أكّد العلامة الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، أن الأسرة تمثل النواة الجوهرية التي يتأسس عليها السلم المجتمعي، وتتشكّل في نطاقها القيم، وتُصان بها الهوية، مشدّداً على أن مستقبل الوطن يبدأ من الأسرة، باعتبارها أول مدرسة، وأهم مؤسسة في حياة الإنسان.
جاء ذلك في كلمته خلال المؤتمر العالمي الثالث لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، الذي عُقد في العاصمة أبوظبي، تحت عنوان «الأسرة في سياق فقه الواقع: هوية وطنية ومجتمع متماسك»، برعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية.
وقال بن بيه، إن رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، تجسّد المكانة الجوهرية التي تحظى بها الأسرة في رؤية دولتنا، باعتبارها النواة التي يتأسس عليها السلم المجتمعي، وتتشكّل في نطاقها القيم، وتُصان بها الهوية.
وأوضح أن اختيار عنوان المؤتمر ينسجم مع المبادرات الوطنية الكبرى، وعلى رأسها إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2026 عاماً للأسرة، مؤكداً أن هذا الإعلان ينبثق من رؤية استراتيجية عميقة عبّر عنها سموه بقوله: «مستقبل الوطن يبدأ من الأسرة، باعتبارها أوّل مدرسة، وأهمّ مدرسة في حياة الإنسان، وخط الدفاع الأول في مواجهة أيّ أفكار سلبية، أو توجهات مخالفة لقيمنا، وعاداتنا، وثقافتنا».
ونوه بافتتاح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، للمؤتمر.
وأشار إلى أن تسارع التحولات الاجتماعية، وتجدّد الأطر التشريعية، وتبدّل الأنماط القيمية، أوجدت واقعاً أسرياً جديداً لا يمكن التعامل معه بمنهج الجمود، أو باجتهاد منفصل عن شروطه وسياقاته، لافتاً إلى أن المستجدات الرقمية فتحت آفاقاً غير مسبوقة للمعرفة والتواصل، لكنها في الوقت ذاته طرحت تحدّيات تمسّ خصوصية المجتمعات، وبنية العلاقات داخل الأسرة.
وبيّن أن الأسرة، على الرغم من مركزيتها، الدينية والوطنية والاجتماعية والنفسية، تُعد أكثر المؤسسات تأثراً برياح التغيير، ما يستدعي العمل على مستويات متكاملة، تشمل القوانين، والتربية، والصحة النفسية، وغيرها، مؤكداً أن الدور الفقهي يشكل عنصراً محورياً في هذا السياق.
وأوضح بن بيه، أن الرؤية الفقهية التي ينطلق منها المجلس تقوم على اعتبار الأسرة تجسيداً لمبدأ حفظ النسب، وهو أحد الضروريات الخمس، مبيناً أن الأسرة نظام كوني محكم أُسّس على الفطرة السليمة، والامتداد المجتمعي، والروح القيمية القائمة على المودة، والرحمة، والمسؤولية، والتكامل.
وقال إن الأسرة هي الاستجابة الطبيعية لنداء الفطرة الإنسانية التي تطلب السكن والمودة، وهي المحضن الوحيد لحفظ النوع البشري عبر ميثاق غليظ، يصون الأنساب، ويحفظ الكرامة.
وأكد أن الفتوى ليست عملية آلية، بل عملية مواءمة دقيقة بين النص الخالد، والمقصد الحاكم، والواقع المتغيّر، موضحاً أن المجلس يدعو إلى فقه ينظر بعين على الشرع لاستمداد الحكم، وبعين على الواقع لتحقيق المناط.
وأشار إلى التمييز بين مقام إرساء القيم، باعتبارها كليات ثابتة ومقاصد عليا، ومقام إجراء الأحكام الذي يتسم بالمرونة والسعة، مؤكداً أن فقه الواقع لا يقتصر على توصيف الحاضر، بل يتجاوز ذلك إلى استشراف المآلات، والنظر في العواقب.
وشدّد بن بيه، على أهمية التشخيص الدقيق للواقع، وتحقيق المناط، مؤكداً أن الاجتهاد في قضايا الأسرة يتطلب شراكة واعية بين الفقيه والخبراء، الاجتماعيين والنفسيين والتربويين، مشيداً بدور الجهات الحكومية بوصفها جهات خبرة لا غنى عنها لمؤسسة الإفتاء.
كما تناول أثر التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي في بنية القيم وأنماط التنشئة، مؤكداً أن الأسرة تشكل دائرة الانتماء الأولى التي تُبنى فيها الهوية الوطنية.
وقال بن بيه «في الوقت الذي نريد فيه من جيل المستقبل أن يكون في قلب حركة التطور التكنولوجي والعلمي، نريد منه كذلك أن يتمسك بأخلاقه، وقيمه، وهويته الوطنية، فالتمسك بالهوية مصدر للقوة والثقة بالذات، وأمة بلا هوية هي أمة بلا حاضر، أو مستقبل».
واختتم كلمته بطرح سؤال جامع يؤطر أعمال المؤتمر، قائلاً: «كيف نصوغ فقهاً أسرياً معاصراً، منضبطاً في أصوله، رحباً في تنزيله، مستوعباً للواقع، مستشرفاً للمآلات، يحقق هوية وطنية راسخة، وأسرة مطمئنة، ومجتمعاً متماسكاً؟، وهو السؤال الذي نتطلع إلى إسهاماتكم فيه، من خلال أبحاثكم، ونظركم الفقهي والاجتهادي، بما يفتح مساراً علمياً، واجتهاداً متواصلاً، وشراكة واعية، تُسهم في تحقيق المقاصد المنشودة».
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
