برعاية سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مركز الشباب العربي، اختتم المركز المرحلة الأولى من برنامج «القيادات العربية الشابة في القطاع الثالث»، بعد استكمال جميع مراحله، التدريبية والمعرفية والعملية، بمشاركة 24 شاباً وشابة، من 19 دولة عربية. ويُعد البرنامج مبادرة نوعية تهدف إلى تأهيل جيل من القيادات الشابة العربية العاملة في القطاع الثالث، بما يشمل المنظمات غير الحكومية، والجمعيات الخيرية، والمشاريع الاجتماعية، وتمكينهم من تطوير أدوات عملهم ومضاعفة أثر مبادراتهم في مجتمعاتهم، بشراكة استراتيجية مع مؤسسة إرث زايد الإنساني، ومؤسسة عبدالله الغرير، وشراكة معرفية مع عدد من المؤسسات الرائدة في القطاع الثالث.بدأ اليوم الختامي من البرنامج، بجلسة تدريبية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول موضوع «السياسات والمناصرة»، قدّمتها ليندا حدّاد، مديرة مشروع الشباب الإقليمي – برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وركّزت على الآليات العملية لفهم السياسات المرتبطة بالقطاع الثالث، وأدوات المناصرة، وكيفية تحويل المبادرات الشبابية إلى تأثير مستدام في مجتمعاتهم.وبدأت ليندا حدّاد الجلسة بالتأكيد على أن البرنامج وفّر للشباب سلسلة من الورش التدريبية المتقدمة التي مكّنتهم من فهم أعمق للتحديات المجتمعية، وآليات التعامل معها، وطرحت سؤالاً محورياً: «لو كان بإمكانك معالجة مشكلة واحدة في مجتمعك... أيّ قضية ستختار؟». وانطلقت من هذا التساؤل لفتح المجال أمام المشاركين لاستعراض أبرز التحديات، مثل التعليم، والصحة، وإدارة النفايات، وضعف الالتزام بقوانين المرور، إضافة إلى ظواهر اجتماعية، كتسوّل الأطفال، والتحديات التي يواجهها أصحاب الهمم.وأكدت ليندا حدّاد أن هذه التحدّيات يختبرها الشباب يومياً، مشيرة إلى حاجتهم إلى جهات تعالج تلك الإشكاليات.وقالت: «هنا يأتي دور السياسات، ودوركم أنتم في صياغتها». ولفتت إلى أن صناعة السياسات تبدأ بفهم مراحلها الخمس: صياغة الأجندة، العصف الذهني للحلول، موافقة متخذي القرار، تنفيذ الجهات المعنية، ثم قياس النتائج والتحقّق من التأثير. الشباب والعمل الإنسانيواستكمل المشاركون تدريبهم المتخصص مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبر جلسة قدّمتها ليال وهبة، أخصائية الشباب الإقليمي، التي أوضحت أن رسم السياسات لا يقتصر على البرلمانات، والوزارات، والجهات الحكومية، بل يشمل الإعلام ومجموعات المصالح ومنظمات المجتمع المدني، مؤكدة على الدور المحوري والأساسي الذي يلعبه الشباب، حيث إنهم يشكلون النسبة الأكبر من مجموع القوى البشرية في العالم العربي. وتطرّقت ليال وهبة إلى مفهوم المناصرة، ودورها في التأثير في صناع القرار، والفروقات بينها وبين النشاط المجتمعي، مشدّدة على أن المناصرة الفعّالة تقوم على الأدلة والبيانات والقصص الحقيقية.وفي إطار الجلسات، استضاف البرنامج أحمد الهنداوي، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا الشرقية، في منظمة إنقاذ الطفل، الذي قدّم مداخلة حول دور القيادات الشابة في العمل الإنساني والتنموي، وأهمية بناء الشراكات الفاعلة، وتوسيع أثر المبادرات في القطاع الثالث، مؤكداً أن البرنامج يشكل خطوة مهمة في تمكين جيل يفهم هذا القطاع الحيوي.ونصح الهنداوي المشاركين في البرنامج، والشباب العاملين في القطاع الثالث، بقوله: «ابدأ بما لديك، لا بما تحتاج إليه»، مبرزاً أهمية توظيف الموارد المتاحة، وتحويل التحدّيات إلى منصّة انطلاق. كما تطرّق إلى تجربته في الحركة الكشفية، موضحاً أن اكتساب ثقة الناس يبدأ بالإنصات، واحترام ثقافاتهم، وفهم إرثهم، مشدداً على أن تغيير السياسات يتطلب احترام، المكان، وقيم المجتمعات.وشهد اليوم الختامي من البرنامج عدداً من جلسات التوجيه والإرشاد، بالتعاون مع مؤسسة الفنار للعمل الخيري الاستثماري، التي دعمت المشاركين في تطوير مبادراتهم قبل العرض النهائي، عبر مراجعة نماذج العمل وخطط التنفيذ، وأدوات قياس الأثر.وركّز المرشدون على تحديد خريطة طريق القيادات الشابة، وطرق التقييم، وتحديد الرؤية والأهداف، مع مناقشة نماذج من أعمال الشباب، وتحديد مجالات التحسين، إضافة إلى استعراض أثر البرنامج في طريقة تفكيرهم، والمهارات التي اكتسبوها.وقدّم البرنامج نموذجاً تدريبياً متكاملاً، استهدف تطوير قدرات القيادات العربية الشابة، وبناء مهاراتهم القيادية والمؤسسية، من خلال مسار تدريبي مصمَّم لتعزيز قدرتهم على تصميم وتنفيذ مبادرات فعّالة، تحقق أثراً مستداماً في مجتمعاتهم.وتضمن البرنامج مراحل شملت تدريباً نظرياً متقدماً، وورش عمل تطبيقية متخصصة، وزيارات ميدانية لمؤسسات عاملة في مجالات التنمية والعمل الإنساني.