاعي.

من جانبها، أوضحت منى يعقوبيان، من مركز CSIS أن المنطقة تمر بلحظة مفصلية تعيد تشكيل ملامحها، حيث باتت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في قلب استراتيجيات التنويع الاقتصادي، مشيرة إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تركز على الشراكات الاقتصادية والأمنية، مع اعتماد التكنولوجيا أداة للنفوذ والتنمية.

أما أليكسيس بونيل من OpenAI فأكدت أن نجاح الشراكات في الابتكار يعتمد على الثقة والرؤية المشتركة، داعية إلى التركيز على بناء القدرات البشرية والتشريعات الذكية إلى جانب التطوير التقني.

أبعاد جيوسياسية

وأدار الجلسة الثانية عبدالعزيز الشحي، نائب رئيس قطاع البحوث في تريندز، وتحدث خلالها عدد من الخبراء حول دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل التعاون والمنافسة الدولية.

وأشار الدكتور إبراهيم سعيد الحجري، رئيس جامعة خليفة، إلى ست ركائز أساسية مكنت الإمارات من الريادة في الذكاء الاصطناعي، تشمل النظيفة، وإنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي، وتطوير النماذج اللغوية السيادية، وجذب المواهب، وإنشاء بيئات اختبار مرنة.

من جانبها، وصفت البروفيسورة صوفيا كالانتزاكوس من جامعة نيويورك أبوظبي التنافس بين الولايات المتحدة والصين بأنه منافسة مفرطة للسيطرة على القرن الحادي والعشرين.

أما هنرييتا ليفين من CSIS فاعتبرت أن السباق الحالي يشبه سباق الفضاء، إذ تسعى الولايات المتحدة إلى تطوير الذكاء الاصطناعي العام AGI بدافع من أسواق رأس المال، بينما تركز على التطبيق العملي السريع لتحقيق مكاسب إنتاجية.

من جهته، حذر ياسين وتلال، رئيس هندسة الأنظمة في شركة كراودسترايك، من أن الجهات المهددة بدأت بالفعل استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجمات الإلكترونية.

وأشار عبدالله الخاجة، باحث في تريندز، إلى أن إطلاق ChatGPT عام 2022 أطلق سباقاً عالمياً للذكاء الاصطناعي يستدعي تشريعات دولية أكثر شمولية ومرونة.

القوة الناعمة

وناقشت الجلسة الختامية، كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية تعريف القوة الناعمة والدبلوماسية العالمية.

وشارك فيها كل من الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز الدراسات المستقبلية بجامعة دبي، وويل تودمان من CSIS، وسامي حدادين من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ونجلاء المدفع من «تريندز».

وأكد المتحدثون أن التكنولوجيا أصبحت أداة جديدة للتأثير الدولي، مشيرين إلى مبادرة ستارغيت بين الإمارات OpenAI ومايكروسوفت كنموذج للتوازن بين الشراكة والاستقلال الرقمي، موضحين أن الإنسانية التكنولوجية تمثل جوهر القوة الناعمة الرقمية للإمارات القائمة على التعليم والأخلاق والاستشراف لبناء مستقبل مشترك.

القوة الناعمة الجديدة

وخلص الحوار إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح مصدر القوة الجيوسياسية الجديد، متجاوزاً الموارد الطبيعية والقوة العسكرية، ولم يعد مفهوم القوة الناعمة يقتصر على الثقافة والتعليم، بل يشمل أنظمة الهوية الرقمية والخدمات الذكية ونماذج الذكاء الاصطناعي.

وحذر الخبراء من تصاعد ما أطلقوا عليه القوة الحادة Sharp Power، حيث تسعى بعض القوى الكبرى إلى فرض تبعية رقمية عبر تصدير نماذج تكنولوجية غير شفافة.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا