أزياء / ليالينا

جورج حبيقة يعيد تعريف الأنوثة الراقية في ربيع وصيف 2026

في عالمٍ تتسارع فيه الموضة وتتشابه الصيحات من موسمٍ إلى آخر، يأتي جورج حبيقة Georges Hobeika ليعيد التوازن بين الإبداع والزمن. فبينما تسعى العلامات إلى إبهارنا كل شهر بتوجه جديد، اختار المصمم اللبناني أن يتأنّى، أن يُبطئ إيقاع ليُعيدنا إلى جوهر الأناقة: "الحرفية، الخلود، والرقة".
في أسبوع الموضة في باريس، كشف حبيقة عن مجموعة الأزياء الجاهزة لربيع وصيف 2026 تحت عنوانٍ غير معلن لكنه مفهوم في كل تفصيلة: التمهّل في عالمٍ مسرع.

رؤية تتحدى الموضة السريعة

تبدأ المجموعة ببيان فلسفي واضح "في عالمٍ تهيمن عليه الموضة السريعة، نختار مسارًا مختلفًا":

  1. بهذه الجملة، يضع حبيقة نفسه خارج دوامة السوق السريعة التي تُنتج لتُستهلك، فيؤكد أن الجمال لا يقاس بالكمّ، بل بالعمق. الأزياء بالنسبة له ليست موسمية، بل حالة شعورية تدوم وتتطور.
  2. في مرسمه الباريسي، الذي تحول إلى مساحة تأمل، يعمل فريقه بتأنٍ: يرسمون، يخيطون، يضعون الطبقات، ويُعدّلون التفاصيل حتى تكتمل الصورة. لا مكان للعجلة، ولا مكان لتنازلات السوق. هنا، تُولد القطعة من تفاعلٍ بين اليد والعين والقلب.

ألوان تثير الحواس وتدعو للتأمل

في قلب هذه المجموعة، نجد لوحةً لونية غنية لكنها هادئة، تشبه مذاق الفانيليا في نسمةٍ صيفية:

  1. امتزج البيج المكرمل مع الوردي التوتي والأسود الخفيف والبياض الحليبي في تناغم بصري يذكّر بالحلويات الفرنسية الفاخرة. هذه الألوان ليست مجرد اختيارات جمالية، بل هي انعكاس لحالة وجدانية، حيث يسود التوازن والدفء والصفاء.
  2. تبدو كل إطلالة كما لو كانت وليدة ذوقٍ مُهذّب أكثر منه جرأة مفرطة، وكأن حبيقة يدعونا لتذوق الألوان، لا لاستهلاكها، حتى تدرجات الوردي ليست صارخة، بل مشبعة بالحنين، أمّا الأسود، فقد استُخدم كظلّ يحدد ملامح النعومة، لا كمركزٍ للدراما.

الخياطة الدقيقة وروح الأناقة الطبيعية

  1. على الرغم من أن المجموعة تُقدّم ضمن فئة "الأزياء الجاهزة"، فإنها تحمل روح الـHaute Couture بكل تفاصيلها الدقيقة، نرى التطريز اليدوي على أطراف الفساتين، الدانتيل المثقّب بدقة، والأقمشة المتداخلة التي تنساب بخفة كأنها قصيدة من الحرير والكتان.
  2. أكثر ما يميز هذه المجموعة هو شعور السهولة المتقنة، أي أن كل قطعة تبدو بسيطة، لكنها في الواقع ثمرة ساعات طويلة من الحياكة والضبط اليدوي، تتنوع القصّات بين التنانير المنسدلة، البلوزات الخفيفة ذات الأكمام المنتفخة قليلاً، والفساتين الواسعة التي تمنح الجسم حرية الحركة. إنّها دعوة لعيش الأناقة بطريقة حرة وغير مصطنعة.

بين الماضي والحاضر: توازن الجمال الهادئ

  • نجح جورج وجاد حبيقة في ترجمة الحوار بين الأجيال في كل خيط من خيوط هذه المجموعة.
  • الأب، جورج، يحمل الحنين إلى الأنوثة الكلاسيكية، بينما الابن، جاد، ينفخ فيها روحًا عصرية من البساطة والعملية.
  • تلتقي الفخامة الشرقية مع الحداثة الباريسية في توليفةٍ راقية، تُعبّر عن المرأة التي تعيش الحاضر دون أن تتخلى عن جذورها.

بعض الفساتين ذكّرت بالحياة اللبنانية في الصيف، بشرفات بيروت القديمة وأقمشة الكتان البيضاء التي تتحرك مع النسيم. بينما ذكّر البعض الآخر بالمرأة الفرنسية التي تتنزه في شوارع سان جيرمان بأنوثةٍ غير متكلفة.
في كل الأحوال، تبقى امرأة حبيقة رمزًا للتوازن بين الرقة والقوة، بين الترف والواقعية.

تفاصيل تعبّر عن الفلسفة الجديدة

تتجلّى رؤية حبيقة في التفاصيل الصغيرة التي تُعبّر بصمت عن فلسفته الجديدة:

  • الأكمام الشفافة: توحي بالأنوثة دون مبالغة.
  • الطبقات المتدرجة: تمنح القطعة عمقًا بصريًا وإحساسًا بالحركة.
  • الأزرار اليدوية: كأنها مجوهرات دقيقة تزيّن كل تصميم.
  • الجيوب الخفية: تذكير بأن الجمال لا ينفصل عن الراحة.
  • القصّات المتقاربة من الجسد: تعبير عن الثقة الهادئة، لا عن الاستعراض.

كل تفصيلة في هذه المجموعة تعكس ترفًا داخليًا أكثر من خارجي، كما لو أن المصمم يريد أن يقول إن الأناقة الحقيقية تبدأ من الداخل.

النسيج كوسيلة للتعبير

  • تنوّعت الخامات بين الشيفون، الأورغنزا، الكتان، والحرير الطبيعي، لتشكل مزيجًا يوازن بين الملمس والضوء.
  • بدت بعض الفساتين وكأنها تنساب مثل الماء، بينما اكتسبت أخرى بُنية نحتية تُبرز قوة الخياطة.
  • النتيجة هي حوار بين الصلابة والشفافية، بين المادة والخيال.

لم يعتمد حبيقة على الزخارف الثقيلة، بل على نعومة السطح وتفاعل الضوء مع القماش، مما جعل كل قطعة تتنفس على جسد العارضة.

عرض في قلب باريس: الأناقة كطقس هادئ

  • أقيم العرض في فضاء أنيق يعكس فلسفة المجموعة، أقرب إلى معرض فني منه إلى عرض أزياء.
  • ساد المكان هدوءٌ لافت، فالموسيقى جاءت خفيفة، والإضاءة دافئة، مما سمح للأنظار بالتركيز على الأقمشة والقصّات.
  • تقدمت العارضات بخطواتٍ بطيئة واثقة، كأن كل إطلالة تمثل لحظة من التأمل البصري.
  • لم يكن العرض استعراضًا، بل احتفاءً بالبطء، بالاتقان، وبفنّ الإحساس بالتفاصيل.

امرأة جورج حبيقة لربيع وصيف 2026

  1. امرأة هذه المجموعة ليست متسرعة، إنها تعرف ما تريد، وتختار ما يليق بحياتها لا بما يفرضه الموسم، فهي مستقلة، ناعمة، وواثقة، تجمع بين هدوء اللون وقوة الحضور.
  2. تبدو كما لو كانت تقول: "أنا لا أتباهى بالموضة، أنا أعيشها"، هي امرأة تعانق الوقت بدلًا من أن تطارده، وتُقدّر اللحظة كقطعة فنية.

بين بيروت وباريس: حوار الثقافات

  1. دار جورج حبيقة تنتمي إلى عالمين في آنٍ واحد: بيروت، حيث وُلدت الفخامة الشرقية، وباريس، حيث تتكرّس الأناقة الأوروبية.
  2. هذا المزيج هو ما يجعل أعماله فريدة، فهو لا يُقلّد الغرب ولا يُكرّر الشرق، بل يصنع لغة وسطى تمزج بين الحلم والرقي.
  3. إنها لغة تفهمها النساء من ثقافاتٍ متعددة، امرأة لبنانية، فرنسية، خليجية، أوروبية، كلهن يجدن في تصاميمه قاسمًا مشتركًا وهي النعومة كقوة.

أزياء جاهزة بروح الهوت كوتور

رغم أن المجموعة مخصصة للأزياء الجاهزة، إلا أن مستوى الإتقان والحرفية جعلها أقرب إلى فئة الـ"هوت كوتور":

  • كل قطعة بدت وكأنها مُفصّلة لامرأة معينة، بلمسة شخصية، وهنا يتجلّى ذكاء حبيقة: كيف يجعل الجاهز يبدو كالمصنوع خصيصًا.
  • هذا ما يميّزه عن غيره من المصممين الذين يركّزون على الإنتاج السريع، بالنسبة له، الجاهز لا يعني التنازل عن الفن، بل جعله أكثر قابلية للعيش.

دعوة لتذوق الجمال ببطء

  • في ختام العرض، كان الإحساس السائد هو السكينة، لا مفاجآت صادمة، ولا ألوان تهاجم العين، بل انسجام هادئ يُعيد للموضة معناها الإنساني.
  • قدّم جورج حبيقة مجموعة تليق بعصرٍ أنهكه التسارع، فذكّرنا أن الموضة ليست لهاثًا خلف الجديد، بل فنّ إدراك الجمال في تفاصيل الحاضر.
  • إنها مجموعة تُكرّس ما يمكن تسميته بالفخامة البطيئة Slow Luxury التي تضع القيمة قبل الكثرة، والجمال قبل الصرعة، والجوهر قبل المظهر.

مجموعة جورج حبيقة للأزياء الجاهزة ربيع وصيف 2026 هي أكثر من مجرد مجموعة ملابس؛ إنها بيان فلسفي حول كيفية عيش الموضة بتروٍ، وكيف يمكن للأناقة أن تكون طريقة حياة وليست مظهرًا عابرًا.
من خلال توازنٍ دقيق بين البساطة والترف، بين الشرق والغرب، بين الحاضر والماضي، نجح حبيقة في أن يخلق عالماً خاصاً بالمرأة التي تُقدّر الجمال كقيمة روحية قبل أن يكون مادية.
إنها دعوة مفتوحة لتقدير الوقت، الفن، والحرفية، عناصر تُعيد تعريف معنى الأزياء في القرن الحادي والعشرين.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا