استعرض كتاب « الاتزان الاستراتيجى »، الذى أصدرته وزارة الخارجية، ملامح السياسة الخارجية لمصر وتحرك القاهرة تجاه آسيا.
البعد الأسيوي في السياسة الخارجية المصرية ويؤكد الكتاب أن البعد الأسيوي ظل حاضرا في سياسة مصر الخارجية عبر التاريخ لقرونٍ، خاصة بحكم موقع مصر كحلقة وصل بين القارتين، والارتباطات الثقافية والدينية والاستراتيجية مع منطقة غرب آسيا بشكل خاص.
وفي العصر الحديث، مثلت العلاقات المصرية مع دول آسيا، التي اكتسبت زخماً غير مسبوق خلال السنوات العشر الأخيرة، نموذجاً للمرونة الاستراتيجية وتطبيق مبدأ الاتزان الاستراتيجية بوصفه جوهر عقيدة السياسة الخارجية المصرية، كما أن الاعتبارات الاقتصادية والضرورات الاستراتيجية كلها كانت تدفع باتجاه تعزيز علاقات الجمهورية المصرية الجديدة مع دول آسيا.
ومنذ تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي المسئولية ، كان توسيع خيارات مصر الاستراتيجية والانفتاح على جميع دول العالم على رأس جدول أعماله وتوجيهاته للسياسة الخارجية المصرية ، وانعكس ذلك في حرص سيادته على القيام بجولة آسيوية شملت الصين وسنغافورة و إندونيسيا، وتلتها على مدار السنوات العشر التالية زيارات متعددة لدول آسيوية أخرى، على غرار اليابان والهند وفيتنام وأوزبكستان وكازاخستان، أسفرت عن الارتقاء بمستوى العلاقة المصرية مع بعض هذه إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، والعمل على جذب استثمارات جديدة للسوق المصرية، وتطوير علاقات التعاون بين مصر ودول آسيا في مجالات عديدة من البنية الأساسية والمشروعات القومية، إلى قطاع التكنولوجيا الحديثة إنتاج الهيدروجين الأخضر وتكنولوجيا الاتصالات وغيرها.
الشراكة الاستراتيجية مع الصينوارتبطت مصر بعلاقات تاريخية مميزة مع الصين، كونها أول دولة عربية وأفريقية أقامت العلاقات مع الصين في 1956 ، وتمثل الصين حالياً إحدى أهم الشركاء الاستراتيجيين لمصر، حيث تم توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والصين خلال الزيارة التي قام بها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الصين في ديسمبر 2014، والتي تغطي هذه الاتفاقية مختلف مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري.
وفي إطار الزيارات المتبادلة ، تم الاتفاق على عدة أطر مؤسسية للتعاون بين مصر والصين، من أبرزها الحوار الاستراتيجي على مستوى وزراء الخارجية، ومتابعة مختلف أوجه التعاون بين البلدين على المجال الثنائي، والتنسيق السياسي بين البلدين في مختلف المحافل الدولية، خاصة وأن الصين من الدول متشابهة الفكر مع مصر، وتتقارب مواقف البلدين في قضايا عديدة على رأسها القضية الفلسطينية، والموقف من قضية الأمن المائي لمصر، والقرار الذي اتخذته الحكومة الصينية في هذا السياق بوقف عمل الشركات الصينية العاملة في مشروع السد الأثيوبي، ودعم بكين للتحركات المصرية الرامية، وغيرها.
وشهدت السنوات العشر الأخيرة زيارات رئاسية متبادلة بين مصر واليابان، بما عكس رغبة البلدين في رفع مستوى التعاون بينهما، ومثلت زيارة رئيس الوزراء الياباني الأسبق “شينزو آبي" إلى مصر في يناير 2015 ، نقطة انطلاق جديدة للعلاقات المصرية اليابانية، لاستثمار إمكانات التعاون بين البلدين اللذين يتمتعان بعلاقات تاريخية ممتدة، وتتقارب رؤاهما السياسية تجاه قضايا التعاون الثنائي، وسبل تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وتضمن الزيارات التصديق على عدد من مشروعات التعاون بين البلدين في قطاعات اقتصادية مختلفة، ورفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، والتعاون بين البلدين في قضايا حفظ وبناء السلام في أفريقيا، وتتعدد الأطر المؤسسية للتعاون بين مصر واليابان، وتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري والثقافي بين البلدين، وتعزيز التعاون المصري مع وكالة الفضاء اليابانية، والتعاون الثنائي في مجال الذكاء الاصطناعي والتعليم الفني.
العلاقات المصرية الكورية الجنوبيةومرت في عام 2025 الذكرى الثلاثون لتدشين العلاقات الدبلوماسية بين مصر وكوريا الجنوبية، ومثل العقد الأخير نقلة نوعية في مستوى التواصل والتنسيق السياسي بين البلدين، شملت الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية التعاونية الشاملة.
وقد شهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة لقاءات رفيعة المستوى بين البلدين، وتتمثل أولوية السياسة الخارجية المصرية تجاه كوريا في السنوات الأخيرة في تعزيز التعاون الاقتصادي على الصعيدين الثنائي والثلاثي)من خلال المشروعات المشتركة في أفريقيا( وجذب الاستثمارات الكورية للسوق المصرية، وانعكس ذلك في قيام بنك التصدير والاستيراد الكوري الجنوبي بإيفاد ممثل دائم لصندوق التعاون للتنمية الاقتصادية التابع للبنك إلى مصر، وتشمل أبرز مشروعات التعاون إنشاء مصانع لتدوير المخلفات الصلبة في عدد من المحافظات المصرية، واستحداث مركز متقدم للمحاكاة والتدريب على عمليات إدارة المخلفات وإعادة التدوير، وتصنيع 320 عربة قطار لصالح الخطين الثاني والثالث لمترو الأنفاق بالقاهرة بتمويل من صندوق التعاون الكوري للتنمية الاقتصادية يقدر بحوالي 460 مليون دولار، ومشروع تطوير وتأهيل خط ترام الإسكندرية، ومشروع برنامج تبادل المعرفة الكوري، والتعاون مع الجانب الكوري في إطار مشروع إنشاء المحطة النووية بالضبعة، وتسيير رحلات الشارتر لسائحين من كوريا الجنوبية إلى مصر.
وتمثل التطورات في السياسة الخارجية المصرية تجاه الهند على مدار العقد الماضي، نموذجاً في تطويع الشراكة التاريخية بين البلدين، لمقتضيات النظام العالمي المتغير، حيث انتقلت الأولوية في السياسة الخارجية المصرية تجاه الهند إلى تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي والدفاعي بين البلدين، والتي برزت في الزيارات المتبادلة، والتأكيد على التوجه لأولوية تعزيز التعاون الاقتصادي والدفاعي من جهة، والحفاظ على التنسيق السياسي بين البلدين في المحافل الدولية، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والارتقاء بها إلى مستوى التعاون الاستراتيجي.
وفي ضوء التزام مصر باستراتيجية الاتزان الاستراتيجي والتي تقوم في جوهرها على رفض الاستقطاب والاحتفاظ بعلاقات تعاون وخطوط اتصال مفتوحة مع كل الأطراف، فإن النقلة النوعية التي شهدتها العلاقات المصرية الهندية لم تأت خصما من العلاقات مع باكستان، حيث سعى الجانب الباكستاني للاستفادة من الخبرة المصرية في مجالات الإصلاح الاقتصادي، وتطوير العشوائيات وإنشاء مشروعات للإسكان المتوسط، بالإضافة إلى رغبته في الاستفادة من وسطية واعتدال الأزهر الشريف في مواجهة الأفكار المتطرفة والراديكالية، وأوجدت هذه الأولويات الاقتصادية وفي مجال مكافحة التطرف الأساس لإعادة إطلاق العلاقات بين البلدين.
وأعطت السياسة الخارجية المصرية، في إطار سياسة توسيع الخيارات الاستراتيجية، أولوية خاصة لتعزيز العلاقة مع رابطة تجمع دول الآسيان العشرة (سنغافورة – اندونيسيا – ماليزيا – تايلاند – الفلبين – فيتنام – لاوس – كمبوديا – بروناي – ميانمار) التي تحتل مجتمعة المركز الخامس اقتصاديا على مستوى العالم ومن المنتظر أن تصبح رابع أكبر كتلة اقتصادية عالمية عام 2030، الأمر الذي يفتح مجالات كبيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي وجذب الاستثمارات وتوطين الصناعات، خاصة صناعة السيارات والصناعات التكنولوجية المتقدمة والتعاون في مجال الطاقة المتجددة، من خلال مسارين تعزيز العلاقات المؤسسية بين مصر ورابطة الآسيان، والتحرك الثنائي مع دول الآسيان.
علاقات مصر مع دول آسيا الوسطىواهتمت مصر بالعلاقات مع الدول الإسلامية المستقلة عن الاتحاد السوفيتي وكانت من أوائل الدول التي اعترفت باستقلالها وأنشأت علاقات دبلوماسية معها في بداية التسعينيات من القرن الماضي، استثمارا للروابط الثقافية والدينية العميقة التي تربط هذه الدول بمصر، فضلاً عن وجود مجالات عديدة للتعاون بدءاً من مكافحة الإرهاب والتطرف، ووصولاً للتعاون في قطاعات التجارة والاستثمار، وقد شهدت الفترة من 2014 إلى 2024 نقلة هامة في العلاقة بين مصر وثلاث من أهم الدول في منطقة اَسيا الوسطى هي كازاخستان وأوزباكستان وطاجكستان، من خلال الزيارات المتبادلة وتوقيع مذكرات التفاهم والتعاون الاقتصادي والثقافي والزراعة والتعليم العالي والشباب والرياضة، إضافة إلى الطاقة المتجددة ومجالات مكافحة الإرهاب.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
