اختارت التحدي منهجاً لحياتها، لم تستسلم للقيود التي تفرضها الظروف أو العمر أو الحالة الاجتماعية وصدّقت حلمها واتبعت شغفها، إنها الرحالة الإماراتية فاطمة اللوغاني التي قررت طي الصحارى، وخوض مغامرات الجبال، واستكشاف البلدان المختلفة فوق دراجتها النارية، مستعينة بإرادة فولاذية وشجاعة قهرت بها الخوف والتردد.
في السطور التالية نقترب منها أكثر ونتعرف على تجربتها وأهم رحلاتها وطموحاتها.
تطلعنا فاطمة اللوغاني على ملامح شخصيتها منذ الطفولة، وتقول:
أمتلك منذ طفولتي فضولاً أكثر من أقراني، كنت أطرح أسئلة كثيرة وأجرب أشياء غير مألوفة. كبرت على قيمة مهمة.. وهي أن الجهد والعلم يرفعان قدر الإنسان.. فاخترت أن أدرس وأطور نفسي في مجال الموارد البشرية الذي يمس حياة الناس، وشخصيتي تجمع بين الطموح الكبير والإصرار على التنفيذ، وأعتقد أن هذا ما ميزني في مسيرتي المهنية والشخصية. وما زلت أحافظ على شغفي بالدراسة وبعد حصولي على الماجستير، حالياً أحضر رسالة الدكتوراه في الموارد البشرية.
عن بداية شغفها بركوب الدراجات تقول: الشغف بدأ معي منذ سنوات طويلة، لكن ظروف الحياة ومسؤولياتي كأم وزوجة أجّلت الحلم، أكثر من 20 سنة ولم يغب حلم ركوب الدراجة عن بالي. واخترت التدريب على ركوب الدراجة، وقد يعتقد بعضهم أني اخترت الدراجة كوسيلة للهروب من روتين الحياة ولكن الحقيقة أنها كانت وسيلة أستعيد بها روحي، وأحقق حلم حياتي المؤجل.
وعن نقطة التحول من زوجة وأم إلى مغامرة ورحالة توضح:
لم يكن قراراً سهلاً. بعدما أديت كل أدواري كزوجة وأم وموظفة بمنصب قيادي، شعرت أنني في طريق مسدود والمغامرة كانت بوابتي للعودة للشغف، وعندما خضت أول رحلاتي الطويلة بالدراجة، شعرت بالتحرر من قيود الروتين والحياة التقليدية، وانطلقت لتحقيق حلمي.
وعن صعوبة بداية تحقيق حلمها في سن الأربعين تقول: بالطبع هناك صعوبة، فالبداية في ممارسة هذا النوع من الرياضات الذي يتطلب قوة بدنية وعضلية خاصة في مرحلة الأربعينات يختلف كثيراً عن ممارستها بمرحلة العشرينات. فهذه النوعية من الرحلات تتطلب لياقة أكثر، لكن على الجانب الآخر النضج والوعي يضيفان قوة وتركيزاً وقدرة على التصرف في المواقف الصعبة. ورغم أن التحديات تكون مضاعفة، فإن الشعور بالتحقق والإنجاز يكون أعمق وأكبر وأقوى ويثري الشعور بالثقة بالنفس.
أصعب الرحلات
تطلعنا فاطمة اللوغاني على أهم رحلاتها وأصعبها وتقول:
حتى الآن قطعت أكثر من 30,000 كيلومتر وزرت 20 دولة. أهم رحلة خضتها كانت من دبي إلى أربيل العراق ثم تركيا والبلقان وصولاً إلى أوروبا وكنت بمفردي وحيدة على الطريق، فهي لم تكن رحلة تتطلب مجرد عبور حدود بين الدول، بل كانت بالنسبة لي بمثابة عبور داخلي، ولأول مرة شعرت أني أتجاوز قدراتي البدنية والنفسية وأتحدى الخوف والقلق.
الرحلة القادمة
عن رحلتها القادمة وأهم طموحاتها تقول: رحلتي القادمة سأخوضها عبر جبال الألب ثم أتجه إلى ساحل البحر المتوسط وصولاً إلى المغرب، وسأهتم كثيراً خلالها بتوثيق كل لحظة برحلتي لتكون بمثابة إرث ملهم للنساء ومنتصفي العمر، الذين قد يفقدون الشغف أو يشعرون بأن الوقت داهمهم والعمر غلبهم وقد يصيبهم الإحباط وفقدان الشغف بالحياة. وطموحي أن أرفع علم الإمارات في طرق وأماكن حول العالم، لم تصل إليها نساء إماراتيات من قبل، وأبني جسوراً تربط بين القيم الإماراتية وروح المغامرة العالمية.
إصابات وتحديات
عن الإصابات التي تعرضت لها وتحدياتها توضح فاطمة اللوغاني:
تعرضت لسقطات وإصابات، فهي تعتبر جزءاً أساسياً من حياة كل راكب دراجة، لكني أتعامل معها كتجربة للتعلم. ولهذا أستعد دائماً قبل كل رحلة بتدريب بدني مكثف، وأقود دراجتي بحذر مع مراعاة قواعد السلامة والأمان. ولكن تجربتي مع الإصابة والألم علمتني الصبر وتعلمت منها أن المغامرة ليست رحلة جميلة وممتعة فقط، بل تتضمن تحديات حقيقية. ومن أهم الأمثلة التي لا أنساها، تعرضي لحادث سير أثناء خروجي من العراق واضطررت لاستكمال طريقي لمسافة 1000 كيلومتر وأنا مصابة وبدون حامٍ أمامي للدراجة. وأذكر أنها كانت أصعب كيلومترات في حياتي، ولكني أكملت طريقي بعون الله وإصراري وبدون الشعور بالخذلان.
وعن إمكانية السماح لبناتها الصغار بقيادة الدراجات ومشاركتها رحلاتها بالمستقبل تقول فاطمة اللوغاني: لن أفرض عليهم، لكن إذا رغبوا سأكون أول من يشجعهم. ورغم أني قد أخاف عليهم كأي أم، لكن الخوف يجب ألا يمنعنا من منح بناتنا الحرية المسئولة، مع التمسك بقيمنا الأصيلة حتى يعيشوا شغفهم مع الالتزام بعاداتهم واحترامهم لذاتهم.
وعن اختيارها لأصعب أنواع المغامرات وهي قيادة الدراجات في الجبال تقول:
السهل لا يترك بصمة. القيادة بالجبال تختبر الصبر والتحمل والشجاعة. وفي الوقت نفسه الطبيعة والهدوء تساعد على الشفاء من الضغوط النفسية والتراكمات. ولكوني امرأة زادت الضغوط والتوقعات، لكني حولت هذا العبء إلى دافع، أحببيت أن أبرهن على أن المستحيل يمكن قهره، بل يتحقق بالإرادة وحب الحياة.
وعن المكاسب الشخصية والنفسية من هذه التجربة الجريئة تقول:
على المستوى الإنساني، منحتني التجربة سلاماً داخلياً عميقاً. على المستوى النفسي، علّمتني أن أحتوي ضعفي وأقدّر قوتي. وعلى المستوى البدني، صرت أتحمل أكثر مما توقعت. فهي ليست مجرد مغامرة، بل هي رحلة عودة إلى نفسي، ورسالة مهمة مفادها بأن الإماراتية قادرة على القيام بكل أدوارها دون أن تتخلى عن شغفها والاستمتاع بالحرية وحب الحياة ولكن مع التزامها الكامل بالقيم والعادات.
أطرف المواقف وأصعبها
عن أطرف المواقف التي تعرضت لها وأصعبها، تقول فاطمة اللوغاني: من أطرف المواقف التي أواجهها، ما أشاهده من ردود فعل الناس على الطريق وتعليقاتهم الصريحة ودهشتهم المعلنة مثل التصريح بعبارات مثل «أنتِ إماراتية؟ وراكبة بمفردك؟»، أما أصعب المواقف فهي لحظات الوحدة أثناء القيادة على طرق طويلة ليس فيها أحد غيري، ورغم صعوبتها فإنها جعلتني أتعرف على نفسى وأكتشف قدراتي أكثر في تجربة مختلفة بالحياة، وتعلمت من هذه الأوقات كيف أستمد القوة من الله ومن داخلي.
نصيحة للسيدات
تقدم فاطمة اللوغاني نصيحة لكل سيدة عربية وتقول: الأحلام لا تموت، وحتى لو تأجلت فهي تنتظر منك اللحظة التي تمنحينها فيها فرصة للتحقق. خذي قرارك حافظي على هويتك وقيمك الإنسانية، وتذكري أن الهُوية والقوة تبدأ من الداخل وبمجرد أن تثبتي للعالم قدراتك سيفتح لك كل الأبواب.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
