أثار الفنان محمد صبحي حالة واسعة من الجدل بعد انتقاده العلني لفيلم «الست»، الذي يجسد السيرة الذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم، وتقوم ببطولته الفنانة منى زكي، معتبرًا أن العمل يطرح إشكاليات تتعلق بالحقيقة التاريخية وطريقة تقديم الرموز المصرية الكبرى.

 محمد صبحي ينتقد فيلم الست

وخلال مداخلة هاتفية ببرنامج «حضرة المواطن» عبر قناة «الحدث اليوم»، أكد محمد صبحي أنه كممثل لا يقبل المشاركة في أي عمل فني، مهما بلغت قيمته الإنتاجية أو الفنية، إذا كان يتعارض مع الحقيقة أو يشوّه الوقائع التاريخية. وأوضح أن الفن، من وجهة نظره، لا يمكن أن يكون مبررًا لتقديم روايات غير دقيقة عن رموز صنعت تاريخ مصر الثقافي.

ووجه صبحي لومًا مباشرًا إلى الفنانة منى زكي، التي وصفها بـ«تلميذته وحبيبته»، مشددًا على فخره بها ومحبته لها، لكنه عبّر في الوقت نفسه عن حزنه لقبولها تقديم دور أم كلثوم في هذا التوقيت وبهذه الصيغة، معتبرًا أن المسؤولية الأخلاقية للفنان تفرض عليه التدقيق الشديد عند الاقتراب من سيرة شخصية بحجم كوكب الشرق.

وقال صبحي إن ما يحدث لا يقتصر على اختلاف فني في وجهات النظر، بل يدخل ضمن ما وصفه بـ«مؤامرة لضرب الفن المصري»، مشيرًا إلى أن هناك محاولات مستمرة للنيل من الريادة المصرية التي شكّلت وجدان الأمة العربية لسنوات طويلة. وأضاف أن الريادة المصرية ليست ادعاءً، بل حقيقة تاريخية لا يجب العبث بها أو تشويهها تحت أي مبرر.

تشويه للواقع

وشدد محمد صبحي على أنه يرفض تمامًا المشاركة في أي عمل يتضمن تحريفًا أو تشويهًا للواقع، مؤكدًا أن السير الذاتية يجب أن تُقدَّم بشكل يليق بأصحابها، ويركز على إنجازاتهم ودورهم الثقافي، بعيدًا عن الخوض في تفاصيل الحياة الشخصية التي قد تسيء للصورة العامة أو تُخرج الشخصية من سياقها الحقيقي.

وفي سياق حديثه، استعاد صبحي موقفًا إنسانيًا شخصيًا جمعه بكوكب الشرق خلال مرحلة دراسته الإعدادية، حين كان يعمل في بيع تذاكر حفلاتها، وشهد بنفسه حجم الاحترام والتقدير الذي كانت تحظى به من الجمهور. وروى أنه حضر إحدى حفلاتها ورفض التخلي عن مقعده، وعندما علمت أم كلثوم بالأمر، طلبت نقله إلى الصف الأول، وتعمدت النظر إليه أثناء الغناء، قبل أن تهديه بعد الحفل ظرفًا يحتوي على مبلغ 50 جنيهًا، في لفتة إنسانية ظلّت عالقة في ذاكرته حتى اليوم.

وأكد صبحي أن هذه التجربة الشخصية تعكس حقيقة شخصية أم كلثوم، التي وصفها بأنها كانت مثالًا في الكرم والأخلاق، نافيًا ما تردد على مر السنين من اتهامات لها بالبخل.

 فيلم الست

أثار فيلم «الست»، الذي يتناول السيرة الذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم وتقوم ببطولته الفنانة منى زكي، حالة واسعة من الجدل منذ الإعلان عنه، قبل حتى طرحه رسميًا.

انقسمت الآراء بين مؤيد يرى في العمل محاولة فنية لإعادة تقديم واحدة من أهم أيقونات الغناء العربي للأجيال الجديدة، ومعارض اعتبر أن الاقتراب من شخصية بحجم أم كلثوم يحمل حساسية خاصة، ويستلزم التزامًا صارمًا بالحقيقة التاريخية وعدم الخوض في تفاصيل قد تفسر على أنها تشويه أو إساءة لرمز فني استثنائي.

هذا الجدل تصاعد مع تداول مقاطع وتصريحات تتحدث عن ملامح مختلفة لشخصية كوكب الشرق، ما فتح بابًا واسعًا للنقاش حول حدود الفن عند تقديم السير الذاتية.

وتحول الجدل إلى هجوم مباشر على منى زكي، التي وضعت في قلب العاصفة بوصفها بطلة الفيلم، حيث حملها بعض المنتقدين مسؤولية قبول تجسيد الشخصية، معتبرين أن الفنان يتحمل جزءًا من العبء الأخلاقي والفني عند تقديم رمز وطني بهذا الحجم.

وتزايدت حدة الانتقادات بعد تصريحات عدد من الفنانين والمثقفين، أبرزهم محمد صبحي، الذي عبّر عن رفضه لفكرة تقديم العمل إذا كان يخالف الحقيقة التاريخية، مؤكدًا أن احترام الرموز المصرية يجب أن يكون أولوية. في المقابل، دافع آخرون عن منى زكي، معتبرين أنها تؤدي دورًا تمثيليًا في إطار رؤية فنية، وأن الحكم على العمل يجب أن يكون بعد عرضه كاملًا، لا بناءً على توقعات أو انطباعات مسبقة.