شهدت مدينة ميلانو في موسم ربيع وصيف 2026 واحدة من أكثر اللحظات أهمية في تاريخ الموضة المعاصر، حيث قدّمت دار فيرساتشي Versace أول مجموعة لها تحت الإدارة الإبداعية للمصمم الإيطالي داريو فيتال، لم يكن هذا العرض مجرد كشف عن أزياء جديدة، بل كان بمثابة إعادة تعريف للدار، وتجسيد لانتقالها من مرحلة كانت مرتبطة طويلاً بجاذبية دوناتيلا فيرساتشي إلى مستقبل أكثر انفتاحًا على رؤى جديدة. العرض حمل في طياته الكثير من التوتر والجدل، لكنه في الوقت ذاته كشف عن طاقة جديدة تعيد إحياء هوية العلامة بروح واقعية وعصرية. المكان نفسه كان حدثًا بحد ذاته، فقد تحوّلت بيناكوتيكا أمبروسيانا، التي تحتفظ بروائع لكارافاجيو وليوناردو دا فينشي، إلى منصة عرض غير تقليدية، حيث اندمجت الموضة مع الفن الكلاسيكي في مشهد درامي يعكس التناقض بين الماضي العريق والحاضر الثائر، هذا التلاقي لم يكن مجرد خلفية بصرية، بل رمزًا لرسالة فيتالي: الموضة ليست محاكاة للتاريخ، بل إعادة صياغة للحاضر بعيون مختلفة. داريو فيتالي: المصمم القادم من خلفية مختلفة انضم داريو فيتالي، البالغ من العمر 42 عامًا، إلى Versace بعد أن شغل منصب مدير تصميم الأزياء النسائية لدى Miu Miu، ما جعله يحمل خبرة واسعة في التلاعب بالقصات والبحث عن التناقضات بين البساطة والجرأة. الأهم من ذلك، أنه أصبح أول مدير إبداعي من خارج عائلة فيرساتشي، مما مثّل خطوة جريئة للشركة بعد استحواذ مجموعة Prada عليها، وتحوّل دوناتيلا إلى دور السفيرة الرئيسية للدار بدلاً من كونها القوة الإبداعية المطلقة. هذه النقلة أثارت تساؤلات: هل يستطيع فيتالي أن يحافظ على إرث فيرساتشي الذي ارتبط بالجرأة، الباروكية، والأنوثة الطاغية؟ أم أنه سيعيد تفكيك كل هذه الرموز ليقدّم رؤية جديدة أكثر التصاقًا بجيله؟ كسر التوقعات: غياب الفساتين الطويلة أحد أكثر القرارات الجريئة في المجموعة كان غياب الفساتين الطويلة تمامًا، لطالما ارتبطت Versace بفساتين السجادة الحمراء والقصات المبهرة التي تتوهج باللمعان والأنوثة الصارخة، لكن فيتالي قلب الطاولة: لم يعد الهدف إبهار الجمهور بقطع أيقونية، بل خلق لغة بصرية جديدة تخاطب جيلًا يبحث عن الإغراء غير المثالي. فكانت الفساتين الجيرسي التي تذكّرنا بأناقة "مدام غريس"، لكن مع لمسات تمزيق متعمدة وخطوط درز مكشوفة، تكشف أحيانًا عن سراويل داخلية موقّعة بشعار الدار، هذا التلاعب بين الأناقة والفوضى مثّل روح المجموعة: التوازن بين ما هو مصقول وما هو خام. شاهدي أيضاً: مجموعة Versace ربيع 2025 في أسبوع ميلانو للموضة إعادة صياغة الخامات الكلاسيكية من أبرز ملامح العرض كان إعادة توظيف الخامات التقليدية لفيرساتشي بطريقة مغايرة: الكتان والخياطة الدقيقة: قدّم فيتالي بدلات بلون الباذنجان الغامق مع برتقالي ناري، وأخرى بلون الأزرق السماوي مع أخضر كيلي، مما أظهر جرأة في اللعب بالألوان المتضادة بطريقة بدت عفوية لكنها مدروسة. القمصان والبلوزات: استوحيت من قمصان ميامي العضلية، بقصّات خشنة وحواف غير متساوية، ما يضفي إحساسًا بالحرية والتمرّد. الألوان: صدام وحيوية لم يكتفِ فيتالي بالاعتماد على لوحة ألوان فيرساتشي الباروكية المعهودة، بل قدّم توليفات صادمة وغير مألوفة: باذنجاني × برتقالي ناري. أزرق سماوي × أخضر كيلي. مزيج من طبعات متباينة أعادت تعريف فكرة الـ mix & match. بهذا أعاد فيتالي تعريف الطباعة الباروكية الشهيرة، التي عادةً ما تكون ثقيلة وزخرفية، لتصبح أقرب إلى خزانة عصرية مستوحاة من الملابس العتيقة المختلطة بروح شخصية. الإكسسوارات: لمسة جيل الألفية إذا كانت الأزياء حملت تمردًا على التقاليد، فإن الإكسسوارات جاءت لتعيد التوازن: الأحذية: صنادل بكعوب عالية أنيقة، تحاكي الكلاسيكية لكن بلمسة مرحة. الحقائب: صغيرة الحجم، عملية، مصممة لتُرتدى بطرق غير تقليدية – على الكتف، حول الخصر، أو حتى متدلية من اليد بأسلوب شبابي. الأحزمة والسحابات: بدت كأنها غير مكتملة، لتكمل الفوضى المقصودة في المجموعة. شاهدي أيضاً: مجموعة Versace لخريف وشتاء 2025-2026 البعد المسرحي للعرض واحدة من أبرز لفتات فيتالي كانت تحويل المتحف إلى منزل حي. على أحد أركان القاعة، وُضعت ملاءات سريره الخاصة، كأن العرض ليس عن أزياء معروضة عن بعد، بل عن حياة تُعاش. هذا التصرف أثار الكثير من الجدل، لكنه في العمق كان تعبيرًا عن فلسفة فيتالي: الموضة ليست بعيدة عن الإنسان، بل جزء من يومياته. التشبيه بفيلم "تيوريما" لبازوليني كان واضحًا: حيث يقتحم عنصر غريب البيت ويوقظ كل ما فيه من توتر خفي. كذلك فعل فيتالي مع Versace، إذ لم يسعَ إلى إرضاء الجميع، بل إلى هزّ الأسس المترسخة. بين الواقعية والتمرد لم يكن العرض مصقولًا بالكامل، بل متوترًا، خامًا أحيانًا، ومقصودًا أن يكون غير مكتمل، لكن هنا تكمن قوته: لقد قدّم صورة لفيرساتشي أكثر إنسانية وواقعية، أقرب إلى حياة الشباب الذين يتنقلون بين النوادي الليلية، الشوارع، واللحظات اليومية غير المثالية. فبينما اعتاد الجمهور على رؤية فيرساتشي كرمز للترف المفرط، أعاد فيتالي ربطها بالواقع، بجرعة من العفوية التي تحمل جاذبية خاصة. البعض قد يرى ذلك كضعف أو تخلي عن الهوية، لكن في الحقيقة، هو تجديد للحمض النووي للدار ليبقى صالحًا لعصر جديد. بداية عهد جديد مع مجموعة ربيع وصيف 2026، لم يقدّم داريو فيتالي مجرد أزياء، بل رسالة قوية: فيرساتشي ليست مجرد تاريخ، بل حاضر ومستقبل يُعاد صياغته باستمرار. غياب الفساتين الطويلة، اعتماد الفوضى الجمالية، اللعب بالألوان، وإعادة توظيف الأقمشة الأيقونية – كلها خطوات تشير إلى أن العلامة تعيش مرحلة تحول. قد يكون العرض أقل بريقًا من عروض دوناتيلا السابقة، لكنه بالتأكيد أكثر صدقًا في التعبير عن الواقع. إنه تذكير بأن الموضة ليست دائمًا عن الكمال، بل عن الحياة كما هي: غير مكتملة، متناقضة، لكنها دائمًا جذابة. بهذه المجموعة، يفتح فيتالي فصلًا جديدًا في تاريخ فيرساتشي، فصلًا لا ينفي الماضي بل يعيد كتابته بعيون أكثر جرأة وواقعية. شاهدي أيضاً: مجموعة Versace ريزورت 2025 شاهدي أيضاً: مجموعة Versace ريزورت 2023 شاهدي أيضاً: مجموعة Versace ما قبل خريف 2024 شاهدي أيضاً: مجموعة Versace ريزورت 2025