23 ديسمبر 2025, 9:39 صباحاً
لا تكتفي السعودية ببناء أنظمة الذكاء الاصطناعي فحسب، بل تبذل جهودًا حثيثة لإرساء الأسس المتينة لتأمين موارد وطنية جديدة. فمن خلال استثماراتها في مراكز البيانات فائقة النطاق والجهود المبذولة لتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي السيادي، تخطو المملكة خطوات حثيثة لجعل الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية لاقتصادها وبنيتها التحتية ومكانتها العالمية.
يشهد الذكاء الاصطناعي المؤسسي تحولًا جذريًا، حيث ينتقل من تقديم إجابات سريعة ومباشرة إلى التفكير الاستدلالي العميق. وتملك نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة القدرة على إنتاج عدد أكبر من الرموز في كل تفاعل مقارنةً بالإصدارات القديمة، مما يزيد الحاجة إلى بنية تحتية حوسبية قادرة على تقديم الذكاء على نطاق واسع.
ويتصدر الاستدلال مسيرة التحول، باعتباره المرحلة التي تُوظّف فيها نماذج الذكاء الاصطناعي المُدرّبة قدراتها لتحويل البيانات الحديثة إلى رؤى مستحدثة وتوقعات دقيقة وقرارات ذكية. وتعتبر مرحلة الاستدلال التي غالبًا ما يتم إغفالها، الأكثر تعقيدًا على الصعيد التقني ضمن منظومة الذكاء الاصطناعي، حيث تستلزم بنية تحتية متينة وآمنة وسيادية لتحقيق آثار حقيقية.
تُدرك المملكة الحاجة الضرورية لهذه التقنيات، وتحرص على توفير مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي فائقة النطاق تحت سيادة وطنية كاملة لتأمين القدرات الحوسبية اللازمة لتدريب واعتماد نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة محليًا وعالميًا، مما يرسخ مكانتها كمركز عالمي للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتشكل "مصانع الذكاء الاصطناعي" العصر الجديد من الصناعة، فبدلًا من إنتاج السلع، يتم إنتاج المعرفة والرؤى الثاقبة التي تدعم مبادرات مثل المدن الذكية والتنقل الذاتي والرعاية الصحية التنبؤية وشبكات الطاقة الذكية.
إن استثمارات شركة "هيوماين" في مشاريع لبناء الجيل التالي من مصانع الذكاء الاصطناعي في المملكة بقدرات حوسبية تتخطى 500 ميغاواط، مدعومة بمنصة NVIDIA GB300 NVL72، ستمكن مختلف القطاعات في المملكة والعالم من تسريع وتيرة الابتكار وتعزيز مسيرة التحول الرقمي والمساهمة في توفير فرص اقتصادية نوعية.
في عصر الذكاء الاصطناعي، ستتحول القيادة إلى أولئك الذين يمتلكون بياناتهم، وقادرين على تخصيص نماذجهم، ويُتقنون عملية التفكير الاستدلالي. وهذه هي السيادة الاستراتيجية بحد ذاتها.
ولكن، تبقى الكوادر والكفاءات البشرية أساس هذا التحول، لذلك تحرص المملكة على بناء منظومة متميزة من أصحاب المواهب والكفاءات تضم المهندسين والعلماء والمطورين القادرين على تصميم وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي باستمرار. وفي هذا السياق، ستطلق كل من "هيوماين" و"إنفيديا" برامج تدريبية مخصصة لتنمية المهارات تُتيح لآلاف المواطنين السعوديين والمطورين فرصة التعمق في تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، المحاكاة، الروبوتات، وتقنيات التوأم الرقمي.
وقد بدأت آثار الذكاء الاصطناعي تتجلى بوضوح، ففي قطاع الطاقة مثلًا، يُسهم الاستدلال بتحسين العمليات، والتنبؤ باحتياجات الصيانة، وتعزيز عملية دمج مصادر الطاقة المتجددة. وفي قطاع التصنيع، يسهم في الحد من الهدر، وخفض الانبعاثات، وتعزيز العائد على الاستثمار. أما في المشاريع العملاقة مثل "نيوم"، المنطقة التكنولوجية الواقعة في شمال غرب السعودية، يدعم الاستدلال بالذكاء الاصطناعي الأنظمة ذاتية التشغيل، والتوائم الرقمية الديناميكية، والبنية التحتية القادرة على التكيف الذكي.
يُعتبر الأداء عاملاً حاسمًا جدًا في هذه المرحلة. ويعد InferenceMax v1، وهو معيار جديد للقياس المستقل طوّرته شركة SemiAnalysis، الأول من نوعه في قياس التكلفة الإجمالية للحوسبة في بيئات العمل الواقعية. وقد برزت منصة NVIDIA Blackwell كأفضل أداء، مقدمة كفاءةً غير مسبوقة وإنتاجية عالية وفعاليةً كبيرة من حيث التكلفة لمصانع الذكاء الاصطناعي من الجيل التالي. إن توسيع نطاق نماذج "مزيج الخبراء"، وهي بنية توازي كفاءة الدماغ البشري، يمثل تحديًا كبيرًا، غير أن التصميم المشترك لأنظمة NVIDIA Blackwell NVL72، التي تدمج تحسينات متقدمة على مستوى الأجهزة والبرامج لتحقيق أقصى درجات الأداء والكفاءة، يُسهّل عملية نشر هذه البنى المتقدمة وتوسيعها.
وتشير التقديرات إلى أن نظامًا واحدًا من Blackwell بقيمة 5 ملايين دولار، يحقق إيرادات قائمة على الرموز بقيمة 75 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، أي عائد استثماري يبلغ 15 ضعفًا. تُحدّد هذه المعادلة بين الأداء والربحية حدود المنافسة التي تسعى دول مثل السعودية إلى تطبيقها في مختلف قطاعاتها.
إن مستقبل السعودية الذكي سيقوم على الحوسبة المتسارعة والذكاء الاصطناعي السيادي، مما يشكل نموذجًا عالميًا يحتذى به لريادة الدول من خلال دفع عجلة الابتكار وتعزيز البنية التحتية التقنية وإرساء الشراكات الفاعلة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
