الارشيف / فيديو / صحيفة اليوم

أسلوب الكاتب والأرقام


عاتبني صديق مقرب أني لا أكتب المقالات الأدبية البحتة، وأن أسلوبي فيه نوع من الجفاف! ولعلي أتخذها ذريعة لأتحدث لكم عن موضوع «أسلوب الكاتب» على شكل نقاط سريعة «كالعصف الذهني»، وبما يسمح بها المقام والمقال. ومبتعدا عن الأرقام «كما هي طبيعة المهندس» قدر المستطاع.

أخبار متعلقة

 

من المعلوم أن بعضا من الكتّاب يحسن الصياغة والأسلوب الأدبي بالفطرة، وأن العاطفة والعقل يتصارعان في مواطن كثيرة من كتاباته. ومما يُذكر أن طه حسين كان يتفوق على العقاد «هما: كفرسي رهان» في الأسلوب الشيق والممتع، وأما العقاد فكان يتفوق في تسلسل الفكرة ومعالجتها عقليا، وبأسلوب صارم فيه القليل من الصياغة الأدبية لأنه يبحث عن المعنى أكثر من اللفظ والشكل. ولذلك يُنقل عن أنيس منصور «وكان في بداياته يُلقب بالعقاد الصغير» أنه ندم على عدم كثرة مخالطته لطه حسين كي يتعلم من المدرستين.
ولا بد من التنويه أن أسلوب الكاتب جزء من طبيعته وفكره، صحيح أنه يمكن مع كثرة المران أن يحسنه ويطوره، ولكن يظل القلم لا يطاوعه عن الخروج عن الإطار العام لطريقته في الكتابة. وللفائدة، فحتى ولو كان الكاتب عقلانيا في النقاش «كما يُقال عن أحمد أمين على سبيل المثال»، فلا يمكن أبدا تحيد العاطفة تماما، ولا تغيير الأسلوب بالكلية، ولكن يمكن تهذيبيه ودفعه نحو الحق والصواب ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
الأسلوب والصياغة بالنسبة للكاتب، كالألوان بين يدي الرسام، وكالأدوات بين يدي النحات، فكل له طريقته ولمسته وإبداعه. فحين تقرأ لمصطفى المنفلوطي فلا محالة أنك ستعرف أن تلك الكلمات العذبة والمنمقة هي أسلوبه، حيث الاهتمام البالغ والشديد بالكلمة واللفظ على حساب المعنى أحيانا، لأن جمال الكلمة بالنسبة له هي التي تفتح القلب، وتهيج العاطفة، وتحرك النفس، وتثير الدمعة، فهو يحاول الوصول إلى قلبك مباشرة بلا حواجز.
ومن المدهش حقا أنه حتى مع وجود الموهبة قد يجد البعض العسر في الصياغة والأسلوب في بعض الأوقات، فالقلم لا يطاوعك في كل حين. وعندما سُئل أحدهم أيهما أشعر جرير أم الفرزدق؟ فقال: جرير يغرف من البحر، والفرزدق ينحت في الصخر. فجرير عنده السهولة والرقة، والجمال في اختيار الألفاظ، أما الفرزدق فيبحث عن غريب الألفاظ والتعقيد، والقوة في الصياغة والتراكيب، وهذا ليس بعيب ولا نقص، فقد أصبحت ميزة فيما بعد، حيث قيل: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث اللغة. والمقصود أن الكاتب شبيه بالشاعر في محاولة التوزان بين اللفظ والمعنى أو الشكل والمضمون.
أضف إلى ما ذكرت سابقا، أن الكاتب لا يستطيع أبدا أن يخفي شخصيته الحقيقية! فمع طول زمن الكتابة سوف يتعرف القارئ لا محالة على شخص الكاتب أن كان عقلانيا أو عاطفيا، إن كان قويا أو ضعيفا، إن كان مباشرا في لغته أو يدور كثيرا حول نفس الفكرة. وكذلك سيتعرف القارئ مع طول العهد على ثقافة الكاتب وأفكاره التي تدور في رأسه! وعلى أيدولوجيته ومعتقداته حتى لو حاول أن يتصنع غيرها لأنه مع طول الأمد ستُكتشف الشخصية من بين السطور!!
ولعلي أذكرك أيها القارئ الكريم سواء كنت تميل إلى أسلوب كاتب معين أو تكره! فالقراءة لمن يخالفك الرأي حتما ستضيف لك شيئا!
ومن وجهتي نظري المتواضعة أن الكاتب الجيد هو الذي يطرق القلب أحيانا، والعقل أحيانا أخرى حسب الموضوع والفكرة، ليصل التأثير والمعنى إلى أكبر شريحة ممكنة. فأي مجتمع ينقسم تقريبا إلى 80% عاطفي، و 20% ما بين قيادي وتحليلي وخيالي، وها أنا أختم بلغة الأرقام وقد حاولت جهدي أن أبتعد عنها اليوم!
@abdullaghannam

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا