الارشيف / عقارات / متر مربع

عبد الفتاح الجبالى : الموازنة العامة …. أخطاء شائعة!!

عبد الفتاح الجبالى
الموازنة العامة …. أخطاء شائعة!!

” ان الحقيقة لا تنتشر دائما حيث ان المشعوذين والجهلاء يملكون القدرة على جعل الناس يصدقونهم من الناحية الظاهرية وغالبا ما يكون لديهم القدرة على اقناع الافراد بانهم مثالا للحكمة”.

 

بهذه العبارة البليغة يلخص لنا المفكر الاقتصادي الشهير بول كروجمان ما يحدث في واقعنا المعاصر، حيث ينتشر عبر الاعلام المسموع والمرئي والمقرؤ، العديد من الافراد الذين يفتون في العديد من الأمور دون ادنى معرفة بالمبادئ الأساسية لها،

 

وقد انتشرت هذه الظاهرة مؤخرا مع الزيادة الكبيرة فى البرامج الحوارية ووسائل الاعلام الأخرى، مما يثير البلبلة والفوضى ويجعل النقاش لا فائدة منه ويفقده الكثير من أهدافه العلمية والعملية الامر الذى اثر بالسلب على إمكانية الحوار الموضوعي والجاد في قضايانا الأساسية.

 

ومناسبة هذا القول ترجع الى ان هذه الفترة من كل عام هي بداية الحوار المجتمعي حول مشروع الموازنة العامة للدولة الذي تقترحه الحكومة ويعرض على البرلمان تمهيدا لإقراره والعمل به مع بداية السنة المالية الجديدة.

 

ونظرا لأهمية هذه الوثيقة حيث تلعب أدوار هامة وخطيرة على كافة الأصعدة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بل وامنيا أيضا. فأنها اصبحت محور الاهتمام والتركيز. وإذا كان من الطبيعي ان تتولى السلطة التنفيذية ممثلة في ، إعداد الموازنة إلا أن هذا لا يعنى استئثارها بكافة مراحل عملية إعداد وتنفيذ الموازنة،

 

ولكن ينبغي العمل على زيادة مشاركة المجتمع كطرف فاعل ومكمل لصنع السياسة المالية. وهو ما يؤدى إلى رفع مستوى القرارات الخاصة بالموازنة. وحتى تؤتى هذه العملية ثمارها المرجوة فانه يصبح من الضروري والواجب التنبيه الى بعض الأخطاء التي يقع فيه المحللون والسياسيون الذين يتناولون هذه الوثيقة بالراي والتحليل.

 

ومن الأخطاء الشائعة في المجتمع المصري مناقشة البيان المالي الذي يلقيه المالية، باعتباره الموازنة العامة، وهذا خطأ كبير إذ أن الموازنة العامة للدولة هى الوثيقة الأساسية التي تصدر بقانون من السلطة التشريعية، ويرتبط بها مجموعة من الوثائق الأخرى وهي (منشور إعداد الموازنة. ومشروع الموازنة والبيان المالي، والموازنة المعتمدة وفقا للقانون، والتأشيرات العامة والخاصة).

 

وكل منهم له مجال للنقاش والحوار فلا يجوز مثلا مناقشة مشروع الموازنة باعتباره الموازنة المعتمدة، كما يفعل البعض، ولا ينبغي الخلط بين البيان المالي والموازنة المعتمدة. اذ غالبا ما تتغير الأرقام التي جاء بها مشروع الموازنة للحوار المجتمعي او داخل البرلمان.

 

ويرتبط بهذا خطأ ثانى يتعلق بحديث البعض عن الهيئات الاقتصادية وشركات القطاع العام باعتبارهما ضمن الموازنة وهذا خطأ شائع اذ ان الموازنة في تتكون من ثلاث موازنات رئيسية هي موازنة الجهاز الإداري وموازنة وحدات الإدارة المحلية وموازنة الهيئات العامة الخدمية.

 

اما الهيئات الاقتصادية فانها وبموجب القانون رقم 11 لسنة 1979 فهى لا تدخل في هذا التعريف ويعد بشأنها موازنات مستقلة وتقتصر العلاقة بينهما على الفائض الذي يؤول للخزانة وما يتقرر لهذه الموازنات من قروض ومساهمات.

 

وثالث الأخطاء يتعلق بالخلط بين المصروفات والاستخدامات وكذلك الخلط بين الموارد والايرادات وهو الخطأ الذى وقع فيه المصري الحالي والسابق الذى أشار الى انه تعرض الموازنة وفقا للمصروفات والايرادات وهذا غير صحيح فالموازنة تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية

 

القسم الأول منها يعنى بحركة المصروفات والإيرادات المتعلقة بتشغيل دولاب العمل الاقتصادي ويتناول هذا الجزء المصروفات العامة ( الأجور وشراء السلع والخدمات والفوائد والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية والمصروفات الأخرى والاستثمارات )

 

 

والإيرادات العامة ( وتشمل الضرائب والمنح والإيرادات الأخرى ) وهو ما ينجم عنه العجز او الفائض النقدي.

 

والقسم الثاني يتعلق بحيازة وبيع الأصول المالية، وبإضافة محصلة هذه العمليات نحصل على العجز او الفائض الكلى ثم القسم الثالث يتعلق بطرق تمويل العجز فى الموازنة. ووفقا لهذه التقسيمات يجب الملاحظة أن الموارد ليست كلها إيرادات إذ إن الإيرادات هي التي لا تنشئ التزاما بالسداد،

 

فالضرائب تعد من الإيرادات أما القروض فهي لأتعد من الإيرادات ولكنها تدخل ضمن موارد الموازنة.

 

وبالمثل ليست كل المدفوعات مصروفات فسداد أقساط القروض لا يعد مصروفا لأنه نتيجة لالتزام سابق نشا حين تسلمت الحكومة القرض، غير ان مدفوعات الدين تعتبر مصروفا.

 

ومن هنا فانه وعند تقييم الوضع المالي للدولة، عند نقطة زمنية معينة، يجب التزام الحذر بشكل خاص فى الإيرادات أو المصروفات التي تنشا من التغييرات في وضع صافي ثروة الدولة. وهي تفرقة هامة وضرورية لتقييم السياسة المالية للدولة.

 

ورابع الأخطاء ما يشير اليه البعض من ان الموازنة لا يظهر فيها رصيد الدين العام او غيره من الأرصدة وهنا يجب التفرقة بين التدفقات المالية اى حركة الأموال خلال العام، وبين الأرصدة التي تحدد فى لحظة تاريخية ثابتة،

 

فالأولى تتعامل دوريا من خلال تدفقات مالية، ولذلك فالموازنة تتعامل مع تدفقات ولا تتعامل مع الأرصدة فمثلا يظهر في الموازنة عبء الدين العام (الأقساط والفوائد) ولكن لا يظهر فيها رصيد الدين العام. وذلك على العكس من الميزانية العامة للمؤسسة أو الشركة حيث يتم إعدادها في تاريخ محدد لذلك يقال الميزانية فى 31 ديسمبر، أما الموازنة فهي موازنة العام المالي بأكمله.

 

ومن الأخطاء الشائعة الأخرى مقارنة ما ياتى في موازنات الهيئات الاقتصادية من بيانات وأرقام، بما هو في الموازنة العامة، دون الاخذ بعين الاعتبار الفرق في الأسس المحاسبية التي يقوم عليها كل منهما اذ ان الموازنة المصرية تتبع أسلوب للقيد على أساس نقدي. بينما الهيئات الاقتصادية تتبع أساس الاستحقاق وبالتالي اذا ما اردنا المقارنة فعلينا تثبيت احد المبدأين.

 

الخطا التالى هو الخلط في المفاهيم المختلفة لعجز الموازنة فمن المعروف انه ووفقاً للمعايير الدولية وتحقيق متطلبات الشفافية لكافة بنود الموازنة ومصادر التمويل وكذلك تعميق المفاهيم المحاسبية للإدارة المالية السليمة، فانه توجد مفاهيم محددة للعجز وهى العجز النقدي وهو فرق المصروفات، والإيرادات وهذا المؤشر يعكس مدى قدرة الموارد المتاحة للدولة من ضرائب ومنح وإيرادات أخرى فى تغطية أنشطة الدولة المختلفة ومن بينها الإنفاق الاستثماري.

 

ثم العجز الكلى ويشمل العجز النقدي مضافا إليه صافى الحيازة من الأصول المالية، ويتم تمويل هذا العجز من خلال الاقتراض وإصدار الأوراق المالية بخلاف الأسهم مضافا اليه صافى حصيلة الخصخصة. بالإضافة الى ذلك يوجد مفهوم العجز الأولى وهو يقيس مدى الاستدامة المالية للدولة وقدرتها على خدمة الدين العام وهكذا يتضح ان كل مفهوم من المفاهيم السابقة له استخدام محدد لتقييم واثار السياسة المالية على النشاط الاقتصادي بالمجتمع ومعرفة مكامن الخطورة والضعف.

 

وهناك خطأ اخر وهو الخلط بين الاعتمادات الإجمالية المدرجة بموازنات الجهات والاحتياطيات العامة، فالأولى تدرج كرقم مفرد في موازنات الجهات ذات البند الواحد، والتي نص عليها الدستور والقانون وهى القوات المسلحة والأجهزة القضائية، وفقا للدستور الجديد بينما تتمثل الاحتياطيات العامة في المبالغ التي توضع تحت تصرف وزارة المالية لإتاحتها خلال العام، بهدف مواجهة أية مصروفات طارئة وحتمية أثناء العام المالي.

وتبرز هذه المسالة بشدة في ضوء الخلط بين

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا