رسائل ذات أثر عميق جاءت بها أرقام الميزانية العامة للدولة في الربع الأول من العام الحالي؛ وهي ميزانية ربعية يمكن وصفها بالميزانية الحيوية، حيث لم تركن إلى أوضاع الاقتصاد العالمي والتحديات التي يواجهها اليوم، بل تفوقت هذه الميزانية بأرقامها وأوجه إنفاقها على جميع هذه التحديات؛ لتبرهن المملكة العربية السعودية أنها ماضية قدماً -بإذن الله- في تحقيق مستهدفات رؤيتها الوطنية الطموحة.
أول هذه الرسائل؛ استمرار الحكومة في استكمال مسيرة الإصلاحات التي تجريها على الجانبين الاقتصادي والمالي في ظل رؤية السعودية 2030 وتحقيق الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، والتـي تعـزز متانـة وقـوة اقتصـاد المملكـة فـي مواجهـة التحديـات والتطـورات الاقتصادية العالميـة، بينما ترتكز الرسالة الثانية على الإنفاق التوسعي والذي يحمل الكثير من الفرص للمستثمرين والقطاع الخاص من جهة، ويرتقي بمستوى الخدمات وجودة الحياة للمواطن والمقيم من جهة أخرى.
وكشفت الأرقام عن مواصلة دعم قطاعي الصحة والتنمية الاجتماعية، والخدمات البلدية كأحد القطاعات التي تساهم في تحسين ورفع جودة الخدمات العامة المقدمة للموطنين والمقيمين، وبالتالي رفع جودة الحياة وفقًا لرؤية السعودية 2030؛ حيث بلغ إجمالي الإنفاق على هذين القطاعين بنهاية الربع الأول من هذا العام نحو 87.3 مليار ريال.
وتبيّن الأرقام أيضاً عن تسجيل الإيرادات النفطية ارتفاعاً محدوداً بلغت نسبته 2% خلال الربع الأول من عام 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام 2023، إلا أن الارتفاع الأكبر سجلته الإيرادات غير النفطية والتي قفزت إلى 111.5 مليار ريال مرتفعة بنسبة 9% عن الفترة المماثلة من العام الماضي، وتُعزى هذه الزيادة إلى عدة عوامل منها استمرار تطبيق المبادرات والإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد وتعزيز الإيرادات غير النفطية المرتبطة بطبيعتها بالأنشطة الاقتصادية.
الإنفاق التوسعي الذي تحدثت عنه في مستهل المقال؛ تبرهنه الأرقام على صعيد ارتفاع المصروفات للربع الأول من هذا العام، مقارنةً بالفترة المماثلة من العام 2023، والتي سجلت قفزة تبلغ نسبتها 8%، مما يشير إلى نجاح السياســات الماليــة للمملكة في التوسـع فــي مسـتويات الإنفــاق الموجـه بشـكل رئيسـي إلـى البرامـج والمشـاريع التنمويـة والإسـتراتيجيات المناطقيـة والقطاعيـة الدافعـة لتعزيـز النمـو الاقتصـادي المسـتدام، بالإضافـة إلـى تحسـين ورفـع جـودة الخدمـات العامـة وتطويـر البنيـة التحتيـة فـي مختلف مناطـق المملكـة.
وأظهرت الأرقام أيضاً، ارتفاع الإنفاق على قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية خلال الربع الأول للعام الحالي بنسبة 22% مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، مما يؤكد حرص الحكومة في تقديم الدعم الاجتماعي للمستحقين، من خلال استمرار الدعم المالي الإضافي في برنامج حساب المواطن وزيادة الحد الأدنى الأساسي لاحتساب المعاش لمستحقي الضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى الارتقاء في تطوير مستوى الخدمات العامة المقدمة للمواطنين والمقيمين.
القفزة المتميزة في الإيرادات غير النفطية تعود بشكل واضح إلى العمل الدؤوب على ركائز رؤية السعودية 2030، واستمرار تطبيق المبادرات والإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد وتعزيز الإيرادات غير النفطية المرتبطة بطبيعتها بالأنشطة الاقتصادية، حيث تُشير جل المؤشرات الاقتصادية إلى استمرار النمو في الأنشطة غير النفطية خلال الربع الأول من العام 2024 «مثلاً مؤشر الإنفاق الاستهلاكي نما بنحو 10.6% خلال الربع الأول، فيما نما الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص بنحو 10.1%، كما بلغ عدد المصانع التي بدأت بالإنتاج نحو 172 مصنع خلال أول شهرين من الربع الأول لهذا العام»، وغير ذلك من العوامل الداعمة.. ومن نجاح إلى نجاح.
@shujaa_albogmi