منوعات / صحيفة الخليج

رحمة خالد ووالدتها: الاختلاف تميز

قصة كفاح ونجاح ملهمة خاضتها المصرية رحمة خالد 29 عاماً، من ذوي متلازمة داون، منذ يوم ولادتها، إذ تعرّضت لصعوبة في التعايش بشكل يضمن لها فرص تعليم وحقوقاً متساوية مثل غيرها من الأطفال. وبإصرار وكفاح ووعي والدتها مختصة التخاطب أمل عطيفة، نجحت رحمة خالد في تجاوز كل العراقيل وتحقيق حلمها لتصبح أول مذيعة تقدم مباشرة من ذوي متلازمة داون في الوطن العربي، وبطلة حاصلة على العديد من الجوائز والميداليات في السباحة وتنس الطاولة وغيرها من الرياضات الأوليمبية.
نجحت رحمة خالد في أن تمثل أقرانها من ذوي متلازمة داون كمناصرة ذاتية تعبر عنهم وعن احتياجاتهم في ملتقيات عدة، منها: مؤتمر «نحن الاحتواء» في الشارقة، حيث شاركت في تقديم حفل الافتتاح، وتحدثت في جلساته لتروي قصتها وتقدم تجربة حية ملهمة عن مشوارها ووالدتها في تحدي الإعاقة، وكيفية التعامل معها بإيجابية ونظرة تفاؤلية.
عن تمثيلها المستمر لأقرانها، قالت رحمة خالد: مشاركتي بالمهرجانات والمناسبات المهمة تمثل لي فخراً وسعادة، وأيضاً أعتبرها فرصة لإظهار قدراتنا المختلفة، وأحرص من خلال هذه الفعاليات المؤثرة على إيصال رسالة لكل المجتمعات بضرورة تغيير الصورة النمطية عن ذوي الإعاقة، خاصة فئة متلازمة داون.
وعن طموحاتها الشخصية تقول: «أحلم باستكمال مسيرتي في التعبير عن احتياجات وحقوق ذوي الإعاقة، وأن أصبح يوماً ما ممثلة سينمائية لتجسيد صورة حقيقية عن مهاراتهم وقدراتهم، وتغيير الصورة التي تروجها الدراما غالباً دون دراية، وتكرّس فكرة أننا لا نستطيع الاعتماد على أنفسنا. وعلى المستوى الإنساني، أحلم بتكوين أسرة ورعاية أبنائي على كل المستويات النفسية والرياضية والاجتماعية، وأن أمنحهم طاقة إيجابية لمواجهة صعوبات الحياة، كما حدث معي من أسرتي كلها ووالدتي بشكل خاص.
وتكشف رحمة خالد معنا بعضاً من أمنياتها فيما يخص خدمة ذوي الإعاقة وتمكينهم ودمجهم في المجتمع، فتقول: «من المهم الاستغناء عن المؤسسات الإيوائية التي تعزل ذوي الإعاقة الذهنية أو متلازمة داون بين جدرانها، لأن ذلك يمنعهم من الاندماج داخل المجتمع، ويحد من تطوير مهاراتهم النفسية والاجتماعية التي تكسبهم ثقة بالنفس وقدرة على التميز، ومن الضروري أيضاً أن يعرف المجتمع أن اختلافنا ليس عيباً بل تميز وتفرد، ويجب احترام قدراتنا ورغباتنا في الحياة، ومنحنا مزيداً من الفرص للتعبير عن ذاتنا بأنفسنا وزيادة الوعي بقدراتنا».
وعن تجربتها مع التنمر تقول: «تعرضت في سن صغيرة في المدرسة لأشكال منه، ونجحت في تجاوزها بسلام وذكاء، وأوضحت لكل متنمر جهله، وعدم وعيه بقدراتي، وأنه إذا كان يرى نفسه يفوقني ببعض القدرات، فبالقطع أنا أيضاً أستطيع التفوق عليه في مجالات أخرى، ومن هنا تحوّل التنمر إلى إعجاب وفضول من الآخرين للتعرف إلى قدراتي، وأصبحت بسبب الصبر والتفاني من المشاهير الذين يتوق بعضهم لمعرفتهم والتصوير معهم.
وتنصح رحمة خالد أقرانها قائلة: لا تجعلوا المتنمر ينجح في إيذائكم نفسياً، بل التمسوا له العذر لجهله وقلة وعيه، أثبتوا له وللجميع أنكم أقوياء وقادرون وصامدون في وجه أي تحدٍّ واتخذوا من إصراركم سبيلاً للنجاح والتميز.
صدمة وإصرار
تسترجع أمل عطيفة، أم رحمة خالد، بدايات رحلة كفاحها معها منذ الولادة قائلة: كان قدومها للدنيا يمثل فرحة عارمة في أسرتنا، فقد كانت أول فتاة في عائلتنا الكبيرة، سواء من جانب أسرتي أو أسرة زوجي، ولكن سرعان ما تغيرت الأحوال وأصابتنا صدمة كبيرة، ولم تكن بسبب معرفتنا بإصابة رحمة بمتلازمة داون، وإنما لردود الفعل التي واجهناها من المجتمع، فأصبحت أتلقى ممن حولي عبارات المواساة بدلاً من التشجيع والمؤازرة، لكنني حولتها لتحدٍّ وإصرار، وعملت جاهدة لمساعدة ابنتي لتحظى بحقوقها كأي طفل في المجتمع، خاصة أنها كانت في الترتيب الثالث بين أولادي.
وعن كيفية تعاملها مع طفلتها قالت: «كنت محظوظة، فقد منحني الله، عز وجل، فرصة للتأهيل والتدريب قبل ولادة رحمة بسنوات، إذ عملت مختصة تخاطب لمدة 4 سنوات، ولذلك عندما رزقت بها كنت مستعدة للتعامل معها بشكل واع ومنهجي، وحرصت على تحسين قدراتها في التخاطب والرياضة والدراسة والاندماج.
وعن أهم الصعوبات التي واجهتها، قالت:
أكبرها كان عند محاولتي إدماج ابنتي مع أقرانها من الطلاب في السلم الدراسي، وبدأ ذلك منذ مرحلة الحضانة، إذ تعرضت لرفض تسجيلها أكثر من مرة بحضانات مختلفة، وبعد مثابرة طويلة نجحت في إلحاقها بإحداها، ومن بعدها التحقت بمدرسة عادية، وهذا ساعد كثيراً على زيادة ثقتها بنفسها، وعزز قدرتها على التفاعل مع المجتمع وأقرانها بنجاح.
ورغم أنها تعرضت لبعض المواقف المزعجة أو المسيئة، فإن ذلك كان مفيداً لها، لأنها تعلمت كيف تتصرف في مواجهة هذه المواقف من دون أن يصيبها الغضب أو الإحباط.
يوم تاريخي
عن اختيار رحمة لتكون مذيعة على لأول مرة قالت الأم: هذا يوم تاريخي بالنسبة لي، شعرت بأن هذه اللحظة تتويج لجهودها طوال مشوارها، وجني لثمار تعبي معها وإيماني بها. ابنتي واصلت الدراسة باجتهاد، ونجحت في جميع المراحل، وحصلت على بكالوريوس والفنادق، وميداليات تميز وبطولات رياضية في السباحة وتنس الطاولة وغيرهما، وكانت تحلم دائماً بأن تكون مذيعة فهي تحب الظهور والتعريف بمدى تميزها وقدراتها، بهدف تغيير الصورة النمطية عن ذوي الإعاقة، وحاليا تحلم بأن تكون ممثلة سينمائية لتحقيق الهدف نفسه.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا