عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

حاكم الشارقة في حفل إدراج «الفاية» على قائمة «اليونسكو»: الأرض لا تكذب

  • 1/2
  • 2/2

أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، استثنائية موقع «الفاية» الذي لا يختزن في صخوره طبقات الزمن فحسب، بل يحمل حكايات عن أول حضور للإنسان في هذه الأرض، مضيفاً سموه، خلال كلمة ألقاها في الحفل الرسمي لإدراج «الفاية» على قائمة التراث العالمي لليونسكو، أول من أمس: «نقف هنا أمام صفحات حيّة من كتاب الإنسان، كتاب يُخبرنا عن الإنسان كيف عاش، وكيف واجه بيئته، وكيف حوّل التحديات إلى معرفة وصبر وبناء وحكمة، وكيف جعل من الخبرة أسلوباً لحياته، وكيف صنع من التجربة وعياً يتراكم جيلاً بعد جيل».

وكان في استقبال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، كل من سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، وسمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، سفيرة موقع الفاية للتراث العالمي، وعدد من كبار المسؤولين وممثلي المؤسسات والمنظمات الثقافية والدبلوماسيين.

وتناول صاحب السمو حاكم الشارقة قيمة المواقع التاريخية، قائلاً: «لعل من بداهة القول إن القيمة الحقيقية للمواقع التاريخية ليست قيمة مادية، بل قيمة ثقافية وإنسانية بالأساس، قيمة تمنح الإنسان القدرة على فهم مساره الطويل فوق هذه الأرض، وتربط الحاضر بجذوره الأولى، حتى لا يصبح المستقبل منفصلاً عن ذاكرته أو جذوره، فكل موقع تراثي هو مدرسة مفتوحة للأجيال».

وتابع سموه: «حين نمنح هذه المواقع ما تستحقه من دراسة وحماية، فإننا لا نحفظ حجراً ولا أثراً فحسب، بل نحفظ علماً متراكماً، وخبرة إنسانية ممتدة، ونُعين الأجيال على بناء فهم أعمق لهويتها، ولدورها في الحاضر والمستقبل، ولأن ما نحافظ عليه اليوم، يحمي هويتنا غداً»، وأكمل سموه: «من هنا يحتل التراث موقعاً مركزياً في المشروع الثقافي للشارقة، لأن التراث يمنح الثقافة جذورها التي تستند إليها، وكذلك يضعها في السياق الذي تتشكل من خلاله الصورة المتكاملة للإنسان والمجتمعات في هذه المنطقة، يكشف البحث التاريخي في الفاية تاريخ الإنسان، وهو يتعلم معنى الجماعة، ويؤسس للتعاون، ويُنظّم العمل، ويقسم الموارد، وهذه المقومات كلها تُشكّل الركائز الأساسية للبنية الاجتماعية التي امتد أثرها إلى العصور اللاحقة».

وتطرق سموه إلى جهود الباحثين العاملين على أعمال التنقيب: «من بين ما تكشفه الفاية، خطة فارقة غيرت فهم العالم لمسيرة الإنسان، فعندما بدأت أعمال التنقيب الحديثة، لم يكن الباحثون يتوقعون أن الفاية ستكسر واحدة من أقدم المسلّمات العلمية حول هجرة الإنسان، لكن الأرض قالت كلمتها، والأرض لا تكذب، حين تنطق بالعلم، فقد ظهرت أدوات حجرية دقيقة الصنع، وبعد تحليلها تبين أن عُمرها يتجاوز 200 ألف عام، في تلك اللحظة أدرك العلماء أنهم يقفون أمام شهادة تاريخية تقول إن الإنسان الحديث كان هنا، على هذه الأرض، قبل زمن أبعد بكثير مما كان يُعتقد».

وأضاف صاحب السمو حاكم الشارقة: «لقد قدمت الفاية خريطة جديدة وموثقة للهجرة البشرية ومساراتها، وأثبتت أن الجزيرة العربية لم تكن ممر عبور، بل موطناً مبكراً في رحلة الإنسان من إفريقيا إلى العالم، ومسكناً للاستقرار والعيش، وهكذا لا تعود الفاية موقعاً محلياً في ذاكرة المكان، بل محطة مركزية في ذاكرة الإنسانية جمعاء، ومن هذا المكان، فإننا لا ننظر إلى إدراج الفاية على قائمة اليونسكو للتراث العالمي بوصفه إقراراً بتاريخ هذه المنطقة، فالتاريخ يُقرّ ذاته بذاته، وليس لنا فيه فضل، وإن كان له علينا الكثير من الواجبات، وفي مُقدّمتها الوفاء والصون، وننظر إلى هذا الإدراج بوصفه هدية جديدة تقدمها هذه المنطقة للبشرية، كما قدّمت عبر تاريخها لها أوّل الزراعة، وأول التجارة، وأول شبكات الطرق، وأولى النُظم الإدارية، وأبكر الهياكل المدنية والاجتماعية، بهذا الإدراج، أصبحت البشرية تمتلك نافذة جديدة تُطل منها على ماضي هذه المنطقة، لتتعلم وتسترشد بتجارب من سبقونا».

واختتم سموه كلمته موجهاً الشكر والتقدير إلى الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، على ما بذلته من جهد كبير في قيادة هذا الملف، مثمناً سموه الدور الذي قامت به هيئة الشارقة للآثار، وجميع الشركاء والباحثين والمتخصصين الذين أسهموا في تحقيق هذا الإنجاز.

وكان الحفل، الذي أُقيم في مركز مليحة للآثار، قد استُهل بتدشين صاحب السمو حاكم الشارقة للنصب التذكاري الخاص بإدراج «الفاية» على قائمة التراث العالمي لليونسكو، متفضلاً سموه بإضاءة الأيقونة المخصصة للإعلان، كما تسلّم سموه شهادة الإدراج الرسمي من مدير مركز التراث العالمي في اليونسكو، لازار إلوندو أساومو، في لحظة جسّدت المكانة العالمية للفاية، وأبرزت الإنجاز العالمي الذي يرسخ مكانة دولة العربية المتحدة، ودورها في صون الإرث الإنساني وحماية المواقع ذات القيمة الاستثنائية.

وأعلنت الشيخة بدور القاسمي، خلال كلمة ألقتها، عن إطلاق «منحة الفاية للبحوث»، وهي مبادرة دولية علمية جديدة بقيمة مليونَي درهم تستمر على مدى ثلاثة أعوام، وتم إطلاقها إيماناً من حكومة الشارقة بقوة الاستثمار في الثقافة، وتهدف إلى دعم الدراسات المتخصصة حول الفاية، وتعزيز حضور الباحثين الشباب، مع تخصيص فرص للطلاب الإماراتيين للمشاركة في بعثات علمية تُسهم في توسيع المعرفة بتاريخ الموقع ودوره في تطور الإنسان، وتُدار هذه المنحة من قبل هيئة الشارقة للآثار بإشراف اللجنة العلمية لموقع الفاية للتراث العالمي.

وأضافت: «في 11 من يوليو من هذا العام، أُعلن عن إدراج الفاية على قائمة التراث العالمي، وكانت لحظة عمِلنا من أجلها لعقود، وعندما حققنا ذلك الهدف، ما شعرنا به لم يكن الفوز والانتصار بقدر ما هو الامتنان، امتنانٌ لتقدير العالم لقناعتنا ولإدراك العالم بأن موقع الفاية يحمل قصة، وأن أصوات الذين عاشوا هنا قبل مئات آلاف السنين جديرة أن تُسمع بوصفها جزءاً من تاريخنا الإنساني المشترك».

وتابعت: «إدراج الفاية على قائمة التراث العالمي يُؤكد الأهمية العالمية لهذا الموقع، ويعمّق فهمنا للهجرة البشرية المبكرة، والتكيّف، والابتكار، كما يضع شبه الجزيرة العربية في قلب تلك القصة، وتاريخياً، كان يُنظر إلى شبه الجزيرة العربية على أنها معبر بين القارات، ونجح موقع الفاية بتفنيد هذه الرواية وتغييرها، إذ يكشف عن حقيقة أن البشر الذين عبروا ذلك المكان عادوا إليه واستقروا فيه وتكيّفوا معه، وعلى امتداد آلاف السنين تطوروا وتعلموا وتركوا لنا آثاراً تساعدنا على فهم جذورنا ومن أين أتينا، وما يربطنا مع بقية العالم كأسرة واحدة»، مؤكدة أن هذا الإدراج شرف ومسؤولية في آنٍ واحد، والفاية أصبح الآن ملكاً للعالم.


برنامج متكامل

تضمّن الحفل الرسمي لإدراج «الفاية» على قائمة التراث العالمي لليونسكو، برنامجاً فنياً وعلمياً متكاملاً، منح الضيوف تجربة مكثفة تستعيد تاريخ «الفاية» وعمقه الإنساني، حيث بدأت الفقرة بعرض أرشيفي قصير يوثّق مسيرة الموقع واكتشافاته، أعقبه فيلم «منحة الفاية البحثية» الذي قدّم بصوت الراوي تصوراً شاملاً لأهداف المبادرة، ودورها في دعم الأبحاث المستقبلية، ورعاية جيل جديد من الباحثين الشباب.

وتلا ذلك عرض بعنوان «قصة الفاية»، عُرض على شاشات محيطية مباشرة على واجهة صخرية في قلب الموقع.

سلطان القاسمي:

. موقع «الفاية» لا يختزن في صخوره طبقات الزمن فحسب، بل يحمل حكايات عن أول حضور للإنسان في هذه الأرض.

. بهذا الإدراج أصبحت البشرية تمتلك نافذة جديدة تُطل منها على ماضي هذه المنطقة، لتتعلم وتسترشد بتجارب من سبقونا.

بدور القاسمي:

. إدراج الموقع على قائمة «اليونسكو» شرف ومسؤولية في آنٍ واحد، والفاية أصبح الآن ملكاً للعالم.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا