منوعات / صحيفة الخليج

«سينما 2025».. الشباب يتألقون ويجددون الأمل في المستقبل

مارلين سلوم

نهاية العام وفق الرزنامة لا تعني نهاية موسم سينمائي ولا توقف إيرادات وبداية عد تصاعدي أو تنازلي لأفلام تعرضها الصالات العالمية والعربية، لكن نهاية العام تعني عودة بخطوات قليلة إلى ما شاهدناه خلال كل المواسم التي مرت في 2025، والتوقف عند أبرز ملامح يمكن أن تكون قد رسمت خريطة مختلفة لهذه السنة، خصوصاً أن 2025 عرف تصاعداً في قيمة ما تعرضه السينما العربية، وتألق بارز للمواهب الشابة والتي منحتنا الأمل بمستقبل أكثر نجاحاً وإبهاراً للسينما العربية؛ بل يمكن القول إن سينما 2025 أشارت لنا على صناع حقيقيين يؤمنون بقيمة الفن ورسائله ويؤمنون بقدرة الجمهور على التمييز بين الغث والسمين، وصناع يحترمون عقولنا بتقديمهم قضايا مهمة يصيغونها بكتابة تتعمق في المضمون، يرافقها إخراج واعٍ وهادف وتمثيل يحملنا إلى قمة الاستمتاع.

مرت علينا سنوات شعرنا فيها أننا نسير في نفق مظلم، وأن صناعة السينما كاللعبة بين أيدي «تجار» يبحثون عن المادة الاستهلاكية التي تجذب الجمهور، لذلك نشعر بفارق كبير ونبتهج لما وصلت إليه السينما، وتحديداً تنشرح صدورنا لهذا الكم من الشباب الواعي والواعد، المتمسك بصناعة السينما والمؤمن بقدرته على إحداث فرق وتقديم فكر والاجتهاد لتحقيق أهداف حقيقية، شباب أمتعونا هذا العام بأفلام مست القلوب وخاطبت العقول، صفق لها الجمهور بغض النظر عن الإيرادات.

إذا أردت أن تبـــدأ بالأرقـــام، فإن فيـــلم «سيكو سيكو» حصد أعلى إيـــرادات هذه السنة، إذ جمع نحو 187 مليون جنيه، رغم كونه أول بطولة سينمائية مطلقة للثــنائي عصام عمر وطه دسوقي، ونافس بقوة حين عرضه بالصالات مع أن فريق عمله من الشباب بداية من التأليف إلى الإخــراج والتمثيل، والنجوم فيه ضيوف شرف لا أكثر، مثل خالد الصـــاوي، وباسم سمرة، ومحمود عزب، والفـــنان سليمــان عيد الذي غيبه الموت هذا العام، تأليف محمد الدباح، وإخراج عمر المهندس. هذا الثنائي (المؤلف والمــخرج) نجح في تقــديم توليـــفة خفــيفة.

عمق في الكتابة والإخراج

الأرقام ليست وحدها معيار النجاح، فإذا عدنا إلى لائحة أفلامنا العربية الأكثر تميزاً في 2025، لا بد أن نأتي على ذكر الأجمل والأقوى من حيث الجودة والمضمون. هنا تتصدر القائمة أعمال غير كوميدية، مثل «ضي.. سيرة أهل الضي» الذي يعتبر علامة مميزة في سينما هذا العام. «ضي» حالة استثنائية في الخريطة السينمائية، تأليف وإخراج الثنائي الشديد التميز والشديد الحرفية والعمل بصمت بعيداً عن ضوضاء الظهور الإعلامي والدعائي الكاتب هيثم دبور والمخرج كريم الشناوي؛ الفيلم أضاء على قضية أهل «المهق» المعروف بـ«ألبينو»، ولم يلجأ إلى بريق كبار النجوم كي يلقى استحسان وإقبال الجمهور، بل اعتمد في بطولته على رباعي عاش القصة وقدمها بكل مشاعره وبكل صدق، بدر محمد وأسيل عمران وإسلام مبارك وحنين سعيد، وأعاد الفيلم الكينج محمد منير إلى السينما بصفته الحقيقية ومعه شارك نجوم مثل محمد ممدوح وصبري فواز وعارفة عبد الرسول.

الاستثناء الثاني هو «ولنا في الخيال حب» الذي مازال يلاقي نجاحاً في الصالات، حالة سينمائيـــة تُدخــل إلى القلوب البهجة وتحثك على التفكير بالحب الحقيقي وأسمى معانيه. هو أيضاً تجربة شبابية متميزة، حيث فاجأتنا مؤلفته ومخرجته سارة رزيق شافع بتقديم نفســها للفــن الــسابع فــي أول أعمالها بهذا العمق وهذه الحــرفية، أحيت فينا مجدداً الأمل بعودة السينما الرومانسية الراقية والهادفة. سارة رزيق شافع قدمت عملها ونجحت غير معتمدة على أسماء أعداد كبيرة من النجوم، فجاءت المساحة كافية ليتألق فيها أحمد السعدني وعمر رزيق ومايان السيد.

من جهة أخرى لا نبالغ إن قلنا إنه عام أحمد السعدني، تألق بدور يوسف في هذا الفيلم وأبكانا من شدة صدقه وشفافيته في الأداء، كذلك لمع وحقق نجاحاً كبيراً في الدراما من خلال «لام شمسية» الذي عرض في ، و«لا ترد ولا تستبدل» المعروض حالياً.

«ماريا» و«الست» وما بينهما

من المفارقات أن يبدأ الموسم السينمائي في 2025 بفيلم «ماريا» عن مغنية الأوبرا العالمية ماريا كالاس، بتوقيع الكاتب والمخرج بابلو لارين، ونختتمه بفيلم «الست» عن كوكب الشرق أم كلثوم، ويحمل توقيع أحمد مراد في الكتابة ومروان حامد في الإخراج، مع فارق كبير بينهما من حيث الكتابة والتي اعتمدت في «ماريا» على اختيار حقائق موثقة، صحيح أنها لم تكن كلها معلنة ولكنها تستند إلى دلائل ومعلومات، بينما ذهب أحمد مراد بعيداً في مخيلته ليؤلف حكايات عن أم كلثوم دون أن يراعي لا الوقائع التاريخية الحقيقية والمؤكدة، ولا الصفات الشخصية التي لازمت الست طوال حياتها، كما فاته والمخرج مروان حامد التدقيق في الأرشيف والمستندات المتوفرة بكثرة منعاً للوقوع في أخطاء لم يغفرها لهما ولصناع الفيلم الجمهور، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي رفضاً لتشويه تاريخ وسيرة هذا الرمز العربي، أضف إلى ذلك، الفرق الكبير بين أداء أنجلينا جولي بدور ماريا كالاس، وأزيائها ورقيها في الكلام والتصرف وشموخها كما كانت مغنية الأوبرا وما عُرفت به فعلياً، في حين أن منى زكي لم تكن مناسبة لأم كلثوم، ولا الماكياج استطاع تقريب الشكل ولو قليلاً منها، بل غاب الشموخ ووقفة «الست» وهيبتها، وهنا لا بد من ذكر معلومة مهمة، وهي أن أنجلينا جولي تعلمت الإيطالية خصيصاً من أجل صدقها في أداء شخصية ماريا كالاس، كما تدربت على الغناء الأوبرالي، لدرجة أنها كانت تشعر بالدوار والإغماء وهي تغني، لأن الغناء الأوبرالي صعب ويتطلب تدريبات كثيرة وطويلة من أجل التحكم بالنَفَس.

التفاتة ذكية

شهد 2025 التفاتة ذكية من النجم العالمي نحو بلده الأم ، حيث جاءها ليطرق صالاتها بفيلم مصري، أراد أن يترك من خلاله بصمة في السينما المصرية ويقترب أكثر من جمهورها، لكن «في عز الضهر» لعب على السلالم بين المصرية والعالمية ولم يطل هذه ولا تلك، المخرج مرقس عادل قدم إخراجاً جيداً من حيث التقنيات والتركيز على مينا مسعود كبطل أول، لكن الأكشن جاء مناسباً وفق معايير السينما العربية لا العالمية، بينما عجز مؤلف الفيلم كريم سرور عن تقديم حبكة قوية.

في المقابل قدم النجم العالمي المصري الأصل، رامي مالك فيلماً أمريكياً بعنوان «ذا أماتور»، الحس البوليسي والأكشن هنا أعلى من فيلم مينا مسعود، لكنه لم يلق النجاح المبهر، بسبب ضعف الحبكة أيضاً، مالك الذي مازال أول فنان عربي نال «أوسكار» أفضل ممثل دور أول في فيلم أمريكي طويل، لكن فيلمه هذا العام الذي أخرجه جيمس هاويس، والمقتبس من رواية روبرت ليتل بالاسم نفسه «ذا أماتور»، والصادرة عام 1981، وحولها كاتبا السيناريو والحوار كين نولان وغاري سبينيلي إلى فيلم، بقي دون مستوى المتوقع.

«لقاء آل كومالوس» سينما إفريقية تألقت فيها مبدعات في التأليف والإخراج والتمثيل، وكثير من الأعمال الأخرى مثل «السادة الأفاضل»، «فيها إيه يعني»، «نوناز»، «نادي الخميس»، «كيف تروض تنينك».. أعمال أثرت السينما العربية والصينية والإفريقية والعالمية عموماً، لا مجال لحصرها، إضافة إلى أفلام المهرجانات والتي حصدت جوائز في 2025.. المهم أننا حققنا تقدماً في الصناعة العربية ومتفائلون بمزيد من الإبداع في 2026.

[email protected]

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا