هناك ألعاب لا ترافق طفولتنا فحسب، بل تنصهر داخل ذاكرتنا وتصنع لحظات تبقى معنا للأبد. كانت Metroid بالنسبة لي واحدة من تلك الألعاب التي ارتبطت بطفولة كاملة؛ تلك الأيام التي كنا ننتظر فيها نهاية الأسبوع بفارغ الصبر لأن أحد الأقارب سيزورنا، فنغوص معه لساعات داخل العوالم الغريبة ونعيش مغامرات ساموس كما لو أنها جزء من واقعنا. اليوم، ومع إطلاق Metroid Prime 4: Beyond، يعود ذلك الشعور القديم من جديد، لكن بوجه مختلف وأكثر نضجاً، وبتوجّه فني وتقني يعكس كيف تطورت السلسلة وما زالت قادرة على إثارة الدهشة. المزيد عن هذا الموضوعلعب Metroid Prime 4 Beyond عبر Amiibo يفتح فيلم خاص عادة يتطلب إكمال اللعبة بنسبة 100% تقدم اللعبة نفسها منذ اللحظة الأولى كعنوان وُلد للجهاز الجديد، فالتأخير في تطويرها بدا وكأنه نعمة خفية سمحت لعمل Retro Studios أن يتنفس، وأن يصل إلى Switch 2 بجودة بصرية مذهلة لا يمكن تجاهلها. اللعبة تبدو في أعلى مستويات Nintendo من حيث الدقة، والإضاءة، وتصميم البيئات، وتفاصيل الخوذة والمؤثرات التي تضرب عين اللاعب بكل وضوح، سواء على شاشة التلفاز أو في وضع اليد. كل مشهد تقريباً يبدو وكأنه عرض تقني هدفه الوحيد هو إظهار ما يمكن أن تصل إليه Metroid عندما تُمنح المساحة الكاملة لتبدع. تبدأ القصة عندما تنتقل ساموس بشكل غامض إلى كوكب Viewros، موطن حضارة Lamorn القديمة، لتجد نفسها أمام عالم غامض يختبئ فيه الكثير من الأسرار. تقدم اللعبة سردها بطريقة قائمة على الاكتشاف لا الإيضاح، فالتاريخ يُقرأ من خلال البيئة، والأسرار تُفهم بقدر ما يستطيع اللاعب جمعه من شذرات المعلومات. القدرات الذهنية الجديدة التي تحصل عليها ساموس تمنح بعداً مختلفاً للتعامل مع الألغاز والمنصات، وتضيف طبقة لعب جديدة تُستخدم لفتح مسارات أو كشف عناصر غير مرئية أو تشغيل أجهزة متقدمة. ورغم أن هذه القدرات ليست ثورية بالكامل، إلا أنها تندمج بسلاسة مع أدوات ساموس التقليدية وتوسّع من نطاق الاستكشاف بشكل ذكي. وبينما تبدو العودة إلى أسلوب Metroid الكلاسيكي واضحة منذ اللحظة الأولى، إلا أن تغييرات Prime 4 تظهر بوضوح في سرعة الحركة، سلاسة القتال، ودقة التحكم، إضافة إلى مواجهة الزعماء التي تُعد واحدة من أقوى عناصر اللعبة. كل زعيم يقدم أسلوب لعب مختلف، ومراحل متعددة، وطريقة خاصة لكسر دفاعاته. هناك معركة داخل بحيرة من الحمم تُعد إحدى أقوى لحظات اللعبة بصرياً، وأخرى ضد درون ضخم لا يمكن إلحاق الضرر به إلا بعد تدمير نقاط ضعفه الثلاث في الوقت ذاته. هذه المعارك تحافظ على إيقاع متصاعد وتمنح اللاعب شعوراً بالإنجاز الذي لطالما كان أحد أبرز عناصر سلسلة Metroid. أما العالم الصحراوي Sol Valley، الذي أثار ضجة كبيرة عند الكشف عنه، فهو في الحقيقة أكثر جزء تجريبي في اللعبة، وأقلها اكتمالاً. قد تبدو الدراجة VI-O-LA في البداية نظام لعب جديداً مثيراً، لكن الاستخدام الفعلي لها يتضاءل كلما تقدم اللاعب. الصحراء في معظمها مساحة فارغة تربط المناطق الأساسية، ووجودها لا يشكل تجربة عالم مفتوح متكاملة بقدر ما هو وسيلة انتقال ذات طابع بصري جميل، لكنها فقيرة على مستوى النشاطات والتفاصيل التي قد تجعلها جزءاً مركزياً من التجربة. تتوازن هذه الفجوة عندما يدخل اللاعب المناطق الأساسية؛ فهذه البيئات مصممة بعناية، وكل منها يمتلك شخصية خاصة، سواء في الإضاءة، أو الهندسة المعمارية، أو الموسيقى، أو تنوع الأعداء. منطقة Volt Forge، على سبيل المثال، تقدم مظهراً معدنياً صارخاً يمتزج مع الموسيقى الصاخبة لتكوين واحدة من أكثر المناطق تميزاً في اللعبة، فيما تقدم المناطق الجليدية والبركانية مزيجاً آخر من التنوع البصري والميكانيكي الذي يحافظ على متعة الاستكشاف بشكل مستمر. الشخصيات المرافقة تشكل إضافة لطيفة أحياناً، ومشتتة بشكل كبير أحياناً . بعضها يقدم لحظات جميلة ويضيف طابع إنساني على التجربة، بينما يقدم البعض الآخر تعليقات متكررة لا تناسب أجواء العزلة التي لطالما كانت أحد أعمدة السلسلة. أما Sylux، الخصم الذي انتظره اللاعبون لسنوات، فلم يحظ بالدور الكبير الذي كان متوقعاً له، وهو أحد العناصر التي خُذل فيها الجمهور نسبياً. ومع ذلك، فإن Prime 4 تعرف تماماً متى تبتعد عن الضجيج وتترك ساموس وحدها. لحظات الهدوء داخل الممرات المظلمة، وصوت التنفس الخافت، والضوء الذي يعكس على خوذتها، والقطع التقنية الغامضة التي تعمل بطرق لا نفهمها بالكامل… كل ذلك يذكّرنا بهوية Metroid التي تقوم على العزلة والاستكشاف والخوف غير المعلن. في النهاية، Metroid Prime 4: Beyond ليست مجرد عودة للسلسلة، بل هي إعادة تشكيل لها بطريقة توازن بين الماضي والطموح الجديد. قد لا تكون التجربة المثالية التي حلم بها الجميع، وقد تتعثر في بعض أفكارها مثل العالم الصحراوي والتوجه القصصي المتقاطع مع الشخصيات المرافقة، لكنها في أفضل لحظاتها تقترب كثيراً من روعة الأجزاء الكلاسيكية. هي لعبة تُعيد Metroid إلى مكانها الصحيح، وتضع ساموس في مغامرة تستحق انتظار السنوات الطويلة التي سبقتها.