منوعات / صحيفة الخليج

تنقية التمر.. مهنة مغروسة في ذاكرة الأجداد

في أواخر الصيف، وتحديداً في أغسطس، حيث تبرز أقدم المهن حرفة «تنقية التمر»، والتي إلى الآن ما زال الأهالي يمارسونها، والتي كانت في الماضي تمثل لقمة العيش للكثير من الأسر، وخاصة في المناطق الزراعية التي تنتشر فيها النخيل بكثافة.

حيث توارثتها الأجيال كجزء من تراث غني يرتبط بالنخلة ومنتجاتها، فبين سعف النخيل والطين والخرس الفخاري، وُلدت ممارسات دقيقة تحفظ التمر وتنتج «الدبس»، أحد أهم الأغذية في الماضي.

يقول الوالد خميس عبدالله من أهالي اللؤلؤية، أحد كبار السن الذين عايشوا هذه المهنة: «كنا نجمع التمر داخل مخاريف ونمارس الحرفة في المزارع وفي البيوت نفرش التمر على المسطاح، وهو عبارة عن سعف نخيل (الدعون) وهي أعواد النخيل المرتبة بجــانب بعض، ونخلـــيه تحت الشمس لمدة 4 أيام إلى أن يجف وكان المنتقون، هم الأشخاص اللي يفرزون المنتج من خلال فرز التمر الجيد ويُوضع على جنب، بينما يُستبعد التمر التالف ويُعطى للحيوانات مثل الأغنام وغيرها.

وبعد مرحلة التجفيف، تُقسم الكمية المنتقاة إلى قسمين، القسم الأول يُستخدم لصناعة ما يُعرف بـ«المدلوك» وهنا يقول الوالد خميس: «نأخذ التمر بعد ما ينشف وبعدها نبدأ نعجنه بالأرجل بعد ما نغسلها حتى يصير لين ونقدر نخزّنه ويسمونه المدلوك، لأنه يندلك ويتهرس».

ويُحفظ هذا التمر المدلوك في«الخصافة» المصنوعة من خوص النخل، أو الخرس، وهو إناء فخاري ظل يُستخدم حتى وقت قريب في البيوت.

أما القسم الثاني من التمر، فيُحفظ كما هو دون هرس، وتُسمى هذه الطريقة بـ«النثر»، حيث تبقى حبة التمر سليمة وتُخزَّن أيضاً في الخصافة أو الخرس، وتُستخدم لاحقاً في الأكل وبتخزينه للشتاء 5 أو 4 أوزان إلى أن ينقضي الغيض ويسمى بـ(خضعن الضماد).

ولعل أكثر ما يميز هذه الحرفة التراثية صناعة «الدبس»، وهي عملية دقيقة تعتمد كلياً على حرارة الجو، يتم تجهيز مكان خاص يُصنع من الأسمنت، ويُبنى بشكل منحدر قليلاً لينزل الدبس بسهوله، وتُوضع فيه أوانٍ فخارية في الأرض لجمع عصارة التمر ويُصف التمر بعناية في هذا المكان داخل خصافة، ويُترك من 3 إلى 5 أيام حتى تبدأ حباته بإفراز عصارة طبيعية لزجة تُعرف بالدبس، والتي تتجمع في قاع الإناء أو في تجويف الأرض المخصص.

نظافة التمر

يشير الوالد خميس إلـى أن بعـــض الأســـر كانت تمتلك في منزلها أو في المزارع ما يُعرف بـ«المدبسة»، وهي غرفـة صغيرة تُبنى من لبن الطين، لها باب صغير للحفاظ على نظافة التمر ومنع دخول الغبار، يتم فيها تخزين التمر داخل أخياش من سعف النخيل، وتُستخدم الحرارة الشديدة داخلها لاستخراج الدبس الطبيعي، الذي يتجمع في قاع الغرفة أو في آنية الفخار الموضوعة لهذا الغرض، ويظل الباب مغلقاً لمدة 40 يوماً وكانوا يسمونه أيضاً بـ(كنز التمر) بما معناه تخزين التمر.

تطور التقنيات

اليوم، وبينما تتطور تقنيات حفظ التمر وتصنيعه، تبقى هذه الحرفة شاهداً على صبر الإنسان الإماراتي وارتباطه بالأرض والنخلة، حرفة لا تحكي فقط عن طعام، بل تحكي عن ثقافة وتاريخ وصبر وجمال البساطة، حرفة تستحق أن تبقى في الذاكرة، وأن تُعلَّم للأجيال القادمة ولا تزال هذه الحرفة موجودة عند بعض الأسر.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا