في 7 يوليو 2025، وخلال أسبوع باريس للأزياء الراقية Paris Couture Week، قدّمت المصممة تامارا رالف Tamara Ralphعرضاَ ساحراَ جسّد فيه كل من الحرفية المعمارية الدقيقة وجمالية الفن الكلاسيكي الخالد. 

في مجموعة هوت كوتور خريف وشتاء 2025-2026، أعادت رالف إحياء عصر الآرت ديكو بتفاصيله الهندسية الفخمة وأناقة خطوطه، مقدمةً رؤية جديدة تنسج الماضي في قلب الحاضر برؤية معاصرة مبهرة.

هندسة ترتدي الأنوثة

1. استوحت رالف تصاميمها من معمارية فن الآرت ديكو، فجاءت القطع مزيجًا من الزوايا الحادة والانسيابية الراقية، بدت التصاميم وكأنها مخططات نحتية جاهزة للارتداء: فساتين بفتحات صدر على شكل قلب، أكمام بارزة، وأقمشة انسيابية تتحرك بخفة على الجسد، لكنها تخفي وراءها هندسة دقيقة في القصّ والبناء.
2. لم يكن الإلهام سطحياً أو زخرفياً فقط، بل غاصت المصممة في عمق المرحلة، حيث اتخذت القطع شكلًا معماريًا يحتفي بالخط والتماثل، متجسدًا في الفساتين المطرزة بشلالات من اللآلئ، وأخرى مزينة بشبك كريستالي يعكس ضوء القاعة كأنها نوافذ زجاجية ملونة في كاتدرائية من الضوء.

قصيدة مطرزة بالضوء والظل

1. في كل طيّة من طيات الأقمشة، وفي كل خيط من خيوط التطريز، نسجت تامارا رالف قصيدة مرئية تجمع بين وهج الضوء وغموض الظلال، تراقصت البلورات اللامعة على سطح التفتا والمخمل كأنها شظايا من شمس مغربية غاربة، بينما انسكبت طبقات التول والحرير على الأجساد بانسيابية تحاكي خيالًا شاعرًا.
2. لم تكن القطع مجرد أزياء، بل مشاهد حية من حلمٍ سينمائي، تتبدل ألوانها بحسب زاوية الضوء وتعبّر عن ازدواجية رالف المدهشة مثل "لقوة والهشاشة"، "السطوع والاحتواء"، "الترف والتجريد"، لقد جعلت من كل فستان عملًا بصريًا يحاور المكان، ويعكس جماليات صامتة لا تُقرأ بل تُحس.

الدراما تلتقي بالحنين

1. من أكثر اللحظات شاعريةً في العرض كانت إطلالة العروس، التي جاءت بفستان مطرز بخيوط اللؤلؤ، ومزود بطبقة شفافة من الشظايا الصدفية، بدا الفستان وكأنه خُلق من ضوء القمر وبخار الذاكرة، يختتم العرض بمزيج من الهشاشة الفاتنة والقوة النحتيّة.
2. أما الإطلالة الافتتاحية، فلفتت الأنظار بصدريّة مصنوعة من الراتنج المنحوت يدويًا وعرق اللؤلؤ، تطلب إتمامها ثمانية أسابيع من العمل الدقيق، وأثبتت من خلالها تامارا التزامها بما يتخطى الجمال السطحي إلى جوهر الحرفة.

لمسة عائلية وروح مرحة

1. رغم الفخامة المهيبة التي غلّفت عرض تامارا رالف، كانت هناك لحظة دفء إنسانية أضفت روحًا مرحة وعائلية على الأجواء، حين ظهرت ابنتها الصغيرة على الصف الأمامي مرتدية فستان تول مطرز صُمم ليعكس إحدى الإطلالات الرئيسية من العرض، بدا وكأن الخيال والواقع قد امتزجا في مشهد حميمي.
2. لم تكن مجرد لفتة عابرة، بل رسالة ضمنية عن انتقال الجمال من جيل إلى جيل، وعن العلاقة العاطفية العميقة التي تجمع المصممة بتصاميمها. هذه اللمسة الشخصية، المليئة بالحب والبساطة، ذكّرت الحضور بأن الأناقة الحقيقية لا تنفصل عن المشاعر، وأن روح الأزياء الراقية يمكن أن تكون مفعمة بالمرح والدفء الإنساني.آرت ديكو للقرن الحادي والعشرين
3. إلى جانب البذخ الظاهري، قدّمت المجموعة تأملًا حداثيًا في إرثٍ تاريخي. في عام يُصادف مرور قرن على حركة الآرت ديكو، لم تكن التصاميم مجرد محاكاة للماضي، بل إعادة تشكيل له بروح القرن الحادي والعشرين. 

بين الأناقة والجرأة: توازن معاصر

1. في هذه المجموعة، لم تكن التفاصيل مجرد عناصر تكميلية، بل لغة كاملة بحد ذاتها. من الزخارف اليدوية الدقيقة إلى اختيار الأقمشة الفاخرة، حافظت تامارا رالف على حوار متوازن بين البذخ والرقي، بين الماضي والحاضر. كانت كل قطعة بمثابة تكوين بصري مستقل، لكنها تنتمي إلى سردية واحدة تُعيد تعريف مفهوم الفخامة من منظور معاصر.
2. تُحاكي التكوينات الهندسية المتناغمة في التصاميم روح حركة الآرت ديكو، ولكن بأسلوب مفعم بالأنوثة والمرونة، بدلاً من الوقوع في قوالب منمطة، سمحت رالف لأزيائها أن تتنفس، أن تتطور، وأن تندمج بسلاسة بين الخطوط الصارمة والنعومة الانسيابية، مما منح العرض حساً ناضجاً ومدروساً في كل تفصيل.

تمرد ناعم وأناقة متمردة

1. ما بين الأقمشة الشفافة، والتطريزات البرّاقة، والتلاعب المدروس بالأحجام، قدمت رالف مجموعة تتمتع بحضور جمالي فخم دون أن تفقد لمستها الشخصية الحالمة. حتى القطع الأكثر دراماتيكية، مثل المعاطف الضخمة أو الفساتين ذات الكتفين البارزين، جاءت بهدوء مدروس، تُعلن التمرد بصوت ناعم لا يحتاج إلى الصراخ.
2. في وقت تتسابق فيه الكثير من دور الأزياء وراء مفاهيم الحداثة الجريئة أو الابتكار الفج، اختارت رالف أن تستحضر الجمال في أكثر صوره نقاءً، مقدّمة مقاربة شاعرية للهوت كوتور تعيد للذوق الكلاسيكي مكانته، ولكن بعين تتطلع للمستقبل.

تكريم للإرث، ونظرة إلى الأمام

1. بهذه المجموعة، تثبت تامارا رالف مكانتها كصوت معاصر في عالم الأزياء الراقية، صوت يعرف كيف يُقدّر التاريخ ويُعيد قراءته بلغة الحاضر. احتفالها بفن الآرت ديكو لم يكن مجرد استعارة جمالية، بل رسالة عن التوازن بين الدقة والانسياب، بين الزخرفة والهيكل، بين الذاكرة والابتكار.
2. عرض مجموعة Tamara Ralph هوت كوتور خريف 2025-2026 لم يكن مجرد عرض أزياء، بل كان قصيدة خالدة عن الفن والأنوثة، كتبتها رالف بخيوط من الضوء، والظل، واللؤلؤ، لتترك أثرًا خالدًا في ذاكرة أسبوع الهوت كوتور الباريسي.
3. قدّمت تامارا رالف، عرضاً تجاوز مفاهيم الكوتور الكلاسيكية، حيث التقت الحداثة بالحنين، والهندسة بالأنوثة، والضوء بالمادة. مجموعة أثبتت أن الأزياء ليست فقط وسيلة للزينة، بل أداة لحفظ الذاكرة، وإعادة تشكيل الجمال، وتكريم الإرث بعيون معاصرة.