قال المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، إن اللغة العربية في مصر تمثل معان مختلفة، إذ أنها الهوية والحضارة والتراث، وقبل كل ذلك فهي لغة القرآن، مشيرًا إلى أن المجتمعات التي تمتلك الحضارة لاشك أنها لن تحافظ عليها دون التمسك باللغة الأم، كجسر للتواصل بين الثقافات، وهوية ثابتة يعرفها العالم من خلال اللغة، في الثامن عشر من ديسمبر يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية، وأن الاحتفال الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام ليس مجرد يوم لتذكر لغة الضاد، بل هو وقفة تحليلية وفلسفية أمام كينونة عريقة، لغة تشكل جوهر هويتنا وأساس شرعيتنا القانونية والسياسية. وأضاف المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، إن الوزارة تحتفي اليوم باليوم العالمي للغة العربية، تأكيدًا على تمسك جمهورية مصر العربية باللغة الأم، ونفاذًا لتوجيهات القيادة السياسية التي تشدد على أن اللغة العربية قضية أمن قومي، وهي بداية صناعة الحضارة والنهضة والفكر، وأن حمايتها مع مواكبة التطور ضمانة لقوة استراتيجيات العالم العربي الأمنية، مستطردًا: "فى دهاليز القانون ومنابر المجالس النيابية تصبح المفردة العربية أكثر من مجرد لفظ؛ إنها أداة بناء للدولة، إذ تضمن الوضوح والدقة في صياغة النصوص التي تنظم حياة الأفراد و الجماعات، ولقد أدرك رجال القانون والقضاء هذا العمق، حيث قيل إن اللغة القانونية هي عصب العدالة، ولا عدالة بلا لغة واضحة وراسخة، كما أكد العديد من الحكماء أن اللغة العربية هي الذاكرة التشريعية للأمة، وأن سلامة القوانين تبدأ من سلامة ألفاظها". وأكد وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن الدولة المصرية تضع إحياء اللغة العربية وجمالها نصب عينيها، وتضعه هدفًا ضمن أولوياتها، إذ أوصى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي المصريين بالاهتمام باللغة العربية والقرآن الكريم وتنظيم أوقات أولادنا، وتخصيص أوقات لهذا الغرض، ورعاية المسابقة العالمية للقرآن الكريم، وإكرام أهل القرآن وحرص سيادته الدائم على تكريمهم بنفسه في احتفالات الوزارة السنوية بليلة القدر، وفي سياق المبادرات كان السيد الرئيس راعيًا للمبادرة التي أطلقتها الدولة المصرية بعنوان "اتكلم عربي" لأبناء المصريين بالخارج، وكان هدفها الأول والأساسي التمسك بالهوية والعادات والتقاليد المصرية، فضلًا عن التشريعات التي تُلزم المؤسسات الحكومية باستخدام اللغة العربية الفصحى فى كافة المخاطبات الرسمية والوثائق القانونية، ودعم المجامع اللغوية ومراكز البحوث المتخصصة، وفي إطار المؤسسات التعليمية تتمثل منهجية الاهتمام الرسمي المصري في هذا الشأن في دعم مناهج التعليم على سبيل المثال الا الحصر. ولفت المستشار محمود فوزي، إلى أن اللغة العربية كانت محور اهتمام وفخر واعتزاز العلماء، حينما كانت لغتهم، داعيًا الأجيال الجديدة إلى مزيد من القراءة والمتابعة، والبحث في جماليات اللغة العربية، عروس اللغات، ولغة الضاد، ومطالعة ما كتب فيها وفي جمالها، وقيل عنها، وعن ثرائها، مثل ما ذكره ابن خلدون في مقدمته، إن اللغة العربية "أحد وجهي الفكر، فإذا لم تكن لنا لغة تامة صحيحة، فلن يكون لنا فكر تام صحيح"، أو ما قاله مصطفى صادق الرافعي "إن هذه العربية بُنيت على أصل سحري يجعل شبابها خالداً عليها فلا تهرم ولا تموت؛ لأنها أُعدت من الأزل فَلكاً دائِراً للنيِّرين الأرضيين العظيمين: كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وصلم"، أما عن رؤية الفلاسفة العالميين للغة الأم بشكل عام فإن أبرز ما الفيلسوف الألماني هيدجر، حين قال: "لغتي هي مسكني، هي موطني ومستقري، هي حدود عالمي الحميم ومعالمه وتضاريسه، ومن نوافذها ومن خلال عيونها أنظر إلى بقية أرجاء الكون الواسع". وأضاف المستشار محمود فوزي: إنه من صميم عملنا تكتسب اللغة العربية أهمية قصوى كأداة للتواصل السياسي الفعال، فالقدرة على صياغة الخطاب السياسي بلغة سليمة، فصيحة، مقنعة، ودقيقة تعكس احترامًا لوعى المواطن، وتمكن من جسر الفجوة بين الدولة والمجتمع، واللغة العربية الرصينة تضمن الشفافية في طرح القضايا الوطنية، وتوضح المواقف الحكومية أمام المجالس النيابية والرأي العام، وهي بذلك تترسخ كأهم أركان الحوار الديمقراطي. واختتم المستشار محمود فوزي، بيانه في إطار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية بدعوة كل عربي إلى تخليد لغته، والبحث في أعماقها ليرى ما بها من جمال وثراء مفردات، كما قال الشاعر الكبير حافظ إبراهيم عن اللغة العربية، في قصيدته البديعة "اللغة العربية تنعي حظها، والذي خاطبت فيه اللغة أبناءها قائلة "أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌفَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي.. فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي"، ومن ثم علينا أن نحافظ على بقاء لغتنا خالدة شابة لا تصيبها الشيخوخة من ترك أهلها لها، ولا يتجاوزها الزمان من هجرة المتحدثين بها وانصرافهم عنها، ولا تصبح في ذاكرة الأمم من الماضي، ذلك أن بقاء حضارة الأمم يرتبط بشكل أساسي ببقاء لغتها، التي من خلالها تعرض الأمم فلسفتها وأفكارها وثقافتها على الآخرين، ومن هذا المنطلق فإن اللغة العربية قادرة على الاستمرار مدى الحياة، بذات القدرة والرونق والجمال الذي عرفت به، وقدمت نفسها للإنسانية، وإن جمال لغتنا العربية ينبع من مرونتها وعمقها الدلالي، ما يمكنها من استيعاب المفاهيم القانونية المعاصرة دون التضحية بأصالتها، وإنه يجب أن يبقى العهد بيننا وبين لغتنا قائمًا ومتجددًا، عهد يحفظ لها مكانها كلغة سيادة في المحافل الدولية، وكلغة تواصل حضاري فعال يعكس ثراء ثقافتنا وتاريخنا. فلنختلف بلغتنا ولنعمل على تمكينها رقميًا وقانونيًا، لتظل جسرنا إلى العالمية، ومرآتنا الناصعة التي تعكس وعينا وتقدمنا.