«ساي تيك ديلي» في سباق التطور بين الذكاء البشري والاصطناعي، تظل ساحة واحدة يتفوق فيها العقل البيولوجي بوضوح، وهي المرونة والقدرة على التكيف السريع. وبينما يتمكن الذكاء الاصطناعي من إنتاج المحتوى ودعم التشخيص بدقة مذهلة، يجد صعوبة في التكيف الفوري مع المواقف غير المألوفة. وهنا يتدخل البحث العلمي الحديث ليكشف عن سر هذه الميزة.اكتشف علماء الأعصاب في جامعة برينستون الأمريكية أن الدماغ البشري يعتمد على نظام ذكي لإعادة الاستخدام المعرفي، يعتمد على تجميع كتل أو لبنات معرفية جاهزة لإنشاء سلوكيات ومهارات جديدة بأقل جهد ممكن في تنظيم يمنح الدماغ قدرة على الوصول إلى أداء مرن، لأنه يعيد استخدام مكونات الإدراك عبر مهام مختلفة.هذه القدرة، التي يسميها العلماء «التركيبية»، تسمح للإنسان بالبناء على قدرات يمتلكها بالفعل لتعلم مهمة جديدة، مثل استخدام مهارة الخبز الأساسية لصنع كعكة جديدة دون الحاجة للبدء من الصفر. وأثبتت التجربة، التي أُجريت على قرود المكاك في تحديات التصنيف البصري، أن القشرة الجبهية، وهي منطقة التفكير العليا، تحتوي على أنماط عصبية متكررة أو ما أسماه العلماء «ليغو الدماغ المعرفية».يمكن لهذه اللبنات الأساسية، مثل كتلتي تمييز الألوان أو توجيه حركة العين، أن تفصل ويعاد تجميعها بتكوينات مختلفة لتلبية متطلبات مهمة جديدة فور ظهورها. كما أن الدماغ يدير تركيزه بكفاءة من خلال قمع الكتل المعرفية غير الضرورية مؤقتاً لتجنب التحميل الزائد والبقاء منسجماً مع الهدف المباشر.يحمل هذا الاكتشاف أهمية قصوى لمستقبل الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن أن يساعد دمج مفهوم «التركيبية» في التغلب على مشكلة «التداخل الكارثي» التي تجعل الآلات تنسى المهارات القديمة عند تعلم مهارات جديدة.وعلى الصعيد الطبي، يوفر هذا الفهم أساساً جديداً لاستكشاف الاضطرابات العصبية والنفسية، مثل الفصام والوسواس القهري، التي قد تكون مرتبطة بخلل في قدرة الدماغ على الجمع بين مكوناته المعرفية وإعادة استخدامها.