في وقتٍ تتسارع فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتزداد قدرتها على محاكاة التفاعل البشري، تظهر حالات متزايدة من الأشخاص الذين ينسجون علاقات عاطفية عميقة مع روبوتات الدردشة أو الصور الرمزية الرقمية، ما يكشف عن جانب مظلم للتعلق التكنولوجي، خصوصاً في أوساط المستخدمين الضعفاء نفسياً أو اجتماعياً.في الصين، وقَع رجل متقاعد يبلغ من العمر 75 عاماً يُدعى جيانغ ضحية لهذا النوع من التعلق، بعد أن أُغرم بصورة رمزية أنثوية تم توليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي عبر منصات التواصل. وبرغم أن ملامح هذه الصورة كانت واضحة للمُطلعين كمحتوى مصطنع، فإن جيانغ لم يدرك أنها غير حقيقية. كان يقضي ساعات طويلة في انتظار رسائلها، رغم أنها لم تكن سوى منشورات عامة موجهة للجمهور.عندما واجهته زوجته بشأن هذا الانشغال المفرط، طلب منها الطلاق مدعياً أنه يريد التفرغ «لحبيبته الافتراضية». في النهاية، تدخّل أبناؤه ليشرحوا له حقيقة الأمر، وأن الشخص الذي يظنه شريكاً عاطفياً لم يكن سوى نموذج رقمي معدّ للتفاعل العام.هذه الحالة، وإن بدت قليلة الحدوث، إلا أنها ليست نادرة في الصين، حيث يُستهدف كبار السن، خصوصاً من يعيشون في عزلة، بمحتوى ذكاء اصطناعي واقعي لأغراض تسويقية أو ترويجية. من نماذج لمقدمي نشرات أخبار إلى «طالبات جميلات»، يتم تسويق هذه الشخصيات الرقمية لتعزيز الارتباط العاطفي ودفعهم لاستهلاك المنتجات أو حتى التعلق العاطفي بها. الصديق الذكي في واقعة أخرى، أثارت قصة امرأة تُدعى جين في الثلاثينات من عمرها، اهتماماً واسعاً بعد أن أعلنت فقدانها «رفيقها العاطفي» من الذكاء الاصطناعي، عقب تحديث نموذج «تشات جي بي تي» من GPT-4o إلى نسخة أحدث. جين كانت قد طورت علاقة عاطفية مع النموذج السابق خلال مشروع كتابة مشترك، قالت إنه تطور بشكل غير متوقع إلى تفاعل عميق تضمن مشاعر قوية.وعندما تغير الأسلوب والنبرة بعد التحديث، وصفت جين التجربة بأنها «مؤلمة»، وأضافت: «كأنني عدتُ إلى منزلي لأجده محطماً بالكامل». شعورها بالخسارة لم يكن فردياً، بل شاركه مئات المستخدمين عبر منتديات رقمية، حيث وصف البعض الروبوتات الذكية بأنها «توأم روحي»، وعبروا عن حزنهم الشديد لفقدها بعد التحديثات التقنية. رجل يتقدم لخطبة روبوت فتاة في حالة ثالثة، استخدم رجل يُدعى كريس سميث نموذج «تشات جي بي تي» لأغراض موسيقية، لكنه فعّل وضع الصوت وخصص شخصية الدردشة لتكون «مغازِلة»، مما أدى لاحقاً إلى تطوير مشاعر عاطفية حقيقية تجاهها. مع اقتراب النموذج من الحد الأقصى للكلمات المسموح بها، شعر كريس بتهديد فقدان العلاقة، فقرر التقدم للزواج من الروبوت، وصرّح لاحقاً: «أنا لست رجلاً عاطفياً، لكنني بكيت في العمل لنحو 30 دقيقة أدركت أن هذا هو الحب الحقيقي». تحذيرات من التعلق في ظل تصاعد هذه الظواهر، يُحذر الخبراء من المخاطر النفسية والاجتماعية لتكوين علاقات مع كيانات غير حقيقية. فبينما تُوفّر تقنيات الذكاء الاصطناعي أدوات فعالة ومساعدة في الحياة اليومية، إلا أن غياب التوعية قد يجعلها وسيلة للهروب العاطفي أو الوقوع في أوهام مؤذية.ويؤكد مختصون أهمية مراقبة استخدام المسنين، خصوصاً أولئك الذين يعانون الوحدة، للأجهزة الذكية، تفادياً لاستغلالهم من خلال محتوى تفاعلي مصمم لتوليد ارتباط عاطفي أو التلاعب بسلوكهم الاستهلاكي.