تعد شجرة الزيتون الأقدم فى فلسطين، والفلسطينيون القدماء هم أول من طوَّر زراعتها واستخراج زيتها واستثماره، وتمتلك فلسطين أقدم شجرة زيتون بالعالم في قرية الولجة جنوب مدينة القدس، والتي قدر خبراء منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عمرها بحوالي 5500 عام، وهى بذلك أكبر من كل الاحتلالات التى مرت على فلسطين. ويُعد الزيتون - وفق إحصاء وزارة الزراعة الفلسطينية - أكبر المحاصيل الزراعية في فلسطين، ويشكل 45% من المساحة الزراعية الكلية فيها وأكثر من 85% من مساحة أشجار البستنة المزروعة في فلسطين. يشكل الزيتون مصدر غذاء ودخل رئيسي للمواطن الفلسطيني، فضلا عن كونه عامل ثبات وصمود له، ويشكل حصنا منيعا بالدفاع عن الأرض وحمايتها، والفلسطيني يرتبط بالزيتون دينيا وسياسيا وثقافيا وتاريخيا ووجدانيا. ويواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه المفتوحة ضد شجرة الزيتون الفلسطينية، في محاولة لطمس رمزية هذه الشجرة التي تمثل الجذور التاريخية والهوية الوطنية للفلسطينيين. فمنذ سنوات، يمارس الاحتلال سياسة منهجية تستهدف الأشجار والأراضي الزراعية، عبر الاقتلاع، والمصادرة، والحرمان من الوصول، وسرقة الثمار، وهى ممارسات ترقى إلى مستوى الجريمة المنظمة ضد الأرض والإنسان. ووفق تقارير ميدانية، فإن قوات الاحتلال تعمد إلى اقتلاع الأشجار المعمرة، بعضها يعود إلى العهد الروماني، بهدف تسهيل السيطرة على الأراضي وتحويلها إلى "أراضٍ بور"، مما يسمح بمصادرتها لاحقًا وفق قوانين إسرائيلية مجحفة. وأوضح مسئول بمركز أبحاث الأراضي في شمال الضفة الغربية أن الجيش الإسرائيلي اقتلع أكثر من 50 ألف شجرة زيتون خلال السنوات الأربع الأخيرة فقط. أما من الناحية الاقتصادية، فقد تجاوزت خسائر المزارعين الفلسطينيين هذا العام 6 ملايين دولار نتيجة اقتلاع وتدمير نحو 9 آلاف شجرة زيتون، بحسب رامز عبيد، رئيس دائرة الزيتون في وزارة الزراعة الفلسطينية، الذي أكد أن الأخطر من ذلك هو مصادرة الاحتلال لعشرات آلاف أشجار الزيتون وعزل مساحات شاسعة خلف جدار الضم والتوسع العنصري. وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 7% من مساحة الزيتون في فلسطين، أي ما يقارب 70 ألف دونم، تقع قرب أو داخل المستوطنات وجدار الفصل، حيث يُمنع المزارعون من الوصول إليها إلا بتصاريح محدودة، ما يؤدي إلى خسارة نحو 5% من الإنتاج السنوي الذي يُقدر بنحو 22 ألف طن. ورغم هذه الانتهاكات المتواصلة، لم يستسلم المزارعون الفلسطينيون، إذ يواصلون إعادة زراعة الأشجار واستصلاح الأراضي التالفة، بدعم من مؤسسات رسمية وأهلية. ورغم محاولات الاحتلال المستمرة لاقتلاع الشجرة المباركة، تبقى شجرة الزيتون رمز الصمود الفلسطيني، شاهدة على أرضٍ لا تنكسر وجذورٍ لا تُقتلع مهما اشتدت محاولات الطمس والتهويد.