في إنجاز طبي قد يغيّر مصير آلاف المرضى حول العالم، أعلن علماء تطوير فحص دم جديد قادر على اكتشاف مرض العصب الحركي القاتل في مراحله المبكرة للغاية، وبدقة تصل إلى 97 في المئة، بل وقبل ظهور أي أعراض واضحة على المريض. مرض صامت يفتك بالجسم سريعاًيُعرف مرض العصب الحركي، أو التصلب الجانبي الضموري، بأنه أحد أخطر الأمراض العصبية النادرة، إذ يهاجم الأعصاب المسؤولة عن الحركة، ويتسبب في ضعف تدريجي بالعضلات، ثم الشلل الكامل، وصولاً إلى فقدان القدرة على الكلام والتنفس، وغالباً ما يؤدي إلى الوفاة خلال سنوات قليلة من ظهور الأعراض، بحسب صحيفة ديلي ميل. كيف يعمل الفحص الجديد؟طور الفحص باحثون في مؤسسة «Brain Chemistry Labs» الأمريكية غير الربحية، بعدما قاموا بتحليل 788 عينة دم، نصفها تقريباً لمرضى مصابين، والنصف الآخر لأشخاص أصحاء.وركّز العلماء على جزيئات دقيقة تُعرف باسم «الميكروRNA»، وهي شظايا وراثية صغيرة تلعب دوراً مهماً في تنظيم عمل الخلايا.عندما يظهر المرض، تتغير أنماط هذه الجزيئات في الدم، مما يجعلها بمثابة بصمة حيوية يمكن الاعتماد عليها في التشخيص المبكر. ثمانية مؤشرات تكشف المرضتمكن الباحثون من تحديد ثمانية أنواع محددة من الميكرو RNA ترتبط بشكل مباشر بمرض العصب الحركي.وبعد تثبيت هذه المؤشرات باستخدام مئات العينات، استخدم الفريق تقنية مخبرية متقدمة تُعرف باسم «تفاعل البوليميراز» لتحليل بقية العينات بسرعة ودقة عالية.النتائج كانت لافتة، إذ نجح الفحص في تشخيص المرض لدى المصابين بنسبة 97 في المئة، وفي استبعاد المرض بدقة بلغت 93 في المئة لدى غير المصابين. تشخيص مبكر يساوي فرصة حياة أطولأكد الباحثون أن هذا الفحص قد يعالج واحدة من أكبر المعضلات التي يواجهها مرضى العصب الحركي، وهي التأخر الطويل في التشخيص، الذي قد يمتد أحياناً إلى عام أو أكثر، وهو تأخير قاتل في مرض لا يتجاوز متوسط البقاء فيه خمس سنوات.وأشار الخبراء إلى أن التشخيص المبكر يمنح المرضى فرصة لبدء العلاج في وقت أسرع، والحصول على رعاية متخصصة، والانضمام إلى تجارب سريرية قد تُخفف الأعراض وتُحسن جودة الحياة، رغم عدم وجود علاج شافٍ حتى الآن. خطوة نحو الإتاحة التجاريةبعد نشر النتائج في مجلات علمية مرموقة وعرضها خلال مؤتمر دولي متخصص، أعلن الفريق البحثي أنه يسعى حالياً للتعاون مع شركة تشخيص طبي لتحويل الفحص من نطاق المختبر إلى الاستخدام التجاري، مما قد يجعله متاحاً على نطاق واسع في المستقبل القريب. مرض أعادته الأضواء إلى الواجهةعاد مرض العصب الحركي إلى دائرة الاهتمام العالمي بعد إصابة عدد من الشخصيات المعروفة، من بينهم نجوم رياضة وممثلون عالميون، إضافة إلى الحالة الأشهر للعالم الفيزيائي الراحل ستيفن هوكينغ، الذي عاش مع المرض لأكثر من أربعة عقود في استثناء نادر.ورغم أن المرض لا يزال بلا علاج نهائي، يرى العلماء أن التطورات الحديثة في الفهم الجيني والاختبارات المبكرة قد تُحدث تحولاً جذرياً في التعامل معه، ليس فقط من حيث التشخيص، بل أيضاً في تطوير علاجات مستقبلية تستهدف جذور المرض نفسها.