في لحظة وُصفت بأنها مزيج بين الجغرافيا والرمزية، اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب في ولاية ألاسكا على طاولة واحدة، بينما غاب عنها صوت أوكرانيا، الدولة التي تتصدر المشهد الدولي منذ اندلاع الحرب الروسية. اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات أثار تساؤلات كبرى حول ما إذا كان خطوة جادة نحو السلام أم مجرد مشهد دبلوماسي عابر. تفاهمات جزئية ورسائل متبادلة بوتين وصف المحادثات بأنها "مثمرة"، مشيراً إلى تحسن مستوى التفاهم بين موسكو وواشنطن مقارنة بفترة الرئيس السابق جو بايدن، حين وصلت العلاقات إلى أدنى مستوياتها. وأكد أن الشعبين الروسي والأمريكي تجمعهما قواسم مشتركة، وأن إنهاء الخلافات والعداء الطويل بات ضرورة لاستقرار العالم. لكنه شدد في المقابل على أن أي تسوية للأزمة الأوكرانية يجب أن تكون طويلة الأمد وتستجيب للمطالب الروسية. في المقابل، أوضح ترامب أن القمة لم تُفضِ إلى اتفاق بشأن "القضية الأهم" في إشارة إلى الأزمة الأوكرانية، لكنه أعرب عن تفاؤله بوجود فرصة جيدة لتحقيق تقدم مستقبلاً. وأكد أن الجانبين اتفقا على معظم النقاط مع بقاء مسائل قليلة عالقة تحتاج إلى مشاورات إضافية. دور الناتو وأوكرانيا ترامب أشار إلى أنه سيتشاور مع حلف "الناتو" والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن نتائج المحادثات، مؤكداً أن القرار النهائي يظل بيد أوكرانيا وحلفائها الغربيين. أما بوتين فقد أبدى أمله في أن تكون هذه القمة بداية لمسار تسوية سياسية، تمهّد لإعادة العلاقات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة إلى مسار أكثر استقراراً. تصريحات ما بعد القمة في ختام اللقاء، أعلن الكرملين أن المحادثات انتهت دون اتفاق نهائي، تاركةً وراءها أسئلة معلقة بين النوايا المعلنة والحقائق على الأرض. وبدوره، اعتبر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري مدفيدف أن "قمة ألاسكا" أثبتت إمكانية التفاوض بين موسكو وواشنطن دون شروط مسبقة، لكنه شدد على أن روسيا ستواصل عملياتها العسكرية داخل أوكرانيا بالتوازي مع أي مسار سياسي. سلام مؤجل وتوازنات دقيقة القمة حملت في طياتها وعوداً بسلام محتمل، لكنها في الوقت نفسه طرحت أسئلة حول الثمن الحقيقي لهذا السلام، وحدود التنازلات الممكنة بين موسكو وواشنطن. وبينما تسعى روسيا لتثبيت مكاسبها الميدانية، تضع الولايات المتحدة شروطاً تراعي مصالح أوكرانيا وحلفائها في "الناتو". وهكذا، تبقى قمة ألاسكا محطة مهمة في تاريخ العلاقات الروسية الأمريكية، لكنها لم تحسم الصراع، بل فتحت باباً جديداً للنقاش حول مستقبل الحرب والسلام في أوروبا والعالم.