اقتصاد / كاش نيوز

صاروخ البورصة.. “سبيس إكس” تقلب موازين أسواق المال

  • 1/4
  • 2/4
  • 3/4
  • 4/4

أحمد زغلول

تشهد أسواق المال العالمية في الساعات الأخيرة ضجة كبيرة الإعلان عن خطة لطرح حصة من أسهم شركة «سبيس إكس» التابعة للملياردير إيلون ماسك.

ورغم أن ما تم الإعلان عنه يشير إلى أن الطرح قد يتم في منتصف العام المقبل، إلا أن العديد من الأسهم المرتبطة بالخدمات الفضائية والتكنولوجية لم تنتظر، وانطلقت إلى مستويات غير مسبوقة.

فعلى سبيل المثال، قفز سهم شركة EchoStar، وهي شركة أمريكية كبرى تقدم خدمات الأقمار الصناعية، بنسبة تقارب 12% ليصل إلى أعلى مستوياته في التاريخ.

كما ارتفع سهم Rocket Lab، وهي شركة متخصصة في الأقمار الصناعية، بنحو 4%.

إضافة إلى ذلك، شهدت الصناديق المغلقة وصناديق المؤشرات التي تحتوي على أسهم شركات الفضاء ارتفاعات قوية تراوحت بين 10 و14%، نتيجة الارتفاع المفاجئ في الطلب العام على الأسهم المتعلقة بصناعة الفضاء.

وتُجمِع أغلب التحليلات على أن طرح «سبيس إكس» مؤهل لأن يكون الأضخم في تاريخ أسواق المال، ما يعني ببساطة أنه قد يتجاوز قيمة الطرح الذي تم على أسهم عملاق النفط أرامكو، والمسجل حتى الآن كأكبر طرح في التاريخ.

وهنا يجب أن نتوقف عند نقطة مهمة: ما الذي يجعل طرح «سبيس إكس» أكبر من طرح «أرامكو»، رغم أن صافي إيرادات أرامكو وقت الطرح كان يقارب 100 مليار دولار، في حين أن الإيرادات المتوقعة لـ«سبيس إكس» هذا العام لا تتجاوز 15 مليار دولار؟

ما السبب الذي قد يجعل طرح «سبيس إكس» يتفوق على «أرامكو» ويحدث كل هذه الضجة في أسواق المال؟ وما التغيير الكبير الذي قد يصنعه في الاتجاهات الاستثمارية وتوزيع الثروة عالميًا؟ وهل يمكن أن يصبح إيلون ماسك أول تريليونير في العالم؟

والأهم من ذلك، هل سيكون هذا الطرح بداية حقيقية لانقلاب جديد في قيادة أسواق المال العالمية؟

القصة من البداية
لم يكن يتصور إيلون ماسك في عام 2002، عندما قرر تأسيس شركة «سبيس إكس» من خلال حصيلة بيع حصته في شركة «باي بال» البالغة نحو 100 مليون دولار، أن يأتي اليوم الذي تُقيّم فيه شركته بنحو تريليون ونصف التريليون دولار.

فـ«سبيس إكس»، رغم طموحات ماسك الكبيرة، لم تكن موفقة في بداياتها. فقبل عام 2008 كانت تمر بأزمة خطيرة، وكانت على وشك الإفلاس بعد ثلاث محاولات فاشلة لإطلاق الصاروخ Falcon 1.

لكن منذ عام 2008، وبعد نجاح المحاولة الرابعة لإطلاق الصاروخ، بدأت النجاحات تتوالى. وقعت وكالة «ناسا» معها عقدًا بقيمة 1.6 مليار دولار، وقفز تقييم الشركة وقتها إلى نحو 500 مليون دولار، وهو أول تقييم رسمي لها.

ثم جاءت النقلة الكبرى مع إطلاق مشروع الإنترنت الفضائي ستارلينك في عام 2015، ليرتفع تقييم الشركة إلى نحو 12 مليار دولار.

ومنذ تلك المحطة، انطلقت «سبيس إكس» بقوة لتصل قيمتها السوقية – وفقًا للتقديرات – مع نهاية عام 2025 إلى نحو 1.5 تريليون دولار.

خطة طرح سبيس إكس

أما الحدث الذي أحدث الصخب الكبير في الأسواق فهو خطة طرح «سبيس إكس» في البورصة، حيث تشير التقديرات إلى أن موعد الطرح قد يكون في منتصف أو نهاية عام 2026.

ورغم أن أقرب موعد محتمل للطرح لا يزال بعد نحو ستة أشهر، فإن الأسواق استجابت بقوة، وقفزت أسهم شركات الفضاء والاتصالات والتكنولوجيا والصناديق المرتبطة بها بشكل لافت.

تشير المعلومات الأولية إلى أن الطرح قد يشمل أقل من 5% من أسهم «سبيس إكس»، بقيمة قد تتجاوز 30 مليار دولار، مقارنة بنحو 29 مليار دولار لطرح «أرامكو» في عام 2019، الذي لا يزال الأكبر عالميًا حتى الآن.

لكن لماذا قد يتجاوز طرح «سبيس إكس» طرح «أرامكو» رغم أن إيرادات الأخيرة أكبر بكثير؟

الإجابة لا تكمن في الأرقام الحالية، بل في الفكر الاستثماري المختلف بين الاقتصاد الصناعي التقليدي – مثل أرامكو – والاقتصاد التكنولوجي المستقبلي – مثل سبيس إكس.

فعندما ننظر إلى الفرق بين «القيمة السوقية» و«الإيرادات الفعلية»، نجد أن أرامكو قيمتها مبنية على أصول ضخمة وثابتة: احتياطيات نفطية وإنتاج يومي يفوق 10 ملايين برميل وأرباح سنوية تتجاوز 100 مليار دولار.

أما «سبيس إكس»، فقيمتها مبنية على النمو المتوقع والتكنولوجيا الفريدة، إضافة إلى قدرتها على السيطرة على اقتصاد المستقبل وليس فقط أرباح الحاضر.

بمعنى أن «أرامكو» تمثل ثروة حالية، في حين تمثل «سبيس إكس» ثروة مستقبلية، وهذا جوهر الفرق الذي يجعل المستثمرين يقيمون الشركتين بطريقة مختلفة تمامًا.

كما أن طريقة التقييم في «وول ستريت» لا تعتمد فقط على الإيرادات، بل تستخدم نموذج التقييم المستقبلي (Future Valuation) الذي يقوم على قوة النمو المتوقع أكثر من حجم الأرباح الحالية.

أما السبب الثالث، فهو أن «سبيس إكس» ليست مجرد شركة صواريخ فضائية، بل هي في الحقيقة ثلاث شركات ضخمة داخل كيان واحد:

1. خدمات الإطلاق الفضائي، التي تسيطر على أكثر من 80% من السوق العالمي لإطلاق الأقمار الصناعية، وتنافس وكالات فضاء حكومية مثل الروسية والصينية.

2. ستارلينك، وهي خدمة الإنترنت الفضائي التي تضم أكثر من 3 ملايين مشترك في أكثر من 70 دولة، وتحقق إيرادات سنوية تقارب 6 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 20 مليار دولار خلال ثلاث سنوات.

3. برنامج النقل الفضائي للمريخ والرحلات القارية السريعة، الذي إذا نجح سيحوّل السفر الفضائي إلى صناعة تجارية تقدر بتريليونات الدولارات.

بمعنى أن المستثمر الذي يشتري سهم «سبيس إكس» لا يشتري شركة واحدة، بل مستقبل ثلاث صناعات كاملة.

أما عن تأثير الطرح على أسواق المال العالمية، فيمكن القول إنه سيُحدث انقلابًا حقيقيًا لعدة أسباب:

أولًا: سيرفع مستوى التقييمات في قطاع التكنولوجيا، لأن «سبيس إكس» شركة مربحة بالفعل وليست مجرد وعد تكنولوجي. فنجاح الطرح سيزيد ثقة المستثمرين في الشركات التكنولوجية المستقبلية، ويضعها في خانة الاستثمارات الآمنة وطويلة الأجل.

ثانيًا: سيؤدي إلى تحول استراتيجي في تدفقات رؤوس الأموال عالميًا، بحيث يزيد الاستثمار في أسهم الفضاء على حساب أو إلى جانب أسهم الذكاء الاصطناعي، ويفتح الباب أمام توسع عالمي لصناديق الاستثمار في هذا القطاع.

ثالثًا: ووفقًا لمحللين في «بلومبرغ»، فإن الطرح سيعيد الحيوية إلى سوق الاكتتابات بعد فترة ركود طويلة، إذ شهدت السنوات الماضية تراجعًا كبيرًا في الطروحات بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والتقلبات الاقتصادية.

وبطرح بهذا الحجم، قد تستعيد الأسواق ثقتها وتشهد موجة جديدة من الاكتتابات التكنولوجية الكبرى.

بناءً على كل ما سبق، فإن طرح «سبيس إكس» سيحدث انقلابًا في أسواق المال العالمية على ثلاثة مستويات:

1. فلسفة القيمة: حيث تثبت «سبيس إكس» أن القيمة المستقبلية قد تكون أعظم من الأرباح الحالية.

2. قيادة الأسواق: إذ سيظهر جيل جديد من الشركات يقود السوق بدلًا من عمالقة التكنولوجيا التقليديين مثل «آبل» و«أمازون».

3. توزيع الثروة: حيث من المتوقع أن ترتفع ثروة إيلون ماسك من حصته البالغة 42% في «سبيس إكس» إلى نحو 625 مليار دولار، ومع إضافة حصصه في «تسلا» وشركات أخرى، قد تصل ثروته إلى 952 مليار دولار، أي أنه سيصبح على بعد خطوة واحدة فقط من دخول نادي التريليون دولار.

ويرى الخبراء أننا سنكون أمام أكبر قفزة في الثروة الشخصية في تاريخ الرأسمالية.

في ، قد يكون طرح «سبيس إكس» الحدث الأهم في أسواق المال العالمية خلال الفترة المقبلة، لأنه لا يمثل مجرد عملية اكتتاب، بل نقلة رمزية وواقعية لمركز الثقل المالي من الأرض إلى الفضاء.

CNA-تحليل بقلم،، أحمد زغلول، كاتب صحفي متخصص في الشأن الاقتصادي 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة كاش نيوز ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من كاش نيوز ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا