تحل اليوم الخميس، ذكرى رحيل الكاتب والصحفى الكبير عبدالله أحمد عبدالله، الشهير بلقب «ميكى ماووس»، أحد أبرز رواد الصحافة الساخرة والفن فى مصر والعالم العربى، والذى امتدت مسيرته لأكثر من نصف قرن ، قدم خلالها عشرات الكتب ومئات الأوبريتات والبرامج، وترك حضورا راسخا فى الإذاعة والتلفزيون والصحافة الفنية . النشأة وبدايات الموهبة ولد عبدالله أحمد عبدالله في 10 أكتوبر 1919 بحي باب الشعرية بالقاهرة، برزت موهبته الفنية مبكرا، حين التحق بالنشاط الفني وهو لم يتجاوز الثانية عشرة ، وكان والده أحد علماء الأزهر ومأذون منطقة باب البحر، قد أدرك قدرته على التعبير وحسه اللغوي، فخصص له عاما كاملا من التعليم والتثقيف عبر مكتبته العامرة بكتب الدين والتاريخ والأدب والشعر. ميلاد لقب «ميكي ماووس» وفي عام 1938 بدأ كتابة الأزجال في جريدة «الحديقة والمنزل» ، وخلال عمله طلب منه رئيس التحرير إسماعيل كامل، آنذاك كتابة زجل على رسم كاريكاتوري نشرته مجلة فرنسية عن اوركسترا كامل برؤوس ميكي ماوس، فكتب زجلا نال إعجاب الجميع، ووقعه لأول مرة باسم « ميكى ماووس» ، وهو اللقب الذي أصبح ملازما له طيلة حياته. تقلد ميكي ماووس العديد من المناصب الصحفية البارزة ، منها منصب سكرتير تحرير مجلة «روز اليوسف» ، ورئيس تحرير مجلة «الكواكب» ، كما كتب في مجلة ألمانية تحمل اسم «السينما» عن الفن المصري، وعمل محررا في عدد كبير من الصحف والمجلات المصرية والعربية ، وكان أحد مؤسسي مجلة «الصائمين» الفكاهية ، التي كانت توزع 160 ألف نسخة، وقدم عموده اليومي الشهير : أنت تسأل وميكي ماووس يجيب بجريدة المساء حتى رحيله . سبق صحفي وحوارات تاريخية وكان عبدالله أحمد عبدالله سباقا في إجراء اللقاءات الفنية المهمة، فهو صاحب أول حوار مع الفنانين فريد الأطرش، شادية، وعمر الشريف، وسعاد حسني قبل احترافها التمثيل. ومع انطلاق الإذاعة المصرية، كتب أول أوبريت إذاعي عام 1948 بعنوان «آدم وحواء»، وشارك في أول اسكتش إذاعي فكاهي، كما قدم عشرات المسلسلات وكان من رواد الكتابة الإذاعية ، وكتب برنامجا عن صديقه بيرم التونسي وحصل عنه على جائزة من وزارة الثقافة ، وفي عام 1960 مع بدء إرسال التلفزيون المصري، كتب أول أوبريت عرض يوم الافتتاح بعنوان «عويس ومسعدة»، وقدم أول فيلم رسوم متحركة للتلفزيون إلى جانب عدد من البرامج المهمة، أبرزها «مع النجوم» الذي استمر عشر سنوات. الأغاني والسينما والمسرح وقدم الكاتب الراحل العديد من الأغنيات لكل من محمد قنديل ، شريفة فاضل ، هدى سلطان ومحمد فوزي ، كما كتب حوارات أربعة أفلام : "من رضى بقليله" 1954 ، نور عيوني 1954 ، أبو الدهب 1954 ، وحلوة وكدابة 1962 ، و أربع مسرحيات لفرقة الكوميديا المصرية، منها أوبريت دنيا بتجرى ،اللى يعيش ياما يشوف، وكان أول من كتب للمسرح التونسى أربع مسرحيات باللهجة المصرية وبممثلين تونسيين في أوائل الستينات. مؤلفات وإرث ثقافي ترك عبدالله رصيدا ثريا من الكتب في مجالات الزجل والأغاني والسينما، من بينها مؤلفات بارزة مثل «فتافيت السكر»، «نجوم وأفلام»، «الكتاب الأبيض للسينما المصرية»، ومذكراته «ميكي ماوس في ربع قرن»، إلى جانب كتب توثيقية عن كبار نجوم الفن، وآخرها «عالم ميكي ماوس» الذي رحل قبل صدوره. وحصل على العديد من الجوائز والتكريمات ، منها : جائزة إذاعة لندن العربية عام 1941 ، شهادة تقدير من نقابة الصحفيين عام 1966 ، جائزة وزارة الثقافة لكوادر السينما عام 1978 ، والتمثال الذهبي وشهادة تقدير لرواد السينما عام 1979 ، وشهادة تقدير من جمعية الشاسة الصغيرة عام 1980 بصفته صاحب أول عمل تلفزيوني في بداية الإرسال ، إضافة إلى درع الإذاعة ونوط الامتياز من الدرجة الأولى، والعديد من شهادات التقدير من جمعيات الفن الأصيل والفنون والثقافة والإعلام والشاشة البيضاء، وميدالية طلعت حرب في عيد السينما الأول. وعلى الصعيد الشخصي، تزوج وأنجب خمسـة أبناء، بينهم نجله عادل، الذي تناول سيرة والده في عدة لقاءات إعلامية، كما أهدى حفيده أحمد عادل عبدالله جانبا من مقتنياته إلى المركز القومي للمسرح، تضمنت وثائق وصورا وأعمالا للراحل، وفي ديسمبر 2021 أُنشأ صفحة رسمية على «فيسبوك» لتوثيق إرثه الفني وإتاحته للجمهور. رحيل الجسد وبقاء الأثر و في 18 ديسمبر عام 1996 ، رحل عن عالمنا الكاتب الساخر والمؤرخ الفنى والموسوعة السينمائية المتحركة عبدالله أحمد عبدالله ، لكنه ترك إرثا فنيا وثقافيا متفردا، إذ جمع بين خفة الظل وعمق المعرفة، وصنع مدرسة خاصة في الكتابة الفنية والإذاعية والتلفزيونية، ولم يكن مجرد صحفي أو مؤلف، بل كان صانعا للبهجة ومؤرخا صادقا لنجوم الفن وذاكرة السينما المصرية والعربية.