عرب وعالم / السعودية / عكاظ

بين الحكمة والاندفاع.. قراءة في موقف المملكة ومسؤولية الجوار

ليس الجوار الجغرافي مجرّد تماسٍّ حدودي، بل علاقة تاريخ ومسؤولية ومصير مشترك. وحين تضطرب البوصلة في لحظة سياسية حسّاسة، يصبح العقل واجباً أخلاقياً، لا خياراً نظرياً.

حماية الاستقرار ومنع الانزلاق


وفي المسار الذي يجمع اليمن بالمملكة العربية ، لا مجال للخطأ العاطفي؛ لأن كلفة الاندفاع لا تُدفع شعارات، بل تُدفع أمناً ومعيشةً واستقراراً.


إنّ ما يجري اليوم من تحركات غير منضبطة في حضرموت والمهرة لا يمكن قراءته خارج هذا السياق. فالمملكة، بحكم موقعها ودورها، لا تتحرّك بدافع الهيمنة ولا بدافع الوصاية، بل من منطلق حماية الاستقرار ومنع انزلاق الجغرافيا اليمنية إلى فوضى إضافية، تُضاف إلى سجلٍ مثقل أصلاً بالانقسامات والحروب.

الوفد السعودي يلتقي اعيان وشخصيات حضرموت


المشهد اليمني، للأسف، ما زال عرضة لانفعالات سياسية تتغذّى على العاطفة أكثر مما تستند إلى قراءة متأنية للواقع. حبٌّ مفرط يتحوّل إلى تهوّر، وغضبٌ غير محسوب ينتهي بخسارة لا يعترف بها أحد. غير أنّ السياسة، كما الفلسفة، لا تُدار بمنطق النوايا، بل بمنطق النتائج. والمملكة، في موقفها الأخير، تنطلق من هذا المنطق تحديداً منع النتائج الكارثية قبل وقوعها.

كبح الانهيار الشامل


الحقيقة التي لا يجوز القفز عليها، أنّ شريان الحياة اليومي لملايين اليمنيين يرتبط ارتباطاً مباشراً بالمملكة. ليس ذلك منّةً ولا ادّعاء فضل، بل واقع اقتصادي واجتماعي وإنساني. من تحويلات المغتربين، إلى المساعدات، إلى الدور السياسي في كبح الانهيار الشامل، ومن العبث السياسي أن يُغامَر بكل هذا الرصيد في مغامرات شعاراتية لا تحسب حساب الغد.


وعندما نتحدّث عن المملكة العربية السعودية كدولة كبرى، فإننا لا نتحدّث عن قوّة مجردة، بل عن ثقلٍ سياسي يُفترض أن يُستشار لا أن يُستفز، ويُفهم لا أن يُختبر، فالكبار في السياسة لا يُدارون بالتصعيد، بل بالحوار، ولا تُفرض عليهم الوقائع، بل تُبنى معهم التفاهمات.


ليس في موقف المملكة عداء لأي مكوّن يمني، ولا رفض لطموحات مشروعة، لكنّ السياسة العاقلة تفرّق بين الحق في الطموح، والخطأ في التوقيت، والخطر في الأسلوب، وحضرموت والمهرة ليستا ساحتي اختبار قوة، بل صمّام أمان لليمن والمنطقة، وأي عبث بأمنهما هو عبث بالجميع.

عصام شريم

رفض المملكة للتحركات المنفلتة


الخلاف، نعم، حقٌّ سياسي، لكن تحويله إلى استعراض في الشارع أو فرض أمر واقع بالقوة هو انزلاقٌ لا يخدم أحداً، لقد علّمتنا تجارب قريبة، منذ 2011، أن الميادين حين تنفصل عن الرؤية، تتحوّل من أداة ضغط إلى بوابة فوضى، والمملكة، وهي ترى المشهد من زاوية أوسع، تدرك أن ما يبدو مكسباً لحظةً قد يكون خسارة وطن لعقود.


اليمن، شماله وجنوبه، ليس جسداً قابلاً للتجريب المتكرر، هو كيان هشّ، يحتاج إلى ترميم لا إلى كسر جديد، ومن هنا فإن دعم المملكة لوحدة الموقف الأمني، ورفضها لأي تحركات منفلتة خارج التوافق، ليس انحيازاً ضد أحد، بل انحياز لصالح الدولة، وضد منطق المليشيا، أيّاً كان اسمها أو شعاراتها.


إنّ الحكمة السياسية اليوم تقتضي الوقوف بوضوح مع كل موقف يمنع الانفجار، ويقدّم العقل على الانفعال، والدولة على الجماعة، والمستقبل على اللحظة والمملكة في هذا الموقف تمارس دورها الطبيعي كونها دولة مسؤولة عن أمنها وأمن جوارها، وليست طرفاً في صراع داخلي.


وفي لحظات الاختبار، لا يُقاس القادة بحدّة خطاباتهم، بل بقدرتهم على التراجع خطوة حين يكون التقدّم مدمّراً.


والحكمة اليوم، بكل وضوح، تقف مع استقرار حضرموت والمهرة، ومع موقف المملكة العربية السعودية، ومع إنقاذ اليمن من مغامرة جديدة لا يحتملها.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا