سجلت أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء قفزة تاريخية جديدة، مدعومة بارتفاع الأسعار العالمية وتراجع الدولار، وسط رهانات قوية على خفض جديد لأسعار الفائدة الأمريكية. وارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 -الأكثر تداولًا في السوق المحلي- إلى 5100 جنيه لأول مرة، مستفيدًا من قفزة الذهب العالمي لمستوى قياسي جديد، إذ صعدت الأوقية بنحو 0.91% لتسجل نحو 3780 دولارًا في التعاملات الفورية، وفق بيانات وكالة بلومبرج. وعلى الصعيد العالمي، تراجع مؤشر الدولار (DXY) بنسبة 0.39% إلى نحو 97.3 نقطة أمام سلة من العملات الرئيسية، مع زيادة رهانات المستثمرين على خفض جديد للفائدة الأمريكية خلال الفترة المقبلة. أما محليًا، فتراجع سعر الدولار أمام الجنيه في 3 بنوك مصرية مع بداية التعاملات، بينما استقر في 7 بنوك أخرى، وسجل في البنك الأهلي المصري 48.16 جنيه للشراء و48.26 جنيه للبيع. لماذا يقفز الذهب؟ يؤكد هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية، أن موجة الصعود الحالية تعود بالأساس إلى عوامل عالمية، موضحًا أن السوق المصري يتأثر مباشرة بحركة الأسعار الدولية. ويضيف أن خفض الفائدة الأمريكية شجع البنوك المركزية على زيادة مشترياتها من الذهب كأداة للتحوط، ما عزز الطلب العالمي على المعدن النفيس ورفع أسعاره. ويرى نادي نجيب، سكرتير عام شعبة الذهب سابقًا، أن الأسعار القياسية عالميًا انعكست فورًا على السوق المحلي باعتباره سوقًا مفتوحًا، متوقعًا استمرار الارتفاع طالما استمرت الظروف الدولية الحالية، مشيرًا إلى أن الأونصة صعدت إلى 3782 دولارًا وهو مستوى غير مسبوق. وأوضح مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين، أن ارتفاع الذهب عالميًا جاء نتيجة تراجع الدولار الأمريكي وضعف عوائد أدوات الدين عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مع توقعات بخفض جديد قريبًا، ما يدفع المستثمرين إلى الذهب كملاذ آمن. أما محليًا، فيشير شفيع إلى أن أسعار الذهب في مصر تتأثر أيضًا بـسعر الصرف وحالة عدم اليقين الاقتصادي، موضحًا أن خفض الفائدة وتخوّف البعض من تراجع قيمة الجنيه يدفع كثيرين إلى شراء الذهب للتحوط رغم ارتفاع أسعاره. لماذا يتراجع الدولار في مصر؟ يوضح شفيع أن حركة الدولار محليًا تخضع لعوامل مختلفة عن السوق العالمي، أبرزها قدرة الجهاز المصرفي على تدبير العملة الأجنبية للمستثمرين الأجانب، وعودة التدفقات من الخارج، إلى جانب حالة الاستقرار الاقتصادي. ويضيف الخبير المصرفي محمد بدرة أن تحسن الجنيه جاء مدعومًا بزيادة تحويلات المصريين من الخارج، وانتعاش السياحة، والإعلان مؤخراً عن صفقة “مراسي ريد سي” مع شركة إعمار، ما عزز الثقة في العملة المحلية وساهم في تقليص الضغوط على الدولار. لكنه شدد على ضرورة انعكاس هذا التراجع على أسعار السلع المستوردة، قائلًا: “كما ترتفع الأسعار فور صعود الدولار، يجب أن تنخفض مع تراجعه”. أما الخبير المصرفي محمد عبد العال، فيشير إلى أن القرارات التاريخية للبنك المركزي في 7 مارس 2024، وعلى رأسها تحرير سعر الصرف، كانت نقطة تحول أساسية مهدت لاستقرار الجنيه وتحسن أوضاع النقد الأجنبي، وإنهاء ظاهرة السوق الموازي. ويضيف عبد العال أن هذه النتائج تحققت رغم تحديات كبرى، منها فقدان نحو 10 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس وعدم الحصول على الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولي، إضافة إلى تداعيات الحرب في غزة. ورغم ذلك، نجحت مصر في جذب استثمارات أجنبية غير مباشرة تجاوزت 40 مليار دولار، بجانب صفقات استثمارية ضخمة، أبرزها مشروع مراسي ريد سي الذي تصل استثماراته إلى 900 مليار جنيه على مدى أربع سنوات، بعوائد سنوية لا تقل عن 200 مليون دولار. كما سجلت تحويلات المصريين بالخارج رقمًا قياسيًا بلغ 36.5 مليار دولار، وارتفعت إيرادات السياحة وتحسنت الصادرات نسبيًا رغم التحديات.