أزياء / ليالينا

مجموعة Vivienne Westwood ربيع 2026: رحلة بين التاريخ والأنوثة المتجددة

في ربيع وصيف 2026، قدّم أندرياس كرونثالر، الزوج والمصمم الشريك للأسطورة الراحلة فيفيان ويستوود Vivienne Westwood، عرضًا ساحرًا في معهد فرنسا تحت عنوان “Boudoir”، أي غرفة النوم الخاصة أو الحجرة الحميمة.
جاء العرض كتحفة مسرحية توازن بين التأمل والحنين، بين الأنوثة المتمردة والسكينة المضيئة، في قاعة يغمرها الصمت إلا من أنغام سيمفونية جوبيتر لموتسارت، ظهرت العارضات كأنهن خرجن من لوحة جدارية قديمة، يحملن بين طيات أقمشتهن قصصًا عن الجمال، الزمن، والرغبة في البقاء.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحًا أن كرونثالر يسير في خط مختلف هذا الموسم. فلم تعد الغاية الاستفزاز كما في فصول ويستوود الأولى، بل الإنصات إلى الذاكرة، والبحث عن صلة بين الجسد والتاريخ، بين الرقة والقوة.
وهكذا وُلدت مجموعة "بودوار" كتجسيد حي لرحلة داخل الذات الأنثوية، تتأرجح بين الحسية والسكينة.

الإلهام: الحميمية كفلسفة

تُعد كلمة Boudoir مفتاحًا لفهم المجموعة بأكملها:

  1. ففي فرنسا في القرن الثامن عشر، كانت هذه الغرفة الخاصة ملاذًا للنساء الأرستقراطيات، مكانًا يختبئن فيه من صخب المجتمع ليعدن اكتشاف أنفسهن بعيدًا عن أعين الرجال، وفي هذا الإطار، استعاد كرونثالر فكرة الحميمية كقوة ناعمة: ليست الانعزال، بل التأمل، ليست الخضوع، بل استعادة السيطرة على الذات.
  2. استلهم المصمم من المرأة المتوسطية، تلك التي تجمع بين دفء الجنوب الإيطالي وصلابة الرومان وأناقة الملكات الفرنسيات، فهي ليست امرأة من زمن واحد، بل من كل الأزمنة، تُشبه أسطورة حية تمشي بخفة فوق خيوط التاريخ.

الموقع والموسيقى: بين الكلاسيكية والحلم

اختيار معهد فرنسا كموقع للعرض لم يكن مصادفة:

  1. فهذا الصرح الكلاسيكي، ذو الأعمدة المهيبة والقباب المزخرفة، مثّل الإطار المثالي لفكرة "العودة إلى الذات"، جلس الحضور في صمت شبه تام، بينما تعالت النغمات السيمفونية لموتسارت، فتداخلت الموسيقى مع حركة العارضات ببطء محسوب يشبه طقوسًا فنية.
  2. كان الجو روحانيًا أكثر منه مسرحيًا، وكأننا نشهد بعثًا للذاكرة، لا عرضًا للأزياء، العارضات بدين كآثار حية تتحرك بخطوات بطيئة، والضوء الطبيعي الذي تسلل من النوافذ منح الأقمشة بريقًا يشبه ، كما لو أن الزمن توقف للحظة ليسمح للجمال أن يتنفس.

الأقمشة: عندما يتحول النسيج إلى ذاكرة

تُعتبر الأقمشة في مجموعة Boudoir بمثابة ٍ على الزمن:

  • استُخدمت مواد بدت كأنها أُعيد اكتشافها من قصور مهجورة أو خزانة منسية في بيت أوروبي قديم.
  • فقد جمع كرونثالر بين الأقمشة المنسدلة، والدانتيل المثقب، والجلود الناعمة في مزيج يحاكي نسيج الديكورات الداخلية المنسية.
  • تحولت الستائر إلى فساتين، والمفارش إلى مشدات، وأصبح التطريز الذي يبهت على الجلد جزءًا من الحكاية.
  • هنا، لا يُخفي القماش عيوبه، بل يحتفي بها، كل حافة مهترئة وكل خيط ظاهر هو بيان جمالي ضد الكمال الصناعي للموضة الحديثة.
  • الملابس بدت وكأنها عاشت حياة سابقة، لكنها تولد من جديد من خلال تصميم جريء يعيدها للحاضر.

لوحة الألوان: همسات من الجنوب

من الناحية اللونية، رسم كرونثالر لوحة تنبض بوهج الشمس المتوسطية:

  1. تراوحت الألوان بين الطيني، الرملي، الزيتوني المشمس، مع ومضات من الأزرق السماوي والقرمزي التي أعادت إلى الأذهان لوحات الجدران القديمة تحت ضوء الجنوب الإيطالي.
  2. كانت الألوان دافئة لكنها غير صاخبة، وكأنها ألوان الأرض بعد ، تحكي عن الطبيعة، والعري، والدفء.

كل درجة لونية بدت وكأنها انعكاس لحالة شعورية:

  • فالبيج يرمز إلى الصفاء، والأحمر القرمزي إلى الرغبة، والأزرق إلى الصفح الداخلي.
  • بهذا التوازن الدقيق بين الترابية والأنوثة، نجح كرونثالر في صياغة هوية لونية تروي الحنين من دون أن تقع في فخ النوستالجيا.

القصّات والبنية: التوازن بين الانضباط والتحرر

في هذه المجموعة، جمع المصمم بين الصرامة العسكرية والحرية الأنثوية:

  1. فقد حلّت التنانير المنسدلة محلّ القمصان ذات الكورسيهات الضيقة، بينما تركت السترات المفصّلة مفتوحة لتكشف عن طبقات داخلية شفافة، تُبرز الجسد لا لتقيده بل لتحتفي بانسيابه.
  2. الأقمشة الخفيفة تداعب الجسد دون أن تفرض عليه شكلًا محددًا، بينما تعيد الأحزمة الجلدية والصنادل المربوطة حول الساقين التذكير بالمنتدى الروماني القديم.
  3. بهذا الدمج بين الروماني والباريسي، القديم واليومي، نجح كرونثالر في ابتكار خزانة ملابس لعالم متغير, عالم لا تخضع فيه الأنوثة للأساطير ولا تُختزل في الزينة، بل تتحدى بهدوء وبثقة.

الرمزية والتقنيات الحرفية

لم يكن Boudoir عرضًا للملابس بقدر ما كان بيانًا عن الحرفية والذاكرة:

  1. كل قطعة بدت وكأنها تحمل أثر اليد التي صنعتها، من التطريزات الدقيقة إلى خياطة الحواف المائلة عمدًا، ما أضفى على المجموعة بعدًا إنسانيًا، فالملابس هنا ليست نتاج آلة، بل نتاج حبّ وحرفة.
  2. كما استعان كرونثالر بتقنيات إعادة التدوير الإبداعي التي اشتهرت بها ويستوود، محوّلًا المواد البسيطة إلى رموز ثقافية، كأن يقول: "الجمال لا يولد من الرفاهية، بل من الرؤية."

الروح الفوضوية لفيفيان ويستوود

  1. على الرغم من السكون الشعري الذي غلّف العرض، لم يغب عن المجموعة الطابع الفوضوي المتمرد الذي ميّز فيفيان ويستوود طوال حياتها، ظهرت دبابيس الأمان على الطيات الحريرية، وتناسقت القمصان الرجالية الضخمة مع التنانير الشفافة، في مفارقات تذكّرنا بأن الأناقة عند ويستوود لا تنفصل عن التحدي.
  2. تلك اللمسات الصغيرة، نظرة ساخرة من عارضة، زرّ غير مغلق، أو قماش مهلهل عن قصد، كانت بمثابة همس من روح فيفيان في أذن العرض، تذكيرًا بأن الجمال لا يجب أن يأخذ نفسه على محمل الجد.

العرض المسرحي: الأنوثة كطقس مقدس

جاء العرض في حد ذاته أشبه بأداء فني أكثر منه استعراضًا:

  1. تحت القبة الكلاسيكية، تحركت العارضات بخطوات بطيئة كما لو كنّ يستيقظن من سباتٍ طويل، تلامس أقدامهن أرضًا مغطاة بالضوء الذهبي، بدت الأجواء كأنها مشهد من ٍ قديمٍ يتجدّد، يذوب فيه الزمن وتتداخل العصور.
  2. هذا الإيقاع البطيء جعل كل نظرة وكل التفاتة ذات معنى، في تلك اللحظات، لم يكن الجمال في الملابس وحدها، بل في الطريقة التي أُتيح فيها للجسد أن يتنفس ويُفكر ويشعر.
  3. إنها أناقة تعبيرية، وليست استعراضية.

الأنوثة الجديدة: صمود لا صخب

  • في عالم يميل إلى الصراخ البصري والإسراف في الصيحات، جاءت مجموعة Boudoir كهمسة ناعمة لكنها محمّلة بالقوة.
  • الأنوثة هنا ليست مثالية ولا حالمة فقط، بل ناجية — ناجية من ضجيج العصر، من المعايير المفروضة، ومن استهلاك الموضة السريع.
  • قال كرونثالر ضمنيًا إن الأنوثة يمكن أن تكون فعل مقاومة: مقاومة بالسكينة، باللعب، وبالاحتفاء بالذات دون خوف.
  • وهذا ما جعل العرض يبدو وكأنه فصل جديد في فلسفة فيفيان ويستوود، فلسفة تحيا بعد رحيلها، متجددة كل مرة بلمسة من أندرياس.

بين صقلية وباريس لحظة نعمة

اختُتم العرض بإحساس من الصفاء:

  • فبين ضوء شمس صقلية وتأملات باريس، وجد أندرياس كرونثالر توازنًا نادرًا بين الحسية والحكمة.
  • لم يكن يسعى إلى إعادة إحياء الماضي، بل إلى تليين الزمن ذاته، ليمنحنا لحظة نعمة وسط عالمٍ يحترق بسرعة.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا