في لحظةٍ طال انتظارها، أُسدل الستار على أسبوع الموضة في الرياض 2025، ولكن ليس بهدوء، بل بانفجار من الأناقة الواعية والابتكار المستدام، وسط أضواء المدينة المتلألئة ونبضها العصري، صعدت ستيلا مكارتني Stella McCartney إلى المنصّة الختامية لتكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الموضة، فصلًا لا يتحدث فقط عن الفخامة، بل عن المسؤولية والجمال المتوازن بين الأرض والإنسان. لم يكن العرض مجرّد نهاية لأسبوع حافل، بل ولادة لحقبةٍ جديدة تُعيد تعريف معنى "الأناقة" في العالم العربي، فبين أنغام الموسيقى الحالمة وخطوات العارضات الواثقة، أعلنت مكارتني أن مستقبل الموضة لا يُقاس بعدد الكريستالات أو طبقات القماش… بل بمدى احترامنا للكوكب الذي نعيش عليه. الاستعداد للختام: لحظة طال انتظارها منذ الإعلان رسمياً بأن ستيلا مكارتني ستكون العنوان الختامي للأسبوع، ارتفعت رهانات الحضور بخطى ثابتة نحو منصة العرض مساء 21 أكتوبر. الحضور كان من نخبة الإعلاميين، المدوّنين، وجمهور الموضة، وقد لفتت الأنظار حضور رؤساء تحرير، التنفيذيين، ومدونات الموضة من المنطقة والعالم. جاء ذلك تحضيراً لليلة لا تشبه سواها. شعار الحلقة الختامية: الفخامة المسؤولة ما شدّ الانتباه في هذا العرض، في قلبه هو التوازن، بين وهج الموضة العالمية وبين التزام مستدام بالمواد والبيئة: فقد أكّدت مكارتني أن العديد من القطع المعروضة مصنوعة من مواد صديقة للبيئة، خالية من الجلد والفرو والريش، وفي بعضها وصلت نسبة استخدام المواد المستدامة إلى نحو 95 % أو أكثر. هذا التوجه لم يكن مجرد شعار، بل ممارَسة واضحة في القطع التي وُضعت على المنصة. شاهدي أيضاً: فيفيان ويستوود تكتب فصلاً جديداً من الأناقة في أسبوع الرياض للموضة 2025 التصميمات: الوجه الإنساني للفكر الأخضر بدأ العرض بطلّةٍ استثنائية، فستان ديكولتيه محفور بالكامل بترتر فضي نباتي قابل للتحلل، يمضي بالعروس من الليل إلى النهار بانسيابية، وهنا تظهر لغة مكارتني: الابتكار والأنوثة في آنٍ. تلتها فساتين ليل ونهار، بعضٌ منها بقصّات احتشام واضحة، في إشارة إلى احترام السياق الثقافي لدى الحضور السعودي، وبعضٌ الآخر بلمسات أكثر مغامرة. التصاميم النهارية تناولت القطع العملية، مثلاً البدل الواسعة ذات الأكتاف البارزة، أو المعاطف الميدي المزخرفة، لكنّها كانت كلها مصنوعة من خامات مُعاد تدويرها أو نباتية في جذورها. القطع التي حملت نقوشاً بالحيوان أو طبعاتٍ جريئة أبرزت أن التزام الاستدامة لا يمنع الجرأة، فقد شاهدنا معطفاً كبيراً بطباعة أفعى، من جلد نباتي لامع، حاضراً في العارضات على المنصة. لوحة الألوان والقصّات: أقل زحمة، أكثر وضوحاً لوحة الألوان اتّسمت بالهدوء: فضّي، أسود ملكي، أزرق فيروز، مع ظهور براق للأصفر، الذي لفت الأنظار لما أنه اعتماد غير متوقع في سياق العلامة: أما القصّات، فاحتفت بـ «الثمانينيات» من خلال البدل الواسعة ذات الأكتاف القوية، والتي جاءت مرّة مع أهداب أو تطريزات أزهار، ما خلق حواراً بين الصرامة والأنوثة. المواهب السعودية كانت مضمنة أيضاً في القطع المحتشمة، فالفستان الختامي كان مخملياً، أكمامه منفوخة، وتطريزاته مخصصة بدقّة لتتماشى مع ذوق المرأة الخليجية. الرسالة الثقافية: بين الرياض والبيئة العالمية اختيار مكارتني لختم أسبوع الموضة في الرياض ليس صدفة، بل موقف. فقد عبّر هذا الاختيار عن وفاق بين التطلّع السعودي لأن يصبح مركزاً للإبداع الموضوي العالمي، وبين رسالة "الأزياء من دون تضحيات" التي تنادي بها مكارتني. “مشاركة ستيلا مكارتني تمثّل مرحلة مفصلية في تطور المشهد الإبداعي في المملكة.” من جهةٍ أخرى، جاءت التصاميم المحتشمة واللمسات الشرقية في بعض القطع كتأكيد على أن العلامة تفهم السياق المحلي، وتقدّر صورة المرأة العربية دون أن تفقد الأصالة العالمية. شاهدي أيضاً: أسبوع الموضة في الرياض 2025: اليوم الثالث يجمع بين التراث السعودي والحداثة العالمية التجربة الحسية: من المنصة إلى الواقع حضور العرض لا يعني فقط رؤية التصاميم، بل تجربة عابرة للحواس: الإضاءة كانت هادئة، الموسيقى نبضية، الأقمشة تبدو وكأنها تتحرّك. عندما ارتدت العارضات القطع النهائية، بدا وكأنهن ينتقلن من مرحلة عرض إلى لحظة حياة، ما يعكس فكرة أن الفستان ليس مجرد قطعة تُرتدى مرة، بل تجربة تُحكى. وقد اختتم العرض بطلّة محتشمة، مخملية، كانت بمثابة "مسك الختام" فعلي، لحظة قالت إن الأناقة ليست نفيًا للراحة أو الالتزام، بل إعادة تعريف لهما في عصرٍ جديد. التأثير بعد العرض: لماذا هذا الحدث مهم؟ منهج الاستدامة في واقع الموضة: عندما تقدم علامة كبرى مثل مكارتني مجموعة «مسؤولة»، فإنها تُحفّز الصناعة على التغيّر. المنصة السعودية في بُعدها العالمي: مع وجود أكثر من 30 عرضاً في هذا الأسبوع، السعوديّة ترسم خارطة طريق لمشهد موضة متعدد الثقافات. تلاقح الثقافات: الالتزام بالأحتشام مع اللمسة الغربية تعطي رسالة أُجواؤها العالمية، لكن السياق المحلي حاضر. تمكين المرأة العربية: من خلال قطع تشبه ذوق المرأة العربية، لكن بلغة عالمية، يُبعث القرار بأن الموضة ليست حكرًا على أحد. ماذا تعني هذه المجموعة للعلامة وللمكان؟ بالنسبة لمكارتني، هو تأكيدٍ على أن الموضة الفاخرة يمكن أن تكون أخلاقية، وليس خياراً ثانوياً. بالنسبة للرياض، هو إعلان بأنها أصبحت "مركزاً للفخامة الواعية". لأن الإبداع لا يعني فخامة بلا معنى، بل "فخامة ذات مضمون". صفحة جديدة تُكتب بلونٍ أخضر حين تسدل الستارة على أسبوع الموضة في الرياض هذا العام، نوقفت الوقفة أمام منصة عرض مكارتني: كانت لحظة تسليم الراية، من جدة الشهرة إلى جدة التمسك بالمسؤولية، من الترف الخالص إلى الترف الواعي. إنها ليست مجرد عرض أزياء؛ إنها رسالة، ورؤية، وخطوة نحو مستقبلٍ يبدو فيه أن تكون أنيقًا يعني أيضاً أن تكون واعيًا. في خضم ليلٍ يُضيئه الأضواء، تذكّرتنا مكارتني بأن فلسفة الموضة ليست فقط في ما نرتديه، بل في لماذا وكيف نرتديه. تلك هي الأناقة الحقيقية. "الفخامة لا تُضحي بالكوكب" بهذه العبارة يمكننا تلخيص ما رأيناه في ختام أسبوع الموضة في الرياض. شاهدي أيضاً: الأبيض يسيطر على إطلالات المدونات في أسبوع الأزياء بالرياض