بعد ان استعرضنا أفضل ألعاب Tactical RPG التي تقدم أعمق أنظمة التخصيص للشخصيات الجزء الأول نستكمل القائمه في الجزء الثاني. التجربة التكتيكية الأكثر نضجًا في السلسلة في Fire Emblem Three Houses تعد Fire Emblem Three Houses واحدة من أهم ألعاب النوع التكتيكي المعتمد على الأدوار. وقد ساهمت في رفع مكانة السلسلة إلى مستوى جديد بفضل مزيج قوي من القتال الاستراتيجي والسرد العميق وتطوير الشخصيات بشكل يمنح اللاعب تجربة طويلة ومتنوعة. ونجحت اللعبة في الحفاظ على جوهر السلسلة القائم على التخطيط والقرارات الصعبة مع إمكانية تفعيل نظام فقدان الشخصيات الدائم الذي يجعل كل مواجهة ذات قيمة عالية. وتتميز اللعبة بعمق كبير في تخصيص الشخصيات إذ يستطيع اللاعب تغيير وظائفهم وتحديد مسار نموهم واختيار أسلحتهم ومهاراتهم. ويؤدي هذا إلى تشكيل فريق قتالي مختلف بين كل لاعب وآخر لأن النظام يمنح حرية واسعة في بناء كل شخصية وفق طريقة اللعب التي يفضلها اللاعب. وكل تغيير في التخصيص ينعكس مباشرة على أداء الفريق في المعارك. أما الجانب السردي فهو أحد أقوى عناصر اللعبة. تبدأ القصة في الأكاديمية العسكرية حيث يختار اللاعب أحد البيوت الثلاثة. ويحدد هذا الاختيار مسار الأحداث والشخصيات التي ينتمي إليها اللاعب. كما يؤدي إلى مسارات قصصية مختلفة تماما في كل مرة تتم إعادة لعب اللعبة. ويمنح هذا التفرع قيمة كبيرة للعبة لأن كل مسار يقدم رؤية جديدة للعالم وشخصياته وصراعاته. وتضيف اللعبة عناصر اجتماعية قوية. فإدارة الوقت داخل الأكاديمية والتفاعل مع الطلاب والتحدث معهم وحل مشكلاتهم يجعل اللاعب يعيش دور المعلم ويشارك في بناء مستقبل الشخصيات. كما تساعد الحوارات والدعم بين الشخصيات على بناء روابط تقوي أداء الفريق داخل المعارك. وتقدم Three Houses معارك تكتيكية تعتمد على دراسة الخريطة وتحليل مواقع العدو واختيار التشكيل المناسب. ويحتاج اللاعب إلى التفكير في كل خطوة بسبب تنوع الأسلحة والقدرات والأدوار. كما تتطور صعوبة المعارك بشكل تدريجي مما يجعل كل انتصار نتيجة واضحة للتخطيط الجيد. وبفضل اجتماع القصة المتفرعة والتخصيص الواسع والقتال التكتيكي والعلاقات الاجتماعية تبرز Fire Emblem Three Houses كتجربة كاملة تمنح اللاعب قيمة عالية في كل ساعة يقضيها داخلها. كما تقدم مستوى من العمق يجعلها واحدة من أهم ألعاب النوع التكتيكي في السنوات الأخيرة. الأسطورة التي وضعت قواعد الألعاب التكتيكية في Final Fantasy Tactics تعد Final Fantasy Tactics حجر الأساس الذي انطلقت منه معظم ألعاب TRPG الحديثة. فهي اللعبة التي عرفت أجيالًا كاملة على هذا النوع وقدمت نموذجًا مثاليًا يجمع بين العمق التكتيكي والتخصيص الموسع والكتابة السردية التي ما زالت تُدرس حتى اليوم. ورغم مرور سنوات طويلة على صدورها إلا أنها لا تزال تحتفظ بمكانتها بوصفها واحدة من أكثر التجارب اكتمالًا في عالم الألعاب الاستراتيجية القائمة على الأدوار. وتأخذ اللعبة اللاعب إلى ساحات ذات تصميم متدرج يعتمد على الرؤية الإيزومترية. وتتحول كل معركة فيها إلى مواجهة مدروسة بين التحكم في الارتفاعات وتحليل التضاريس واختيار أفضل زاوية للهجوم أو الدفاع. ويؤدي تغيير بسيط في الموقع أو ترتيب الشخصيات إلى نتائج مختلفة تماما ما يمنح كل مواجهة شعورًا خاصًا وتحديًا متغيرًا. ويبرز الجانب التكتيكي بشكل واضح من خلال العلاقة بين القدرات والمواقع. فمهارة واحدة يمكن أن تنقذ الفريق إذا استخدمت في اللحظة المناسبة بينما خطأ واحد في تقدير المدى أو تجاهل موقع العدو قد يؤدي إلى خسارة مؤلمة. وهذا ما جعل اللعبة نموذجًا في كيفية تقديم معارك تعتمد على التخطيط الدقيق وليس فقط قوة الشخصيات. أما نظام التخصيص فهو أحد أهم أسباب شهرة اللعبة. إذ تتيح Final Fantasy Tactics للاعب بناء فريقه عبر وظائف متعددة لكل منها مسار مهاري وفلسفة قتالية مختلفة. ويمكن تغيير الوظائف وتعلم قدرات من مسارات أخرى لتشكيل شخصيات هجينة ذات أساليب فريدة. وهذا يفتح الباب أمام عدد هائل من الاستراتيجيات التي يصنعها اللاعب بنفسه. وتتميز اللعبة كذلك بسرد قوي يحمل طابعًا سياسيًا يتعامل مع الخيانة والصراع الطبقي ونزاعات العائلات والنبلاء. ويمنح هذا العمق السردي وزنًا لكل خطوة يأخذها اللاعب ويجعل العالم أشبه بلوحة شطرنج كبيرة تتحرك فيها القوى بحسابات معقدة تتجاوز حدود المعارك. وبفضل هذا التكامل بين العمق التكتيكي والقصة القوية والتخصيص الواسع أصبحت Final Fantasy Tactics معيارًا تقاس عليه ألعاب النوع. ولم تستطع أي لعبة أخرى أن تكرر تأثيرها أو أن تقدم التجربة نفسها بالاتقان ذاته. فهي ليست مجرد لعبة كلاسيكية بل تجربة صنعت تاريخًا جديدًا للألعاب التكتيكية وما زالت حتى الآن مرجعًا لكل من يحاول تطوير لعبة في هذا النوع. التجربة التكتيكية التي تعيد بناء الجيوش وتمنح اللاعب سيطرة واسعة على ساحة المعركة في Unicorn Overlord تشتهر Vanillaware بقدرتها على تقديم أعمال ذات طابع بصري فريد وأساليب لعب مبتكرة، ورغم تنقلها المستمر بين أنواع الألعاب فإن Unicorn Overlord كانت أول محاولة كاملة لها للدخول في عالم الألعاب التكتيكية. وكانت النتيجة عملًا مميزًا أصبح بسرعة واحدًا من أفضل الإصدارات الحديثة في هذا النوع، بل ومن أقوى ألعاب Vanillaware من حيث الاتساع والتنفيذ والتصميم الاستراتيجي. تدور القصة حول شخصية Alain الأمير الذي اضطر إلى الهروب والاختفاء بعد سقوط مملكته نتيجة تمرد قاده أحد القادة الطامحين. ومع تقدمه في العمر يقرر Alain استعادة حقه الضائع بالتحرك عبر القارات والمقاطعات وتحرير المناطق واحدة تلو الأخرى. ويبدأ في بناء جيش من حلفاء جدد واستعادة دعم الشعوب المهزومة على أمل استعادة عرشه. ورغم أن القصة ليست المحور الرئيسي فإنها تقدم إطارًا مناسبًا لصراعات ملحمية تعتمد على التخطيط والتنسيق بين الوحدات. وتتميز Unicorn Overlord بأسلوب معارك يعتمد على التشكيلات العسكرية أكثر من التركيز على الشخصيات المنفردة. فبدلًا من تخصيص كل بطل بشكل عميق تتوجه اللعبة نحو مفهوم أوسع وهو بناء الجيش ككل. ويعني ذلك أن اللاعب يتحكم في تشكيلات كاملة، كل منها يضم عدة وحدات، ويتم اختيار أدوارهم بما يحقق التوازن والقوة لضرب خطوط العدو أو الدفاع ضد هجماته. وهذا الأسلوب يمنح اللعبة هوية استراتيجية تختلف عن معظم ألعاب TRPG الأخرى. ورغم تركيز اللعبة على الجانب الجماعي فإن الشخصيات الفردية ليست مهمشة، فكل وحدة تمتلك قدرات خاصة ومهارات فريدة يمكن أن تقلب سير المعركة إذا استُخدمت بطريقة صحيحة. وتتميز هذه القدرات بتنوعها بين الهجومية والدفاعية والداعمة ما يجعل اختيار التشكيلة المناسبة عملية تحتاج إلى مراجعة مستمرة واستراتيجية مدروسة. وتقدم اللعبة كذلك نظام تقدم يعتمد على الاستيلاء على المناطق وبناء النفوذ العسكري. إذ تشجع اللاعب على تحرير المدن والقرى والطرق ومراكز الحكم. وكل منطقة تعود إلى سيطرة اللاعب تضيف مزايا جديدة وتفتح وحدات إضافية وتمنح موارد تساعد على تقوية الجيش وتوسيعه. وهذا يعزز إحساس اللاعب بأن جيشه ينمو بالفعل ويؤثر في موازين القوى داخل العالم. وتنعكس براعة Vanillaware في الجوانب البصرية والتقديم الفني. إذ تتميز اللعبة برسومات يدوية متقنة وتحريك انسيابي يجعل كل معركة تبدو كأنها لوحة فنية تتحرك أمام اللاعب. كما أن تصميم الشخصيات والوحوش والتضاريس يقدم تجربة غنية بصريًا تجعل الاستكشاف والقتال متعة بحد ذاتها. كاتب لاعب متمرس، أعشق ألعاب القصة، ولا أجد حرجًا في قول أنني أحب ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول أيضًا.