في زاوية خيمة مهترئة نصبت على عجل فوق ركام منزلها في أحد أحياء غزة المدمرة، تجلس السيدة أم يزن، تحتضن طفلها وتحاول أن تُخفي انكسارها خلف ابتسامة شاحبة. الطفل يزن معاناة أم يزن لم تكن تتخيل ابنة الثلاثين عاما أن تتحول حياتها بين ليلة وضحاها من بيت دافئ يجمعها بطفلها إلى مأوى مؤقت لا يصد برد الشتاء ولا قسوة الريح، دائما ما تؤكد "أمانى" أن كل ما تملكه هو قوت يومها، لكن حتى ذلك فقدته بعدما تدمر منزلها بالكامل، فارقها زوجها تاركاً أسرته بلا مأوى ولا مصدر دخل. خيمة أم يزن إعاقة بصرية جزئية أم يزن تحمل عبئاً مضاعفاً؛ فزوجها التي فارقها وسافر لم يعد في الصورة، وابنها البالغ أحد عشر عاماً، يعاني إعاقة بصرية جزئية تتطلب رعاية خاصة لم تعد قادرة على توفيرها، كما يحتاج طفلها إلى احتياجات أساسية تعجز يدها عن تلبيتها. منزل أم يزن المدمر وقالت وهي تجاهد لحبس دموعها إنها "لا تملك معيلًا سوى الله"، وأن طفلها بات يواجه الجوع والبرد بلا ملابس كافية ولا بطانيات تحفظ أجسادهم الصغيرة من برد الليالي القارسة. ولا تختلف معاناة أم يزن كثيراً عن تجربة أخرى مرت بها بعد طلاقها، حين وجدت نفسها وحيدة مع طفلها في خيمة لا تقي من المطر ولا تحمي من الحر. عبء مضاعف تؤكد في تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن والد طفلها لا يعترف به ولا يقدم له أي نفقة، ما جعله يعيشن "كاليتيم"، كما تصف، وكل ما تملكه هو قوت يوم بالكاد يكفيهما، فيما يطالبها طفلها بمصروف بسيط لا تستطيع توفيره. يزن مع أطفال غزة وقالت أم يزن إن فقدان منزلها جعلها تخسر كل شيء، من الملابس إلى الأغطية، وإنها تدخل فصل الشتاء بلا أي احتياجات أساسية. وأضاف: "والله ما بعرف لمين أروح… ما إلي غير أهل الخير"، وبين خجل الحاجة المر وكرامة الأم الساعية لحماية طفلها، تخرج من خيمتها كل يوم على أمل أن يصلها ما يعينها على إكمال يوم آخر في رحلة صعبة تصفها بأنها "معاناة لا تنتهي".