تمتد سلسلة God of War كأحد أعظم إنجازات صناعة الألعاب، إذ نجحت في التحوّل من ملاحم إغريقية دامية إلى حكاية نوردية عميقة تتمحور حول الأبوة ومعنى الإرث. وخلال هذه الرحلة، صاغ استوديو  Santa Monica نموذجاً يُحتذى به في السرد التفاعلي، نموذجًا بات على عاتق  Prime Video من أمازون تحويله إلى عمل تلفزيوني يُعرض على الشاشة. وبعد فترة مضطربة شهدت مغادرة المشرف الأصلي راف جودكينز، وجد المشروع استقراره أخيرًا تحت قيادة رونالد دي. مور، مع طلب رسمي لموسمين كاملين، وتعيين فريدريك إي. أو. توي لإخراج الحلقات الأولى، فيما تستعد فانكوفر لاستقبال طاقم الإنتاج الذي بدأت وتيرة تحضيراته تتصاعد.

لكن نجاح هذا المسلسل يتوقف بشكل كامل تقريبًا على الشخص الذي سيجسد شبح إسبرطة. فقد قدّم كريستوفر جادج أداءً أسطوريًا في الألعاب، ولم يُخفِ رغبته في استعادة الدور، إلا أن التلفزيون له حسابات مختلفة. جادج تحدّث بصراحة عن تحدياته الصحية السابقة، بما في ذلك عمليات جراحية كبيرة في الظهر والورك تسببت سابقًا في تأجيل Ragnarok. الالتزام بعمل حي يمتد لعدة مواسم يتطلب قدرة بدنية عالية وأداء مشاهد خطيرة لا يشبه إطلاقًا بيئة الموشِن كابتشر المريحة نسبيًا. ولهذا، من المرجّح أن أمازون تبحث عن ممثل قادر على حمل عباءة كراتوس بثقله الجسدي وعمقه العاطفي… ولأمدٍ طويل.

Olivier Richters

إذا قرّر فريق الإنتاج أن الدقة الجسدية هي المعيار الأهم، فسيكون أوليفييه ريخترز الخيار الأكثر منطقية. الرجل المعروف بلقب العملاق الهولندي يقف شامخًا بطول 7 أقدام و2 إنش، وبجسد يبدو وكأنه منحوت من صخر صلْد. وقد استغل قامته المهيبة في دوره بشخصية أورسا في فيلم Black Widow، حيث فرض حضوره على الشاشة دون حاجة لأي خدع تصويرية.

اختياره سيتيح للمسلسل الاعتماد على لقطات واسعة تُبرز الفارق الهائل بين كراتوس والعالم من حوله—وهو عنصر بصري جوهري في هوية “الإله بين البشر”. صحيح أن سجل ريخترز التمثيلي ليس غنيًا كغيره، لكنه يقدم تأثيرًا واقعيًا لا تستطيع المؤثرات الرقمية محاكاته. يُضاف إلى ذلك انضباطه كلاعب كمال أجسام محترف، ما يعني القدرة على الحفاظ على هيئة “الإله المحارب” طوال تصوير قد يمتد لستة أشهر من العمل الشاق.

قد يكون اختيارًا أكثر مخاطرة من ناحية المدى الدرامي… لكنه من الناحية البصرية، يمثل تجسيدًا حيًا لكراتوس بكل ما يحمله من ضخامة وقوة.

Tom Hardy

توم هاردي هو ذلك الممثل الذي يزدهر كلما أُتيح له أن يختفي خلف قناع أو خلف طبقة كثيفة من الملامح الجسدية الغريبة. أداؤه لشخصية باين في The Dark Knight Rises أثبت قدرته على بثّ رهبة طاغية حتى عندما يحجب القناع نصف وجهه، وهي موهبة تناسب تمامًا شخصية تُخفي عواطفها خلف جدارٍ من الصمت والصلابة.

صحيح أن هاردي أقصر من الطول “الرسمي” لكراتوس، لكن هذه مشكلة حُلّت في هوليوود منذ عقود عبر زوايا التصوير وخدع المنظور. ثم إن ما ينقصه طولًا، يعوّضه كثافةً وشراسة. قدرته على سرد الكثير من دون كلام—من خلال زمجرة، أو حركة كتف، أو انحناءة رأس—برزت بوضوح في Mad Max: Fury Road. وهذا بالضبط هو “اللغة الأساسية” لكراتوس في الحقبة الإسكندنافية.

اختيار هاردي سيكون رهانًا على المدى التمثيلي بدل التطابق الجسدي الحرفي، خيارًا يضمن أن اللحظات الهادئة بين الأب والابن ستصل إلى قلب المشاهد بأقصى قوة ممكنة.

Ethan Suplee

يُعد التحوّل الجسدي الذي حققه إيثان سوبلي واحدًا من أكثر قصص الإصرار إبهارًا في صناعة الترفيه. فالرجل الذي عرفه الجمهور طويلًا في أدوار كوميدية مثل My Name Is Earl، أعاد تشكيل نفسه خلال السنوات الأخيرة ليصبح رافع أثقال ضخمًا بعضلات ممزقة، يكاد شكله الحالي—مع لحيته الكثيفة—يقترب بشكل مذهل من نموذج كراتوس داخل اللعبة.

لكن الشكل ليس كل شيء. سوبلي ممثل مخضرم يمتلك عقودًا من الخبرة أمام الكاميرا، ويعرف كيف يوظف نظرة العين لنقل الألم، الندم، والصراعات الداخلية—وهي مهارات جوهرية في المشاهد التي يحتاج فيها كراتوس للتواصل مع أتريوس بصفته أبًا، لا آلة حرب.

سوبلي يمثل نقطة التوازن المثالية: ممثل محترف قادر على تقديم أداء عاطفي مقنع، وفي الوقت نفسه صاحب حضور جسدي مرعب يليق بإلهٍ محارب.

Winston Duke

يملك وينستون ديوك قدرة نادرة على فرض حضوره بهدوءٍ يشبه الهيبة بالفطرة؛ لا يصرخ، لا يستعرض، لكنه يملأ المكان وكأنه كتلة جاذبية خاصة به. خطف أنظار العالم لأول مرة بدور م’باكو في Black Panther، حيث وقف في وجه الأبطال الخارقين وكأنه أعلى منهم مقامًا وارتفاعًا.

بطوله الذي يبلغ 6 أقدام و5 إنشات، يمتلك ديوك الحجم الطبيعي لشخصيةٍ توصف بـ “مُدمّر العوالم”. ومع صوته العميق المجلجل، القريب جدًا من طبقة الهدير التي اعتاد محبو الشخصية سماعها، يصبح المرشح مهيأً تمامًا لتجسيد كراتوس. لكن ما يميز ديوك حقًا هو تلك الحكمة المتعبة التي تنعكس في ملامحه، ما يجعله مناسبًا لنسخة كراتوس الأكبر سنًا والأثقل تاريخًا كما ظهر في الأجزاء الأخيرة.

ديوك أثبت أيضًا أنه أكثر من مجرد ممثل أدوار أكشن؛ فقد أظهر قدرة لافتة على تقديم طبقات عاطفية معقّدة، كما في فيلم Us. فكراتوس ليس وحشًا يصرخ ويقتل فقط—إنه أبٌ يحاول كبح طبيعته المدمّرة، ورجل يحمل في داخله قوة هائلة يحاول إبقاءها مقيّدة.

وهذا تحديدًا هو النوع من الشخصيات التي يبرع وينستون ديوك في تجسيدها.

Jason Momoa

يبدو أن جيسون موموا وُلِد ليجسّد شخصية كراتوس. لقد رسّخ مكانته كـ “ملك المحاربين” في هوليوود مع إطلاق Chief of War على Apple TV+، حيث كتب وأنتج وشارك في بطولة ملحمة تاريخية دامية. أثبتت هذه السلسلة قدرته على حمل ثقل سرد قصصي محدد زمنياً، مع تحمل عبء المشاعر المرتبطة بالقيادة.

وبالاقتران مع دوره كـ آرثر كاري في سلسلة Aquaman، والمحارب الأعمى بابا فوس في See، يبدو سجل موموا كأنّه اختبار أداء دام عقدًا كاملًا لشخصية كراتوس. يجلب موموا جسدية فريدة تمزج بين القوة الهمجية وعمق روحاني مفاجئ، وهو أحد نجوم الصف الأول القلائل الذين يمتلكون الحجم الجسدي المناسب للدور دون الحاجة لخدع تصويرية، وفي الوقت نفسه كاريزما كافية لحمل امتياز ضخم.

وأخيرًا، موموا معتاد على المكياج الثقيل، وأداء المشاهد الخطرة، وتنظيم القتال بالأسلحة، مما يجعل انتقاله إلى الدور سلسًا للغاية.

أما عن رأيي الشخصي حول الممثل الأفضل للعب دور كريتوس… فإذا أردنا مزيجاً مثالياً بين القوة الجسدية، العمق العاطفي، والحضور الكاريزمي، أرى أن وينستون ديوك وإيثان سوبلي يمتلكان المرونة الدرامية المطلوبة، بينما موموا يقدّم تجسيدًا بصريًا مذهلًا لا يُضاهى. الخيار يعتمد على أي جانب تريد أن يُركّز عليه الإنتاج: الأداء التمثيلي العميق أم الشكل الجسدي المرعب.