الارشيف / اقتصاد / ارقام

في سوق الأسهم .. كيف تصبح الخسائر طريق المتداول لتحقيق الأرباح؟

  • 1/4
  • 2/4
  • 3/4
  • 4/4

صاغ الملاكم الراحل محمد علي أحد أشهر الحكم على الإطلاق في مقولته "لقد كرهت كل دقيقة من التمرين، لكنني كنت أقول لنفسي اتعب الآن وعش بطلًا بقية عمرك".. ويمكن القول إن هذه هي الرسالة التي يجب أن يتذكرها أي شخص في مواجهة أي معاناة تعينه على التعلم.

 

وبإسقاط هذه العبارة على سوق الأسهم والمتداولين فيها، يبدو أن المعاناة الرئيسية هي مع الخسائر، والتي تعد الثمن الذي يدفعه الكثير من المتداولين بغية تطوير مهاراتهم الاستثمارية وتحقيق النجاح في السوق، وإن كان البعض يكتفون بتكبد الخسائر دون التعلم منها، وآخرين أكثر "حكمة" بتعلمهم من أخطاء الغير.

 

 

النجاح له سبب

 

وهناك البعض ممن يرفعون شعار "العاقل من اتعظ بغيره" أي أنهم لا يلزمهم الوقوع بأنفسهم في الأخطاء كي يتجنبوها، ومن ذلك صندوق "باينستون أسيت مانجمنت" الكندي لإدارة الأصول والذي يتحكم في إدارة أكثر من 50 مليار دولار وحقق نجاحات لافتة في السنوات الأخيرة.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية أطلقت الشركة، عام 2009، أكبر صناديقها والذي يعنى بالاستثمار في الأسهم العالمية، وحقق متوسطاً ايجابياً يبلغ 15.4% منذ إطلاقه ولم يتمكن بهذا من هزيمة السوق فحسب، ولكنه حقق عائدًا متوسطًا يفوق الكثير من مؤشرات الاستثمار الرئيسية الهامة.

 

ويُمكن إرجاع هذا الأمر إلى الاستراتيجية التي تتهجها الشركة بعدم التنويع الكبير غير البناء لاستثماراتها، فهي تستثمر في عدد محدود من الأسهم وتُبقي على حيازاتها من تلك الأسهم لفترات طويلة تتخطى 20 عامًا في بعض الحالات، وتدرس وضع تلك الشركات القليلة –ولأنها محدودة العدد، فدراستها أسهل- باستمرار للتأكد من مستقبلها.

 

ومما يمكن تعلمه أيضًا من أخطاء الآخرين هي التنبه لما أطلق عليه رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق "آلان جرينسبان" حالات "الوفرة غير العقلانية"، والتي قصد بها أن السوق قد يبدو محققًا لوفورات كبيرة، ليس لأن حقائقه تقتضي ذلك، ولكن لأن غالبية المتعاملين قرروا اتجاهًا صعوديًا له.

 

الخسارة بسبب تيار البيع

 

ولذلك وصل مضاعف الربحية المتوسط لمؤشر ستاندرد أند بروز 500 إلى أكثر من 39 على الرغم من أن الاقتصاد لم يكن في أفضل حالاته في ظل الإغلاق بسبب وتحديدا في نوفمبر 2020، وعلى الرغم من ارتفاع التشغيل بعدها وسيادة مؤشرات اقتصادية إيجابية للاقتصاد  الأمريكي إلا أنه تراجع إلى 23 في نهاية العام المنصرم .

 

وبسبب عدم التنبه إلى ما يقول عليه بعض المتابعين "ارتفاع درجة حرارة السوق" أي أن الأسهم مُقيّمة بأعلى من قيمتها الحقيقية، فإن أكثر من 95% ممن دخلوا السوق الأمريكي إبان "فورة شراء" كورونا خسروا أموالهم مع أول سوق تصحيحي خلال عامي 2021 و2022.

 

 

فالكثير من المضاربين يلجأون إلى وضع نسبة معينة من الأرباح التي يحققها من السهم وليكن 15% ليقوم ببيعه بعدها بغض النظر عن تقييمات مستقبل السهم الواقعية، مستغلًا في ذلك حالة السوق التي تدفع جميع الأسهم للارتفاع بغض النظر عن حقائق كل سهم بشكل منفصل.

 

وفي ظل سوق صاعدة يظهر تيار البائعين مع رغبتهم في استغلال الوصول لبعض القمم، ومع كثرة البائعين يبدو كما لو كان تيارًا واحدًا يؤدي إلى هبوط السوق، وأدى هذا الأمر لظهور 24 سوقًا تصحيحيًا للأسهم الأمريكية منذ عام 1974 تراجعت فيها بنسب ملحوظة في أعقاب ارتفاعها بشكل كبير.

 

والشاهد أن هذه السوق كان التراجع فيها بنسبة 10% فحسب، لكنها لا تصل إلى 20% وإلا اصبحت سوق دببة، تثير مخاوف الكثير من المستثمرين قليلي الخبرة ومن ثم يعمدون إلى بيع حيازاتهم رغبة منهم في تلافي تكبد المزيد من الخسائر مستقبلًا.

 

الاحتفاظ بأسهم "أبل"

 

هذا ما يحدث للمستثمر قليل الخبرة، أما مستثمر مثل "وارين بافيت" فقد خسر قرابة 36 مليار دولار في عام 2022 في استثماراته في أسهم شركة أبل، بسبب الانخفاض الكبير في سعر السهم خلال هذا العام، وحجم استثماراته الكبير فيه وبدأت الكثير من الأصوات تطالب "عراف أوماها" بالتخلي عن السهم.

 

فماذا كان رد فعله؟ أبقى على حيازاته من أسهم أبل، لأن أساس حيازاته لها مازال قائما، وعادت أسهم الشركة للارتفاع مجددًا لتبلغ نفس المستويات المرتفعة السابقة التي بلغتها في نهاية 2021 والتي أدى التراجع عنها إلى خسارته الكبيرة في 2022، مع ملاحظة أن رأسماله في "أبل" تضاعف عشرات الأضعاف منذ قرر الاستثمار فيها ولذلك فإن التقييم بعام أو عامين ليس منطقيًا ولكنه مؤشر للتمسك بالقرارات الاستثمارية لتجنب الخسائر.

 

ويشير تقرير لشركة "تشارلز شواب" أن أكثر من 90% من المتداولين الناجحين في سوق الأسهم عانوا خسائر –بعضها كبير- في بداية تداولاتهم وأن هذا أمر طبيعي في ظل عدم تواجد الخبرات العملية للتعامل مع السوق، وعدم اختبار الكثير منهم لأنفسهم بشكل واقعي في السوق في ظل سيطرة "العواطف" القوية على المتداول بشكل يصعب السيطرة عليه في البداية.

 

فمع الخسارة تكون هناك حاجة أكبر لإعادة تقييم المنهج، لاسيما أن أكثر من 70% من المتداولين يدخلون سوق الأسهم على أمل تحقيق أرباح كبيرة سريعة، ولكن قليلين هم من يتمكنون من فهم أن هذا غير واقعي، ويبدأون في تكييف.

 

سورس "الخاسر"

 

ويمثل الملياردير الأمريكي"جورج سورس" حالة لافتة في الاستفادة من الأخطاء، فعلى الرغم من شهرته بأنه مضارب ناجح باستمرار إلى الحد الذي أوصله لتحقيق مكاسب ضخمة من الرهان ضد الإسترليني وبنك إنجلترا، ولكن ما يجهله كثيرون أنه تكبد أحد أكبر الخسارات في تاريخ البورصات على الإطلاق بخسارته 30% من رأسماله خلال عمليات مضاربية في .

 

 

ففي عام 1987 خسر "سورس" حوالي 800 مليون دولار في عمليات مضاربة متنوعة في البورصة اليابانية بفعل انهيارها، وقد كان ذلك لقرار "سورس" بالتنوع "الكبير" في الاستثمارات ولذا كان من الصعب عليه إدارة استثماراته المتنوعة هذه وخسر كثيرا منها في ظل أزمة تستدعي اتخاذ قرارات متزامنة في وقت سريع.

 

وبعدها بسنوات "ضارب" "سورس" بمعظم ثروته على الجنيه الإسترليني ليحقق أرباحا طائلة تجاوزت 1.2 مليار دولار في بضعة أيام، وعلى الرغم من أن الكثيرين يرون أن ما فعله "سورس" لم يكن أخلاقياً، وعدته المملكة المتحدة بشكل غير رسمي بمثابة "عدو للبلاد"، غير أن العبرة هنا في تغيير ما اعتاد عليه من تنوع كبير وغير مدروس كفاية لحساب استثمار مركز فحصد الأرباح.

 

أخطاء ولكن لا تفيد

 

وفي إطار الحديث عن الخسائر نتذكر مقولة المستثمر الأمريكي الشهير "جون بوغل" أنه إذا لم يكن بإمكانك تصور تكبد خسارة بنسبة 20% فإنه لا يجب عليك دخول سوق الأسهم لأنه بالتأكيد ليس مكانك، فالعبرة في سوق الأسهم ليست بالتحركات والتقلبات قصيرة المدى ولكن بتراكمات الاستثمار على المدى الطويل.

 

ويضيف "بوغل": أن الوقت صديق المستثمر وليس عدوه، قائلا: "التراكم معجزة، لذلك حتى الاستثمارات المتواضعة التي يتم إجراؤها في أوائل العشرينات (من عشرات السنين) من المرجح أن تنمو إلى مبالغ مذهلة على مدار فترة الاستثمار الطويلة".

 

والسؤال هنا: هل يوجد من لا يتعظ من أخطائه ويكررها؟.. والإجابة نعم؟ حيث تصف دراسات متعددة سلوكيات نسبة كبيرة، تتراوح بين 40-70% ، سلوك بعض المتداولين في السوق بسلوك المعتادين على الرهانات وهو سلوك يعتمد بالأساس على الرغبة في "تغير دفة الحظ" أو رياح السوق لتصبح مواتية للمتداول.

 

وهذا السلوك لا يعطي المتداول أي فرصة في تنمية رأسماله، وعلى الرغم من ذلك يستمر كثيرون في اتباعه، وذلك عن طريق خطأ اعتبار السوق "خصماً" واحداً يجب هزيمته.

 

وفي المقابل فإن المستثمر "راي داليو" مؤسس "بريدجووتر" لإدارة الأصول، وهو أحد أكبر صناديق التحوط في العالم، يؤمن  بمبدأ "الشفافية الجذرية"، حيث يشجع فريقه على التعلم من أخطائهم، حتى من خلال إعلانها أمام الآخرين، وقد ساعده هذا التعلم المستمر في التغلب على تعقيدات السوق.

 

 

ويمكن القول إن الخسارة قد تسمح للمستثمر بما يلي:

 

تحديد نقاط الضعف: فعندما تتعرض لخسارة، فهذا يفرض عليك تحليل قراراتك الاستثمارية. يمكنك تحديد الخطأ الذي حدث - هل كان البحث ضعيفًا أم الاندفاع خلف الاستثمار العاطفي أم مطاردة اتجاه السوق؟

 

تعديل النهج الخاص بالمتداول: بيئة السوق تتغير باستمرار، ويمكن أن تسلط الخسائر الضوء على الحاجة إلى تكييف نهجك الاستثماري، فربما تحتاج إلى تنويع محفظتك الاستثمارية بشكل أكبر، أو التركيز على فئات الأصول المختلفة.

 

تطوير التحكم العاطفي: يمكن أن تكون الخسارة حافزًا قويًا لتطوير التحكم العاطفي، فمن خلال التعرض للخسائر، يتعلم المستثمرون البقاء منضبطين مع تجنب البيع بدافع الذعر أثناء فترات الركود في السوق.

 

مهارات إدارة المخاطر: يمكن للخسائر أن تسلط الضوء على أهمية إدارة المخاطر، حيث يمكن للمستثمرين إعادة تقييم قدرتهم على تحمل المخاطر وتنفيذ استراتيجيات مثل التنويع أو أوامر وقف الخسارة لإدارة المخاطر بشكل أفضل في الاستثمارات المستقبلية.

 

المصادر: أرقام- واي تشارت- بلومبرج- تشارلز شواب- سي.إن.بي.سي

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا