اقتصاد / صحيفة الخليج

جدل الاقتصاديين حول خليفة جاي باول

د. محمد الصياد

بتاريخ 28 سبتمبر/أيلول 2025، نشرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية تحقيقاً استطلاعياً للرأي بشأن الرئيس المحتمل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ، تحت عنوان «يفضل الاقتصاديون أن يتولى كريستوفر والر قيادة بنك الاحتياطي الفيدرالي، لكنهم يتوقعون أن يختار ترامب موالياً له»

(Economists favor Christopher Waller to lead Fed but expect Trump to pick a loyalist).

يذهب التحقيق – وهو من نوع التحقيقات الموجهة – إلى أن أغلبية كبيرة من الاقتصاديين الأكاديميين ترغب في أن يخلف كريستوفر والر، ، جاي باول في رئاسة البنك المركزي العام المقبل، لكن قلة منهم يعتقدون أنه سيفوز بالمنصب.

وبحسب الاستطلاع الذي أجرته الصحيفة بالتعاون مع مركز كلارك للأسواق العالمية في كلية بوث للأعمال بجامعة شيكاغو، فقد اختار 82% من الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع، كريستوفر والر كمرشحهم المفضل لرئاسة أهم بنك مركزي في العالم. وكريستوفر والر هو خبير اقتصادي أمريكي، عضو في الحزب الجمهوري وعضو في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي منذ عام 2020، كان الرئيس ترامب، قد رشّحه لشغل هذا المنصب وأقرّ مجلس الشيوخ تعيينه في ديسمبر 2020 ليشغل المنصب حتى يناير 2030.

الرئيس ترامب دفع بقوة للتخلص من جاي باول الذي ظل يعاند الرئيس في سعيه لخفض أسعار الفائدة إلى 1%، وهي خطوة يؤكد الرئيس ترامب أنها ستعزز النمو وتخفض تكاليف الاقتراض للحكومة الأمريكية. ووصف باول بأنه «أحمق» و«غبي» لرفضه خفض أسعار الفائدة بهذه الوتيرة المتسارعة. علماً بأن الاحتياطي الفيدرالي كان قد خفض أسعار الفائدة في شهر سبتمبر 2025، للمرة الأولى منذ ديسمبر 2024، بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 4%-4.25%.

اللافت في الأمر، أن صحيفة اسمها يدل على تخصصها، وهو «الأزمنة المالية» (FINANCIAL TIMES)، تقوم – لتحقيق هدف محدد هي تسعى إليه - بعملية حوصلة لآراء مجموعة من الاقتصاديين، عبر استطلاع رأي أجرته بالتعاون مع مركز كينت أ. كلارك للأسواق العالمية

(Kent A. Clark Center for Global Markets)، وهو مركز أبحاث في كلية بوث لإدارة الأعمال بجامعة شيكاغو، يجمع صانعي السياسات والقادة الماليين والباحثين لدراسة القضايا الرئيسية في الاقتصاد العالمي والأعمال التجارية الدولية.

الصحيفة الاقتصادية تحاول تصوير الأمر كما لو أن «الاقتصاديين» هم كيانٌ ذو تفضيلاتٍ ووجهات نظرٍ جماعية. بينما الواقع أنهم ليسوا حزباً ولا حتى مجتمعاً علمياً قائماً بذاته، رغم انتظامهم في جمعيات ومؤسسات تُعنى بشؤونهم واشتغالاتهم. فلو أن الصحيفة وضعت عشرة من الاقتصاديين في صف دراسي واحد ووجهت لهم سؤالاً واحداً حول مسألة اقتصادية واحدة، بما في ذلك أبسطها، لوجدت أنها حصلت في على عشر إجابات مختلفة، وربما متناقضة.

الاقتصاديون ليسوا فيزيائيين لديهم قوانين صارمة لا تقبل التأويل، وإنما هم اختصاصيون يعتمدون في تحليلاتهم وتأويلاتهم على نزعات وتوجهات النفس البشرية في تعاملها مع الأشياء والأصول، والسعي لحيازتها وتملكها واستهلاكها واكتنازها وتنمية رصيدها، سواءً تعلق الأمر بطلب “Demand” هذه الأشياء والأصول، أو عرضها “Supply”. أي أنهم في الجوهر يعتمدون على ما يسمى الاقتصاد السلوكي “Behavioral economics”، كأداة تحليلية نفسية لفهم توجهات الناس وموقفهم من الإقبال (أو عدمه) على السلع.

لذلك كان من الغرابة أن تنسب صحيفة «فاينانشال تايمز» محاولتها للتحشيد الإعلامي والتبرير الأيديولوجي خلف شخصية هي (أو بالأصح، القوى التي تعبر عن مصالحها وتناصرها)، تنشد رؤيتها وهي تتربع على كرسي رئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وهي هنا كريستوفر والر (Christopher Waller)، إلى «لعبة» تقصي آراء مجموعة منتقاة من الاقتصاديين لاستحصال النتيجة المبتغاة سلفاً، وهي الإيحاء لكل من يهمه الأمر، بأن هناك شبه إجماع بين الاقتصاديين على أن كريستوفر والر هو الخيار الأفضل لقيادة المرحلة المقبلة من السياسة النقدية الأمريكية.

*خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا