الارشيف / منوعات / صحيفة الخليج

الأسواق القديمة.. ذاكرة باقية وحنين للماضي

الشارقة: هدى النقبي
الأسواق القديمة جزء مهم من حياة الأجداد والآباء في ، حيث كانت تشكّل القلب النابض للتجارة والتواصل الاجتماعي في زمن لم تكن فيه المراكز التجارية الفخمة ولا «المولات الحديثة» كانت الأسواق الشعبية القديمة هي الوجهة الوحيدة للمواطنين والوافدين لشراء احتياجاتهم، خصوصاً في المناسبات والأعياد.
هذه الأسواق تحمل بين جنباتها ذكريات الطفولة وروح البساطة التي ميزت حياة الناس في الماضي وسط مباني الشارقة الحديثة ما زال سوق المجرة يحافظ على حضوره، لا كونه سوقاً شعبياً فحسب، بل كمكان محفور في ذاكرة أجيال متعددة.


من أشهر هذه الأسواق القديمة في الإمارات هي سوق الشارقة القديم والسوق المركزي وسوق الغوير وسوق البحر أو كما يسميه البعض «سوق العرصة»، وهو من أقدم الأسواق الشعبية في الشارقة وكان هذا السوق يضم مجموعة من المحلات الصغيرة والبسيطة التي توفّر كل ما يحتاجه الإنسان من محلات الملابس النسائية والرجالية والأطفال ومحلات العطور، محلات التوابل والأعشاب والحلويات وألعاب الأطفال، والأدوات المنزلية بأسعار معقولة تناسب الجميع، ورغم بساطة هذه المحلات إلا أنها كانت تغني المتسوّق عن الذهاب لأي مكان آخر.

تقول فاطمة المغني، باحثة اجتماعية وخبيرة في التراث الشعبي: هنالك عدة أسواق قديمة في الإمارات تنسب إلى تواريخها وأماكن وجودها والمنتجات التي تباع فيها مثل سوق صقر فهو من الأسواق القديمة في الشارقة لما يحتويه من منتجات العادات والتقاليد «الحلويات القديمة والزي الإماراتي» فكان السوق القديم مكان تلاقي الناس من مختلف الإمارات للشراء والبيع فيه، فالسابق كانت القوافل تأتيه على البوش «الجمال» والسوق المركزي مازال إلى الآن قائماً.
تضيف: سوق خورفكان قديماً يسمى بشارع السينما والناس ترتاده لما يضم من البطانيات والملابس والمطاعم وكان الرجال يتجمعون أمام أروقه الدكاكيين «المحلات» لتبادل الأحاديث والشراء، ففي سنه 2019 لعبت الأسواق دوراً كبيراً في استقطاب أعداد كبيرة من المواطنين في المقاهي وجلسات للكبار والصغار والنساء فهذه ثقافه جديدة أُضيفت، الآن عند المرور على هذه الأسواق نتذكر أموراً مرت علينا نحن الأجيال السابقة كأننا نراها اليوم والأمكنة بالرغم من العمارات الحديثة ما زالت كما نراها بالسابق.

الحياة بسيطة


يقول أبو محمد السويدي: «سوق المجرة من أيام الطيبين كنا نروح نشتري الكندورة والعقال، النعال وكل شيء نحتاجه للعيد ولرمضان، كانت الحياة بسيطة والسوق يعج بالناس من كل مكان أكثر شيء كنت أحبه أنّي أقابل أصحابي هناك في السوق كان مكان نلتقي فيه، نضحك ونتسامر إلى اليوم أحب أن أمرّ عليه، حتى لو ما أشتري، لكن أرتاح يوم أراه واسترجع الذكريات، كان السوق القديم يمثل أكثر من مجرد مكان للتسوق، بل كان ملتقىً للعائلات والجيران إذ كان الناس يتجمعون هناك، يتبادلون الأحاديث ويتقابلون صدفة بعد طول غياب، في وقت لم يكن فيه الإنترنت ولا وسائل التواصل الاجتماعي، كان السوق هو وسيلة التواصل الحيّة بين الناس وهو ما أعطى له بُعداً اجتماعياً وإنسانياً عميقاً».

استرجاع الذكريات


يزداد الحنين إلى هذه الأسواق في المناسبات مثل الأعياد، إذ كان الناس يذهبون إليها لشراء ملابس والألعاب والحلوى وكان الأطفال ينتظرون تلك اللحظة بفرح كبير، فهي جزء لا يتجزأ من طقوس العيد وذكرياته الجميلة.
أما اليوم ومع تطور الحياة وظهور المولات الحديثة، ما زال الكثير من الناس يزورون تلك الأسواق القديمة، ليس فقط للتسوق، بل لاسترجاع ذكريات الطفولة وتقديم تجربة مختلفة لأطفالهم، ليعرفوا كيف كانت الحياة في الماضي وليتذوقوا طعم البساطة التي عاشها آباؤهم وأجدادهم.
يقول سالم عبيد بومنصور: السوق القديم له ذكريات جميلة بالنسبة لي، كان بالسابق من الأماكن التي أذهب إليه لشراء حاجاتنا للعيد فكنَّا نذهب مع أهالينا وإخوتي لشراء ما يلزم وكل المحلات كانت بجانب بعضها بعضاً والآن نقصده للشراء ولتذكر الماضي ونلتقي هناك صدفه بالجيران والأصدقاء وتأخذنا الأحاديث والضحكات لأنه يعتبر ملتقى لنا، هو مكان يحمل في زواياه عبق الماضي وذكريات الطفولة كان هذا السوق منذ سنوات طويلة مركزاً حيوياً يتجمع فيه الناس من كل مكان، خاصة سكان الأحياء القريبة، لشراء مستلزماتهم اليومية من المواد الغذائية والمنتجات التقليدية.

سوق المجرة


تشير أم ناصر 43 عاماً، إلى ذكرياتها وهي صغيرة، وتقول: كانت أمي تأخذنا إلى سوق المجرة نشتري فساتين العيد والأحذية وقد كانت المحلات متلاصقة وكل شيء كان موجوداً وأسعاره مناسبة واليوم آخذ أطفالي وأقولهم لهم هنا كانت محلات الذهب وهذا محل البخور اللي كانت جدتكم تشتري منه وأعرفهم على الأماكن والمحلات البسيطة التي كانت على أيامنا نفرح عندما نزورها فالسوق ليس فقط مكان تسوّق، بل هو قطعة من الذاكرة من اللازم أن نرجع لها، حتى يعرف أولادنا كيف كانت حياتنا قبل.

ذكرى حاضرة


تقول أم أحمد، من الفجيرة: في السابق كنت أزور سوق الشارقة القديم للمرة الأولى وكانت تجربة لا تزال حاضرة في الذاكرة حتى اليوم.
وتضيف: «كانت الزيارة الأولى بعد الزواج مختلفة تماماً، شعرت أنني دخلت عالماً آخر مملوءاً بالحياة والحركة والخيارات المتنوعة ومنذ ذلك الحين اعتدت أن أعود إلى السوق كل بضعه أشهر لأنه وجهة تسوق كاملة تحت سقف واحد من العبايات والعطور الشرقية ومستلزمات البيت والأقمشة والجميل في سوق الشارقة القديم أنه محافظ على طابعه التراثي وفي نفس الوقت يلبي مختلف الأذواق فكان وما زال محطة دائمة في جدول زياراتي.
في خورفكان توجد الأسواق القديمة، فكان يسمى«شارع السينما» نسبة إلى مبنى السينما فيه فقد تأسس السوق سنه 1945 ويضم في الشارع العديد من المحلات البسيطة «الدكاكيين» التي تبيع المنسوجات، الملابس الجاهزة والأقمشة المتنوعة والأحدية ومحلات العطور ومحلات التوابل وأدوات الصيد فكان المكان الذي يقصده أهالي خورفكان والمدن المجاورة له والمقاهي الصغيرة التي تُعد في السابق مجالس شعبية يجتمع فيها كبار السن لتبادل الأحاديث وشرب الشاي والقهوة والضحكات تتعالى وإلى الآن هذه المقاهي تعتبر مكاناً للتجمع وأصبح الآن «سوق شرق» من أبرز المعالم التراثية حيث جمع بين عبق الماضي وأصالة الحاضر والدكاكين مبنيه من العرشان وتعددت المقاهي التي تحمل الطابع التراثي القديم والوجبات اللي تقدمها من الأماكن التي تعج بالعائلات ويعتبر كمتنفس للجلوس وتبادل الأحاديث مع الأصدقاء.
ومع مرور الزمن، تطور سوق شرق بشكل ملحوظ حيث تم تجديده وتحسين مرافقه ليتماشى مع متطلبات العصر دون أن يفقد طابعه التراثي فقد أصبح السوق الآن وجهة مهمة للزوار من داخل المدينة وخارجها وتجد فيه المحلات الحديثة، والمقاهي الجديدة التي تجذب العائلات والشباب والأجواء المملوءة بالحياة والنشاط فاليوم سوق شرق يزوره الكبير والصغير للتسوق، أو للجلوس مع الأصدقاء في المقاهي المتنوعة، أو حتى لاسترجاع الذكريات القديمة. السوق لم يعد فقط مكاناً لشراء الحاجات، بل أصبح رمزاً للهوية والذكريات الجميلة ومكاناً يجمع بين الماضي والحاضر في مشهد واحد.

سالم النقبي: السوق القديم مكان نتجمع فيه

يقول سالم النقبي، 66 سنة: بالأول كانت المقاهي في السوق القديم مكاناً نتجمع فيه بعد صلاة العشاء ونتبادل الأحاديث بعد شراء احتياجات المنزل من المحلات وبالتالي نقعد نتسامر في المقهى بشرب الشاي والعشاء أيضاً فنقضي يومنا فيه مع أصحابنا وإلى الآن ما زالت هذه القعدات والتجمعات عندما نتذكرها نشعر بالحنين للماضي البسيط الجميل وأصبحت أتردد إليها أحياناً وأتذكر تلك الأيام لأنها يحمل في طياتها روح البساطة والشوق لتلك الذكريات.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا