أزياء / ليالينا

مجموعة Jean Paul Gaultier ربيع وصيف 2026: إعادة برمجة التمرد في عصر جديد

قليل من التعيينات الإبداعية في الذاكرة الحديثة حملت هذا القدر من الترقّب، أو من الرهان الجريء، مثل ظهور دوران لانتينك لأول مرة كمصمم ضيف في دار جان بول غوتييه Jean Paul Gaultier، ففي الخامس من أكتوبر، وتحت أضواء باريس التي لا تخبو، اعتلى لانتينك المسرح أمام جمهور يدرك تمامًا أنه على وشك أن يشهد واحدة من اللحظات المفصلية في تاريخ الموضة المعاصرة.
لم يكن هذا العرض تكريمًا نوستالجيًا للماضي، بل بيانًا ضد الرضا عن الذات، وإعلانًا عن ولادة لغة تصميمية جديدة تنبض بالتشويه، والانسيابية الجندرية، والتمرد الجسدي، ضمن ما وصفه لانتينك نفسه بـ"جرعة السم ضد الحنين إلى الماضي".

بين الإرث والابتكار: مهمة مستحيلة؟

  1. لم يكن من السهل أبدًا التعامل مع إرث جان بول غوتييه، الذي لطالما كان أحد أكثر المصممين تمردًا في تاريخ الأزياء. فغوتييه هو من حوّل الفوضى إلى ، والغرابة إلى لغة، والمحرّمات إلى أدوات بصرية جمالية. من حمالة الصدر المخروطية الشهيرة التي صنعتها مادونا أيقونة، إلى الخطوط البحرية والعطر الأسطوري "Le Male"، ترك غوتييه بصمته في كل زاوية من الثقافة الشعبية والموضة.
  2. أما لانتينك، المصمم الهولندي الذي اشتهر بأساليبه القائمة على إعادة تدوير الهياكل الجسدية وخلط المواد الصناعية بالأقمشة الدقيقة، فقد واجه التحدي بشجاعة فكرية نادرة، رفض أن يكون مجرد "تابع" أو مقلّد، بل قرر أن يتعامل مع الأرشيف ليس كمقدس، بل كمختبر للتفكيك وإعادة التركيب. كانت النتيجة لغة هجينة تجمع بين المستقبل والماضي، الذكورة والأنوثة، الجسد والخيال.

افتتاح العرض: تشريح الأيقونة

منذ الإطلالات الأولى، كان واضحًا أن الجمهور أمام عرض مختلف جذريًا:

  • سارت العارضات بخطوات واثقة وعيون مشدودة إلى الأمام، مرتديات كورسيهات حلزونية تُعيد تخيّل الحمالة المخروطية التي اشتهر بها غوتييه.
  •  لكن هذه المرة مصنوعة من أقمشة محبوكة معدنية أو شبك مرن يُشبه درعًا مستقبليًا أكثر منه قطعة داخلية.
  • البدلات كانت مفككة هندسيًا؛ بدلات الجسم من النيوبرين تموّجت بخطوط منحوتة، مكوّنةً أشكالاً بشرية متحوّلة.

الفوضى بوصفها أسلوبًا: تصادم المواد وتكاملها

في عالم لانتينك، لا وجود للانسجام التقليدي:

  • فالتول الناعم يلتقي باللاتكس، والدانتيل الرقيق يصطدم بأقمشة الأداء الرياضي، وكأن عالم الأزياء الراقية اقتحم ملهى ليلي في طوكيو.
  • كان هذا التصادم مقصودًا لا فوضويًا؛ إذ يتعامل لانتينك مع النشاز كمبدأ جمالي قائم بذاته.
  • فالأنوثة ليست ناعمة بالضرورة، والرجولة ليست صلبة كما تُصوَّر.
  • الموضة هنا تُفكّك الهويات لتعيد بناءها من جديد على شكل أجساد هجينة، لا تخضع لقواعد النوع أو الشكل.

إشارات بصرية ذكية: دوائر الزمن وغواية "الذوق السيئ"

  1. أحد أكثر عناصر المجموعة إثارة كان الزخرف الحلزوني المتكرر، وهو تلميح واضح إلى هوس غوتييه بالحركة الدائرية وبنية الجسد الأنثوي، لكن لانتينك لم يستخدمه كتقليد، بل كرمز للتجدد المستمر.
  2. الدوامة هنا ليست زينة، بل استعارة لعملية إعادة التكوين التي تخضع لها الموضة نفسها.
  3. أما "الذوق السيئ"، فقد تم تحويله إلى فن متعمد، ظهرت ملابس السباحة وقمصان بحر ملتوية وسراويل مقطوعة عند الركبة لتكشف عن جوارب شفافة، مزيج بين الابتذال والعبقرية.
  4. إنها لعبة ذكية على حافة التهريج، لكنها لا تسقط في الفوضى بفضل دقة التنفيذ وحرفية الخياطة العالية التي تشهد على عمق الفهم الفني.

الليل كمسرح للجمال المتمرّد

  1. تبدو مجموعة لانتينك أشبه برحلة داخل عالم ليلي غامض، حيث تتحرر الأجساد من قيود الهوية وتعيش اللحظة في أقصى تجلياتها.
  2. الألوان تتراوح بين الأسود المعدني، والأزرق الكهربائي، والبيج الفاتح، مع لمسات من الفضة والكروم التي تعكس الضوء بطريقة شبه مستقبلية.
  3. العامة مظلمة ومثيرة، لكنها ليست تشاؤمية، بل على العكس، إنها احتفاء بالمتعة بوصفها فعل مقاومة ضد الرتابة.

حرفية التفاصيل: حيث يلتقي الفن بالصناعة

رغم فوضويتها الظاهرية، فإن كل قطعة من المجموعة تحمل دقة تقنية مذهلة.
القصّات ثلاثية الأبعاد، التطريزات الدقيقة المخبأة داخل الأقمشة المرنة، والتشطيبات المعدنية التي تلتف حول الجسد كما لو كانت امتدادًا له، إنها هندسة للجسد بقدر ما هي تصميم للأزياء.

حتى الأكسسوارات جاءت جريئة:

  • الأقراط على شكل دوامات معدنية.
  • الأحزمة تحوّلت إلى خطوط هيكلية.
  • الأحذية بأشكال غير متماثلة، أحدها بكعب ملتوي يوحي بعدم الاستقرار المقصود.

شاهدي أيضاً: مجموعة Jean Paul Gaultier للأزياء الراقية كوتور ربيع 2025

بين التبجيل والتمرد: موقف فلسفي قبل أن يكون تصميميًا

لم يحاول لانتينك أن “يصبح” غوتييه، بل استخدم دار غوتييه كمرآة ليُضخّم غرائزه الخاصة، فهو يؤمن أن التمرد ليس في الشكل، بل في الفكر، وبينما تعتمد الموضة في السنوات الأخيرة على إعادة تدوير الماضي، جاء عرضه ليقول:

"إن إعادة الإحياء ليست بالضرورة فعلًا من الاحترام، بل يمكن أن تكون أيضًا شكلًا من أشكال الخيانة الإبداعية الخلّاقة."

هذه الخيانة الجميلة هي ما جعل العرض لحظة صدق فني في موسم طغت عليه الإصدارات المتكررة والحنين العقيم.

ردود الفعل: بين الانقسام والدهشة

  • انقسم النقاد بين من رأى في العرض إعادة بعث لروح غوتييه ومن اعتبره تجاوزًا متهورًا.
  • لكن حتى أشد المعارضين لم يتمكنوا من إنكار الطاقة النادرة التي أحياها لانتينك في أروقة باريس.
  • لقد أعاد شيئًا غائبًا عن المنصات منذ فترة طويلة، لإحساس بالخطر، والدهشة، والاحتمال المفتوح.

فغوتييه لم يكن يومًا مصممًا للراحة، ولانتينك سار على النهج نفسه، عرض لا يطلب الإعجاب بل يستفزّه، ويهزّه، ويجبره على التفكير.

إعادة تعريف الجرأة كقيمة فنية

  1. اختُتم العرض بإضاءة خافتة وإيقاع إلكتروني تصاعدي، لتسير العارضات بخطوط متقاطعة داخل فضاء من المرايا، وكأنهن انعكاسات لذواتٍ متعددة.
  2. لم يكن الختام عرضًا للأزياء فحسب، بل بيانًا فلسفيًا عن الحرية الجسدية والفكرية.
  3. أعاد دوران لانتينك تعريف معنى "الجرأة" ليس بوصفها تجاوزًا للأدب، بل بوصفها قدرة على قول ما لا يُقال في زمن مكرر.

جان بول غوتييه يعود ليهزّ النظام

  1. في ، لم يكن عرض Jean Paul Gaultier ربيع وصيف 2026 مجرّد مجموعة جديدة، بل إعلانًا عن عودة الروح المتمردة إلى عالم الأزياء الراقية.
  2. لقد استخدم لانتينك لغة التشويه، والمبالغة، والجرأة الجندرية ليذكّرنا بأن الموضة ليست للزينة فقط، بل للفكر والمقاومة.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا