تواصلت بمنطقة «الكهيف»، في الشارقة، مساء أمس الأول الأحد، عروض وفعاليات الدورة التاسعة لمهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، حيث شهد جمهور كبير العرض المصري «الزير سالم»، لفرقة «كرييشن قروب»، من إعداد وإخراج جمال ياقوت.تعد حكاية الزير السالم من أشهر قصص التراث العربي، وجرى تناولها والاشتغال عليها كثيراً من قبل الكتاب، حيث حضرت في الدراما التلفزيونية والمسرحية بكثرة، وهي من المرويات التراثية التي لا يملها الجمهور العربي، لكونها تعكس جانباً كبيراً ومهماً من التاريخ والأمجاد والقيم العربية من المروءة والنجدة والشجاعة، إضافة إلى كونها تحفل بالصراع وتحتشد بالدروس والعبر، ما يجعل من المهم استعادتها في كل مرة وإسقاطها على الواقع العربي الراهن، وربما ذلك ما حفز معد ومخرج العرض جمال ياقوت وهو يتصدى لعمل جرى تكراره كثيراً، وذلك من أجل تأسيس رؤيـــة مختلفة وزاوية نظر مغايرة ومقاربة إخراجية تخدم الرؤية التي حملها المخرج تجاه العمل.وينفتح العرض في مستهله، في خيمة عربية، على مشهد تاريخي راسخ في الذاكرة العربية، وهي لحظة مثول الجليلة بنت مرة بين يدي الملك التبع اليماني الذي طلبها للزواج، وكان ملكاً جباراً قاسي الطباع، حيث إنه أراد أن يتزوج من الجليلة قسراً وإلا أعلن الحرب وقتل الجميع، ليتضح أن حضور الجليلة إلى الملك اليماني كان بتدبير من كليب التغلبي أحد أبرز فرسان العرب في تلك الحقبة، حيث كانت الجليلة خطيبته التي يريد الزواج منها، وتتلخص الخطة في العمل على خداع التبع اليماني بأن يذهب كليب مع أخيه الزير وابن عمه جساس وبعض الفرسان وامرؤ القيس بن أبان، حيث اختبؤوا في صناديق جهاز الجليلة وحين دخلوا القصر ذهب كليب إلى التبع اليماني وقتله في قصره ليدافع عنها، ثم تزوج الجليلة وأصبح هو الملك على قبيلته.ولعل تركيز مخرج العمل على هذه اللحظة لم يكن من فراغ، فهي التي قادت إلى أطول الحروب في التاريخ العربي بين أبناء العم من قبيلتي تغلب وبكر، والتي شهدت الكثير من الأحداث وسكبت على جوانبها الدماء، ووثقت قصائد الشعر والمرويات العربية لتلك الحكاية الملحمية، نتاج الحرب الطويلة التي أزهقت فيها الكثير من الأرواح.تتوالى مشاهد العرض لتحكي قصة الحكاية الشهيرة بأسلوب درامي رشيق نجح المخرج في تقديمه من خلال رؤية إخراجية نالت استحسان الجمهور، حيث اشتغل على الصراع الداخلي للشخصيات، مستخدما الكثير من الحلول الإخراجية المبدعة. مسامرة فكرية استُهلت أنشطة اليوم الثالث من مهرجان الشارقة الصحرواي بالمسامرة الفكرية التي جاءت تحت عنوان: «المسرح الصحراوي وجماليات السير الشعبية العربية»، بحضور أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة مدير المهرجان، أدار جلسات هذا اليوم الفنان عبدالله راشد (من الإمارات). وجاءت المداخلة الأولى تحت عنوان: «جماليات القيمة في شكل ومضمون المسرح الصحراوي»، وقــدمها النـــاقد المصري عبد الرازق حسين، الذي تحدث عن مضامين المسرح الصحراوي. وأشكال عروض المسرح الصحراوي. بدوره تحدث الباحث التونسي يوسف مارس عن موقع السيرة الشعبية في الفـــرجة الصحــــراوية. متـخــذا «السيرة الهلالية» نموذجاً. وأكدت الباحثة العمانية د. وفاء الشامسي في مداخلتها: «المسرح الصحراوي وجماليات الحكاية الشعبية»، أن مشاهداتها لعروض المهرجان في دوراته السابقة أثبتت أن السير الشعبية من خلال حبكاتها وشخصياتها ومشهدياتها، قابلة للتحوّل إلى عروضٍ حيّة تتناغم مع الفضاء الصحراوي في انفتاحه واتساعه. وشهدت فعاليات مهرجان الشارقة الصحراوي، تكريم مخرج مسرحية «الزير سالم» المصري جمال ياقوت.