الارشيف / اقتصاد / ارقام

متى تفيد الثقة المتداول في سوق الأسهم؟ ومتى تؤذيه؟

  • 1/4
  • 2/4
  • 3/4
  • 4/4

يُقال -عن حق- إنه كلما ازداد المرء علمًا شعر بأن ما لديه من العلم قليل، حتى أن بعض ذوي المعارف الواسعة يعانون من "متلازمة المحتال" التي تشير إلى امتلاك شخص للمعارف اللازمة للتفوق في مجال ما، غير أنه يشعر باستمرار أنه غير كفء له، وذلك بسبب معارفه الواسعة وليس العكس.

 

وفي المقابل، فإن كثيرًا ممن يفتقرون إلى المعارف يتمتعون بثقة كبيرة في تحركاتهم، اعتقادًا منهم بأنهم يعرفون "كل شيء"، ويؤثر هذا على كافة المجالات بما في ذلك أسواق الأسهم، حيث شهدت السوق الأمريكية مثلاً صعودًا استثنائيًا للغالبية الكاسحة من الأسهم بسبب انضمام المبتدئين إلى السوق، وإصرارهم على أنها سوق صاعدة بغض النظر عن أي شواهد أخرى بما أدى لصعود السوق ولكن لتراكم مخاوف من انهيار كبير لاحق.

 

 

خسائر بسبب الثقة في "ماسك"

 

وعلى سبيل المثال كشف استطلاع للرأي بين الذين أشهروا إفلاسهم من الأمريكيين أن 23% يرون أنهم "يتقنون" المهارات المالية والاقتصادية إلى "أعلى درجة"، وأن النسبة الباقية تعتقد أن لديها معرفة "جيدة" أو "جيدة للغاية" بالاقتصاد والشؤون المالية، بينما لم تُقر إلا نسبة ضئيلة بجهلها بقواعد الاقتصاد والشؤون المالية.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

كما كشف استطلاع لهيئة تنظيم أسواق المال الأمريكية أن 64% من المتداولين في السوق يرون أن مهاراتهم الاستثمارية "عالية"، وأن 46% من المتداولين لديهم الثقة في التصرف بناء على مهاراتهم المالية فحسب، وأن هذه النسبة ترتفع بشدة بين صغار المتداولين سنًا عن كبارهم.

 

وهناك مثال حديث لافت للغاية في كيفية تأثير الثقة المبالغ فيها في النفس وفي التقديرات على القرارات الاستثمارية بشكل سيئ، حيث يحوز "إيلون ماسك" على درجة كبيرة من الشعبية بين المستثمرين قليلي الخبرة، والذين يتمتعون بثقة كبيرة في أنفسهم بالسوق الآسيوية بما تسبب في خسارتهم لأموال كبيرة مؤخرًا.

 

فمع إعلان "تسلا" في أواخر شهر يناير 2024 عن عجزها عن تحقيق مبيعاتها المرجوة، انخفضت أسهم 3 شركات صينية مصنعة لمكونات السيارات الكهربائية لصالح الشركة الأمريكية بنسبة 7% في يوم واحد، وواصلت شركتان منهما الانخفاض بنسبة تعدت 17% خلال أسبوع واحد بسبب المخاوف من تأثيرات تقلبات مبيعات "تسلا" على تلك الشركات.

 

وعلى الرغم مما يثيره هذا الأمر من الحديث حول الأسهم المرتبطة ببعضها البعض أو "السهم التابع"، فإنه يثير أيضًا فكرة أن "إيلون ماسك" يحظى بثقة كبيرة في السوق الصينية دفعت كثيرين إلى شراء أسهم الشركات المستفيدة من صعود شركته محملين بثقة كبيرة –غير مبررة بالضرورة- في عدم تراجع أسهمها.

 

الثقة والتحرك في "جموع"

 

وكانت الثقة الزائدة أيضًا سببًا رئيسيًا في ارتفاع "أسهم الميم" بين عامي 2020 - 2022 قبل أن تبدأ في التراجع في نهاية 2022، حيث ساد الاعتقاد بين 90% من المتداولين أن هذه الأسهم رخيصة الثمن بمثابة "فرصة شراء مؤكدة"؛ لأنه ليس بوسعها تكبد المزيد من الخسائر وأن اتجاهها المحتمل الوحيد هو الصعود.

 

 

وخالفت النتائج الواقعية هذا الأمر، حيث فقد أكثر من 95% من تلك الأسهم ما جنته من ارتفاعات بسبب المستثمرين قليلي الخبرة كبيري الثقة، بل وأصبح الكثير منها بمثابة منطقة محظورة لفترة على المستثمرين الجادين، حيث أصبحوا يخشون تأثيرات مثل تلك التحركات التي تشبه "الموضة" على السهم سواء بارتفاعه بشكل مبالغ فيه أو في انخفاضه بشكل غير مبرر.

 

ويثير الحديث عن الصيحة في السوق أيضًا مسألة مهمة للغاية متعلقة بالاستثمار في وقتنا هذا، حيث إن الحركة ضمن جموع السوق -أو القطيع كما يشار إليه باللغة الانجليزية- تعطي طمأنينة بمنطق أن الشخص "ليس وحده" ومع شيوع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ازدادت تلك الظاهرة بشدة.

 

وهنا يجب التنويه إلى أن دراسات عدة أشارت إلى تأثير سلبي للغاية لوسائل التواصل الاجتماعي في هذا الأمر، حيث يستقي 70 - 85% من رواد تلك المواقع حاليًا غالبية معلوماتهم منها، وهو أمر ينعكس على كافة مناحي الحياة بما في ذلك أسواق الأسهم بالتأكيد.

 

والأزمة الحقيقية أن من يحصل على معلوماته من وسائل التواصل الاجتماعي يتصرف بثقة كبيرة للغاية، حيث تؤدي الخوارزميات إلى ظهور نفس المعلومة للمتلقي أكثر من مرة على أكثر من صفحة أو حساب بما يجعله يثق بها بشكل كبير، ويثق بتحركاته في السوق تاليًا، على الرغم من أن مصدر هذه المعلومة غالبًا ما يكون شخصا واحدا أو صفحة واحدة ولكن بتكرار نفس المعلومة أو التحليل (الخاطئ غالبًا) تصنع تياراً كاملاً.

 

الثقة الإيجابية

 

والشاهد أن الثقة مهمة للغاية في سوق الأسهم، ومن ذلك قول أحد أشهر المستثمرين في سوق الأسهم، "بيتر لينش" إنه كان يبحث باستمرار عن الأسهم المؤهلة لكي ترتفع بنسبة 1000% على المدى الطويل، ولذلك كان ينصح عملاءه بعدم بيع الأسهم حتى لو ارتفعت بنسبة 100% ثقة في تحليله بأنها ستستمر في الارتفاع.

 

 

وحتى حال تراجع السهم، كان "لينش" يقول إنه في حالة التراجع الحاد أو لفترة طويلة نسبيًا كان يعود لدراسة أساسيات الشركة التي دفعته للاستثمار فيها، فإن وجد أن التراجع بلا أسباب قوية على الأرض وبسبب متغيرات حقيقية استمر في الاحتفاظ بالأسهم أيضًا بسبب ثقته في تحليلاته للأسهم.

 

ولكن في المقابل فإن 85% من المستثمرين الذين خسروا أموالهم إبان فقاعة "دوت كوم" قالوا إنهم أعطوا ثقة كبيرة للغاية تجاه أسهم التكنولوجيا التي "ستستمر دومًا في الارتفاع"، وبالتالي عند انقلاب المنحنى أصر كثيرون على الاحتفاظ بالأسهم على اعتبار أن التراجع مؤقت، وعند التأكد من وجود فقاعة كبيرة بدأوا بالبيع، ولكن بعد تراجع الأسعار بشكل حاد وبالتالي تكبدوا خسائر كبيرة.

 

وكثيرًا ما يتسبب النجاح "غير المنتظر" والمبني على المصادفة أيضًا إلى تكوين الثقة غير المبررة، ومن ذلك أن دخول الكثير من المستثمرين غير ذوي الخبرة إلى السوق الأمريكية في بداية وباء ، حيث أدى ذلك إلى سوق صاعدة بالنسبة لـ96% من الأسهم خلال عام 2020 في ظاهرة لم تحدث قط في تاريخ الأسهم الأمريكية.

 

آثار سلبية

 

المبتدئون الذين دخلوا إلى السوق وضخوا أموالًا جديدة وكثيرة أوجدوا اتجاهًا صاعدًا بشكل واضح، مع أن كثيرا منهم دخلوا السوق في ظل ارتفاعات قياسية، وبالتالي تمتعوا بثقة "غير مبررة" نظرًا للطلب الجديد المفاجئ والمتصاعد.

 

 وتسبب ذلك في تراجع السوق بنسبة 20% بين نوفمبر 2021 ويونيو 2022 لتخرج نسبة كبيرة من تلك الأموال خاسرة، قبل أن تستمر السوق الأمريكية في الارتفاع لاحقًا بفعل حقائق الاقتصاد وأرقام التشغيل وغير ذلك.

 

 

فـ"لينش" تمتع بثقة في تحليلاته قادته للمكاسب الاستثنائية، بينما الكثير من المستثمرين يثقون في "اتجاه السوق" وهذا أمر يتسبب في الأخطاء التالية:

 

التداول من دون خطة: قد يعتقد المتداولون المفرطون في ثقتهم أنهم لا يحتاجون إلى خطة تداول، مما يعرضهم لخطر اتخاذ قرارات اندفاعية دون تحليل السوق.

 

تجاهل علامات التحذير: قد لا يرى المتداولون المفرطون في ثقتهم علامات الخطر في السوق، مما قد يؤدي إلى خسائر كبيرة.

 

المبالغة في تقييم قدراتهم: قد يعتقد المتداولون المفرطون في ثقتهم أنهم أفضل من غيرهم، مما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة.

 

المخاطرة بأكثر مما يمكنهم تحمله: قد يميل المتداولون المفرطون في ثقتهم إلى المخاطرة بأكثر مما يمكنهم تحمله، مما قد يؤدي إلى إفلاسهم.

 

وأهم مخاطر الثقة الزائدة أنها عادة ما تترافق مع رفض الاستماع لنصائح الآخرين –ليس بالضرورة العمل بها إن لم تكن جيدة-، وهو أمر حيوي للغاية، فغالبية الناجحين عموما وفي سوق الأسهم خصوصًا بنوا نجاحهم على تجنب الوقوع في الأخطاء التي وقع فيها من سبقهم.

 

المصادر: أرقام- دراسة " Overconfidence and disposition effect in the stock market: A Micro world based setting"- سي.إن.بي.سي- كابيتال- كوربريت فاينانس إنستيتوت

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا