18 ديسمبر 2025, 11:07 صباحاً
تُجسِّد صخور محافظة العُلا سجلًا تاريخيًا مفتوحًا لمسيرة تطوّر اللغة العربية، إذ حفظت عبر آلاف السنين شواهد مبكرة للتعبير الإنساني، بدأت بالرسوم والرموز التصويرية، قبل أن تتدرّج إلى العلامات الصوتية والحروف، وصولًا إلى بواكير الكتابة العربية.
وتضم مواقع متعددة في العُلا آلاف النقوش والكتابات الصخرية التي تعود إلى عصور زمنية متعاقبة، عكست انتقال الإنسان من التعبير الرمزي القائم على الرسم وتسجيل المشاهد اليومية والمعتقدات، إلى التدوين بالحرف المنظَّم، في مسارٍ تاريخي يُبرز تطوّر اللغة العربية بوصفها أداة للتواصل وحفظ المعرفة. وتشمل هذه الشواهد نقوشًا لحيانية ونبطية ونماذج عربية مبكرة، شكّلت حلقات متصلة في تاريخ تشكّل اللغة.
وتؤكد هذه النقوش المكانة الحضارية للعُلا بوصفها محطةً محوريةً على طرق القوافل والتجارة القديمة، حيث التقت الحضارات وتداخلت الثقافات، وسعى الإنسان إلى توثيق حضوره وأفكاره ومعتقداته على الصخر، ليترك إرثًا لغويًا وإنسانيًا فريدًا ما زال شاهدًا حتى اليوم.
وتحظى هذه الكنوز الأثرية بعناية واهتمام من خلال جهود التوثيق والدراسة والحماية، لما تحمله من قيمة علمية وثقافية عالمية، تُسهم في فهم تاريخ اللغة العربية وتطوّرها، وتُبرز دور العُلا في حفظ مراحلها الأولى من الرمز إلى الحرف.
وفي هذا الإطار، تقوم الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، ممثَّلةً في معهد العُلا للغات، بتعليم اللغة العربية، إلى جانب إطلاق برنامج «إحياء اللغات القديمة»، الذي يهدف إلى تعزيز الوعي بالتراث اللغوي في المحافظة، وتمكين الأهالي والزوار من استكشاف التاريخ اللغوي الغني للمنطقة، وما تزخر به من لغات ونقوش تعود إلى عصورٍ متعاقبة.
ويقدّم البرنامج عددًا من الدورات المتخصصة في اللغات القديمة التي عُرفت في العُلا عبر التاريخ، تشمل: الآرامية، والثمودية، والدادانية، واللحيانية، والمسند الجنوبي، والنبطية، إضافةً إلى ورش عمل متخصصة في فنون النقش على الصخور، تُسهم في ربط المعرفة النظرية بالتجربة العملية، وتعميق فهم الموروث اللغوي والنقشي للمحافظة.
ويأتي هذا الإرث الحضاري متزامنًا مع اليوم العالمي للغة العربية، الذي يُحتفى به في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام؛ ليؤكد ارتباط اللغة العربية بجذورها التاريخية العميقة، ويستحضر دور مواقع مثل العُلا، التي تقف صخورها سجلًا تاريخيًا حيًا على رحلة اللغة من الرموز إلى الحروف.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
