لم تمر سوى أشهر قليلة على إطلاق منصة "مونيفاي" الإعلامية وسط احتفاء واسع وضجة إعلامية لافتة في دبي، حتى بدأت معالم المشروع تتفكك بشكل مفاجئ، في تحوّل صادم لم يكن يتوقعه كثيرون من داخل المنصة أو خارجها.
فقد تحوّل الحلم الطموح، الذي حمل توقيع رجل الأعمال نجيب ساويرس، إلى مشروع شبه متوقف عن العمل، بعد أن شهد تقليصاً كبيراً في الميزانية وتسريحاً للموظفين، وتغييرات حادة في القيادة التنفيذية.
المنصة التي أسسها ساويرس في عام 2024، والتي كان يُفترض أن تكون مشروعه الإعلامي الأخير، باتت الآن في وضع غير مستقر بعد خسائر مالية فادحة.
بلومبرج أشارت إلى أن ساويرس قرر فجأة خفض الإنفاق بشكل جذري بعد أن أنفق عشرات الملايين من الدولارات، دون أن تحقق المنصة عائداً ملموساً، ما أدى إلى توقف أغلب أنشطتها.
"مونيفاي" كانت تحمل في جوهرها رؤية طموحة، كمنصة إعلامية رقمية موجهة لجيل الألفية والجيل Z، تركّز على قضايا ريادة الأعمال، الاستقلال المالي، وبناء الثروات.
منذ لحظة إعلانها، بدت كأنها محاولة لتغيير قواعد الإعلام التقليدي، وبدا أن ساويرس يريد ترك بصمة إعلامية تليق بثروته وخبرته الطويلة في الاستثمار، خاصة في مجال الإعلام.
الاستعدادات لإطلاق المنصة كانت ضخمة، حيث استقطبت أسماء لامعة من مؤسسات إعلامية عالمية. تم تعيين مايكل بيترز، الرئيس التنفيذي السابق لشبكة "يورونيوز"، على رأس القيادة، فيما تولى ياسر بشر – الذي أنشأ القسم الرقمي في مجموعة الجزيرة – دور المستشار الرئيسي للمشروع.
كما تم توظيف عشرات من الإعلاميين والمبدعين من نيويورك إلى دبي، برواتب مغرية، في إطار خطة توسعية كانت تهدف إلى بناء كيان إعلامي رائد على مستوى المنطقة.
في نوفمبر 2024، أقيم حفل الإطلاق الرسمي للمنصة في متحف المستقبل بدبي، بحضور شخصيات إعلامية واقتصادية بارزة، وبدت الأجواء في حينها مفعمة بالحماس والطموح.
ساويرس تحدث خلال الحفل عن "مونيفاي" باعتبارها مشروعه الأخير، قائلاً إنه يطمح من خلالها إلى "رد الجميل" للمجتمع عبر منصة تقدم محتوى نافعاً يُلهم الشباب ويمنحهم الأدوات اللازمة لتحقيق استقلالهم المالي.
لكن، ومع دخول العام الجديد، بدأت التغيرات.
في يناير 2025، بدأت عمليات تسريح جماعية للموظفين دون إنذار مسبق أو شرح.
غادر بيترز منصبه فجأة، وسبقته مغادرة ياسر بشر بعد الإطلاق بفترة قصيرة.
وتولت لاحقاً لانا ساويرس، ابنة نجيب ساويرس، قيادة المنصة وسط أجواء من الغموض والتخبط.
أعرب عدد من الموظفين السابقين عن دهشتهم من هذا التحول السريع.
كانوا قد تلقوا وعوداً بأن التمويل مضمون لسنوات قادمة، وأن هناك خطة استراتيجية تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات.
لكن الواقع بدا مختلفاً. تقول كارلي رايلي، مقدمة برنامج "Moniify Daily"، والتي انتقلت من نيويورك إلى دبي للانضمام إلى الفريق: "كنا نعتقد أن لدينا الوقت والمساحة لبناء شيء عظيم. لم نتوقع أن يتم سحب البساط بهذه السرعة."
أحد أبرز الإشكاليات التي واجهت المشروع، تمثلت في غياب نموذج ربحي واضح. رغم الطموح والإنفاق الكبير، لم يكن لدى المنصة خطة تفصيلية لكيفية تحقيق الدخل، وهو ما ظهر بوضوح حين وجّه ساويرس نفسه سؤالاً مفتوحاً للموظفين خلال أحد الاجتماعات: "هل لديكم أفكار لدرّ إيرادات؟"
هذا النوع من التخبط الإداري لم يكن العرض الوحيد للمشاكل.
فقد وُجد نوع من التناقض في أدوار القيادة. بيترز، المعروف بأسلوبه الإداري المحافظ، لم ينجح في إحداث الزخم الكافي في المرحلة التحضيرية، بينما كان بشر، بحيويته وخبرته الرقمية، أكثر فاعلية.
ومع خروج بشر من الصورة، بقي بيترز وحيداً في القيادة، قبل أن يُستبدل لاحقاً بلانا، التي تسلمت مشروعاً شبه معطّل.
ليست هذه أول تجربة إعلامية لساويرس تنتهي بشكل مفاجئ. فقد سبق أن كان المستثمر الأكبر في شبكة "يورونيوز" الأوروبية، قبل أن يقرر بيع حصته في نهاية عام 2021 بعد سلسلة من الخسائر المالية.
ويبدو أن تجربة "مونيفاي" جاءت في ظل سياق مشابه، حيث الحماسة للمحتوى الجديد لم تواكبها حسابات دقيقة للعائد والمخاطر.
اليوم، لا تزال المنصة قائمة من حيث الاسم والوجود الرقمي، لكنها فقدت معظم طاقمها التحريري، وتراجعت بشكل كبير من حيث النشاط والمحتوى.
الموقع يعمل بإمكانيات محدودة، والبرامج توقفت، ولا مؤشرات واضحة على نية للإحياء أو التوسعة مجددًا.
المصير النهائي لـ"مونيفاي" لم يُحسم بعد.
لكن من الواضح أن الحلم الذي بدأ كمنصة عالمية موجهة للشباب الطموح الباحث عن المعرفة المالية، تحول إلى مشروع يواجه أسئلة وجودية حول جدواه وجدّيته.
وما إذا كان سيُعاد هيكلته، أو سيتم طي صفحته بهدوء، ومع غياب التصريحات الرسمية، تبقى الصورة العامة ضبابية، فهل ينجح ساويرس في إعادة الزخم للمشروع؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الحكاية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الحكاية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.