أزياء / ليالينا

مجموعة Maison Margiela ربيع وصيف 2026: المزج بين التجريب والواقع

انطلق عرض غلين مارتينز الأول للأزياء الجاهزة لدار مايسون مارجيلا Maison Margiela خلال أسبوع الموضة في باريس Paris Fashion Week لموسم ربيع وصيف 2026 بثقة مدروسة وهدوء متمكن، ليكشف عن فهم عميق لمعادلة صعبة: كيف يمكن المزج بين الروح الطليعية التجريبية التي تشتهر بها الدار، وبين العملية اليومية التي تميز الملابس القابلة للارتداء.

ورغم أن العرض لم يكن صاخبًا أو استعراضيًا، إلا أنه حمل في داخله نغمةً فكرية عميقة، أشبه بحديثٍ متأنٍ عن الموضة بوصفها أداةً للتفكير بقدر ما هي وسيلة للتعبير.

فصل جديد في إرث مارجيلا

  1. منذ تأسيس Maison Margiela في أواخر الثمانينات، كانت الدار دائمًا صوتًا مخالفًا، كيانًا يرفض الامتثال للقواعد الجمالية السائدة. فقد ابتكر مارتن مارجيلا نفسه جماليات "اللامكتمل" و"المفكك" و"اللامرئي"، مانحًا الأزياء بُعدًا فلسفيًا يتجاوز المظهر إلى الفكرة.
  2. اليوم، يأتي غلين مارتينز، بخلفيته المزدوجة في Y/Project وDiesel، ليُعيد قراءة هذا الإرث بطريقة جديدة. فهو لا يسعى لتقليد الماضي أو تقديسه، بل يحاوره، ويحوّله إلى لغة بصرية جديدة أكثر قربًا من الواقع.

يبدو أن مارتينز يدرك أن التحدي الحقيقي لا يكمن في إعادة تدوير الرموز السابقة، بل في توسيع نطاقها لتصل إلى جمهور أوسع دون أن تفقد جوهرها التجريبي.

افتتاح العرض: تفكيك محسوب

  1. بدأ العرض بنغمةٍ من التقويض المقصود، كما لو كان المصمم يختبر حدود التوازن بين الشكل والمضمون، بدت الأكتاف البارزة المعروفة لدار مارجيلا أكثر نعومة هذه المرة، وأقل صرامة في هندستها.
  2.  فيما تخلّت البدلات عن صلابتها لصالح حركة أكثر انسيابية، وجُردت من الياقات والأزرار، واستُبدلت بربطاتٍ حريريةٍ دقيقة، تُذكّر بمعاطف التي يرتديها الحرفيون داخل ورشة الدار، في إشارة إلى جوهر الحرفية المخبأة خلف الفوضى الظاهرة.
  3. في خطوة لافتة، اختفت الكعوب تمامًا من العرض، لتحل محلها أحذية بدون كعب ذات طابع عبثي أنيق، توحي بعدم الاتزان ولكنها في الوقت ذاته تحمل راحة غير متوقعة، إنها المفارقة التي يتقنها مارتينز وهي خلق الجمال من العيب، والتوازن من الفوضى.

بنية فكرية تترجم إلى خزانة يومية

  1. بينما حافظت المجموعة على صدى مجموعة Artisanal السابقة، فإنها أعادت ترجمة مفاهيمها إلى أشكال قابلة للارتداء، بدت الأقمشة وكأنها تتحرك بين العالمين، من الهوت كوتور إلى الحياة اليومية.
  2. القمصان البيضاء أعيدت صياغتها عبر خاماتٍ شفافةٍ مغطاة بشريط بلاستيكي لامع يمنحها إحساسًا بالعزل والحماية، في استعارة رمزية للعزلة الاجتماعية التي تطبع العصر الحديث.
  3. أما السترات الجلدية فتمّ تصميمها على هيئة منحوتاتٍ ناعمةٍ ذات خطوطٍ منحنية، تُجسّد تناقضًا بين الصلابة واللين، القوة والحنان. كما ظهرت معاطف الد trench التقليدية وقد دُمجت مع أوشحة حريرية متطايرة، لتخلق تباينًا بصريًا مدهشًا بين الثقل والخفة.

الدنيم أساس المجموعة 

  • لم يكن غريبًا أن يحتل الدنيم مكانة بارزة في المجموعة، فهو توقيع متكرر في أعمال مارتينز منذ أيامه في Diesel.

  • لكن في سياق مارجيلا، تحوّل الدنيم من رمزٍ للبساطة إلى أداة فكرية تعبّر عن الواقعية الجديدة للدار.
  • قُدّمت بناطيل الدنيم بأطوالٍ متفاوتة، بعضها مفكك الأطراف وبعضها الآخر مزوّد بدرزاتٍ بارزةٍ تكشف عن بنية القطعة بدلًا من إخفائها.
  • حتى الجاكيتات جاءت بأكتافٍ منفوخة قليلاً، كأنها تُعيد تعريف مفهوم "العملية" بطريقة مفاهيمية.

اللون والنغمة: دراما الرماد والضوء

  • لوحة الألوان في عرض مارجيلا جاءت محدودة ومدروسة، كما هي عادة الدار.
  • سيطر الرمادي والأسود والأبيض على معظم الإطلالات، مع لمساتٍ خجولةٍ من البيج والوردي الباهت والأخضر الزيتوني.
  • كانت الفكرة أن الألوان ليست للتزيين بل للتعبير، فهي تعكس الانتقال من الظل إلى النور، من الغموض إلى الوضوح، تمامًا كما تتنقل الدار بين التجريب والواقعية.

الخامات بدورها ساهمت في بناء هذه القصة البصرية: مثل الشيفون الخفيف، الجلد المصقول، الدنيم المغسول، والبوبلين المتجعد، جميعها موادٌ تجمع بين النعومة والصرامة في آن واحد.

شاهدي أيضاً: مجموعة MM6 Maison Margiela ربيع وصيف 2026

إشارات إلى الماضي دون الوقوع في فخه

  1. من يشاهد العرض عن قرب يلاحظ أن مارتينز يستحضر رموز مارجيلا الكلاسيكية بذكاء، لكن دون أي ميل إلى النوستالجيا.
  2. الوجوه المخفية جزئيًا، الخطوط غير المتماثلة، الخياطة المكشوفة، كلها تلميحات إلى إرث مارتن مارجيلا، لكنها جاءت أكثر دفئًا وإنسانية.
  3. لقد أزال مارتينز الغموض المفرط واستبدله بفكرٍ شفافٍ متسامح، أقل انعزالًا وأكثر تواصلًا مع الإنسان الذي سيرتدي هذه الملابس في حياته اليومية.

العبث المدهش: موسيقى الأطفال والأنوف الغريبة

  1. في منتصف العرض، قُدمت لحظة مسرحية رمزية: فرقة صغيرة من الأطفال تعزف مقطوعاتٍ كلاسيكية غير متناغمة.
  2. كانت الفكرة بسيطة ولكنها عبقرية، تذكير بأن الجمال يمكن أن يكون ناقصًا، وأن النشاز أحيانًا هو ما يمنح المعنى.
  3. لكن المفارقة الأكبر تمثلت في الأنوف الاصطناعية التي ارتداها العارضون، صُممت لتوحيد الوجوه والتعبير عن "التماثل".
  4. غير أن النتيجة جاءت مربكة ومثيرة للتساؤل، وكأن مارتينز يقول، في زمن يسعى الجميع فيه إلى التماثل، لا بد أن نشعر بشيء من عدم الراحة.

بين الفكر والعاطفة: حوار داخلي مستمر

ما ميّز هذه المجموعة هو توازنها النادر بين الفكر والعاطفة:

  1. فعلى الرغم من أن مارتينز مصمم تحليلي بطبعه، إلا أن عرضه لم يخلُ من لمسات وجدانية، قصّات تُلامس الجسد برقة، وخامات تتنفس مع الحركة، وألوانٍ تُخفي أكثر مما تُظهر.
  2. إنها رؤية للإنسان المعاصر بكل تناقضاته، عقلاني لكنه حساس، منظم لكنه متمرد، يبحث عن الأصالة وسط عالمٍ من الزيف المتكرر.

مارجيلا الجديدة تولد من رحم التناقض

  1. تبدو Maison Margiela في عهد غلين مارتينز كدارٍ تجد توازنها الجديد، بين الماضي والمستقبل، بين الصنعة والرمزية، بين الحرفية والتفكير الفلسفي, لقد قدّم مارتينز عرضًا لا يكتفي بالحديث عن الموضة، بل يجعل منها لغة حوار بين الإنسان وزمانه.
  2. كانت مجموعة ربيع وصيف 2026 أشبه بمرآة تعكس روحًا معاصرة تبحث عن معنى الجمال وسط فوضى العالم الحديث، وبينما اختار البعض أن يصفها بأنها "أقل إثارة" من مجموعة أرتيزانال، فإن من يدرك عمقها يعرف أنها أكثر صدقًا، وأكثر بقاءً.

ففي ، لم تكن هذه المجموعة مجرد عرض أزياء، بل بيانًا فلسفيًا عن معنى الجمال في زمنٍ بلا يقين، مارجيلا لم تعد تهمس من وراء القناع فقط، بل أصبحت تتحدث بصوتٍ هادئٍ وواثق، صوتٌ يُعيد صياغة علاقتنا بالملابس، وبأنفسنا.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا