بعد تقاعدها استطاعت سيدة الأعمال الصينية، غوان يوشيانغ، أن تبني واحدة من أكبر الشركات المتخصصة في صناعة علب المشروبات، انطلاقاً من الصفر، ما أكسبها ألقاباً مثل «ملكة علب المشروبات» و«أعظم عاملة متقاعدة» في الصين. ولدت غوان عام 1939 في مدينة شنيانغ، التابعة لمقاطعة لياونينغ شمال شرق الصين، وفي سن الـ19 التحقت بالعمل في أحد المصانع في العاصمة بكين، ومثل كثير من أبناء جيلها كرست ما يقارب من 30 عاماً من حياتها المهنية للعمل في الشركة نفسها، إلى أن تقاعدت في عمر الـ50. غير أن غوان لم تنظر إلى التقاعد بوصفه نهاية لمسيرتها، بل اعتبرته بداية مرحلة جديدة مليئة بالتحديات والطموحات، وقررت خوض تجربة ريادة الأعمال، وكانت بدايتها بتأسيس شركة صغيرة متخصصة في إنتاج أجهزة لقياس كميات المواد الفيزيائية المختلفة، إلا أن هذا المشروع لم يحقق النجاح المرجو، ورغم الإخفاق لم تفقد غوان ثقتها بنفسها، بل آمنت بأن الفشل خطوة ضرورية في طريق النجاح، فاختارت التعلم من التجربة والبدء من جديد، مع دراسة متأنية للسوق واحتياجاته. في عام 1994، وأثناء رحلة لها إلى مقاطعة هاينان الجنوبية، لفت انتباه غوان الانتشار الواسع لمصانع المشروبات الغازية في المنطقة، ولاحظت في الوقت نفسه أن معظم مواد التغليف المستخدمة في هذه المصانع كانت مستوردة من تايوان وكوريا الجنوبية، ما كشف لها عن فرصة استثمارية واعدة في مجال تصنيع علب المشروبات محلياً. وتمكنت غوان من جمع رأس مال قدره 300 ألف يوان (نحو 42 ألف دولار)، وأسست شركة «أورغ للتغليف» في هاينان، واستوردت الشركة معدات تصنيع علب المشروبات من تايوان، غير أن البائع رفض في البداية تزويدها بالمعلومات التقنية اللازمة لتشغيل المعدات، مدعياً أن هذه التكنولوجيا معقدة ولا تناسب قدرات الشركة الناشئة، وقد أدركت غوان لاحقاً أن هذه التجربة عززت قناعتها بأهمية امتلاك المعرفة والتكنولوجيا كأساس للنجاح والاستقلال الصناعي. في عام 1995، ومع دخول شركة مشروبات الطاقة «ريد بول» إلى السوق الصينية، سعت غوان وفريقها إلى كسب هذه الشركة العالمية كعميل استراتيجي، وتشير التقارير إلى أن فريق «أورغ» قام بما يقارب 41 زيارة لشركة «ريد بول» قبل أن ينجح في إقناع إدارتها بالتعاون معهم. ووافقت «ريد بول» على إسناد تصنيع علبها لشركة «أورغ»، لكن بشرط تطبيق تقنية الطلاء بالبودرة، وهي تقنية كانت تعد معياراً دولياً في ذلك الوقت، لكنها لم تكن شائعة أو مألوفة لدى مصنعي علب المشروبات في الصين. ولتحقيق هذا الشرط، لم تتردد غوان في رهن المصنع من أجل استيراد تقنية الطلاء من سنغافورة، في خطوة عكست ثقتها بمشروعها واستعدادها للمخاطرة من أجل التطوير، وكان هذا الطلب الناجح بمثابة نقطة تحول حقيقية في مسيرة الشركة، حيث فتح الباب أمام سلسلة من الطلبات الجديدة، لتصبح «أورغ» مورداً رئيساً لعبوات العديد من شركات المشروبات. وازدهرت الشراكة بين «أورغ» و«ريد بول» على مدار أكثر من ثلاثة عقود، وخلال هذه الفترة واصلت غوان قيادة الشركة بثبات نحو الابتكار والبحث والتطوير في مجال التقنيات الحديثة، وأسفر هذا التوجه عن حصول الشركة على أكثر من 100 براءة اختراع، ما عزز مكانتها في السوق ورسخ تفوقها التكنولوجي. وعلى مدى 30 عاماً تحولت «أورغ» من ورشة صغيرة تضم 16 عاملاً فقط إلى شركة مساهمة عامة يعمل فيها أكثر من 4000 موظف، وبحلول عام 2020، تجاوزت المبيعات السنوية للشركة حاجز 10 مليارات يوان (نحو 1.4 مليار دولار)، لتصبح واحدة من الشركات الرائدة في قطاع تصنيع علب المشروبات في الصين. إلى جانب نجاحها التجاري اللافت، كرست غوان جزءاً كبيراً من جهودها للعمل الخيري، فقد أسست مؤسسة خيرية تهدف إلى دعم الطلاب المحتاجين، وقدمت تبرعات تجاوزت 20 مليون يوان، إيماناً منها بأهمية رد الجميل للمجتمع ودعم الأجيال المقبلة. عن «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App