يؤدي عشرات المتطوعين في فرنسا ليل نهار، في الميدان أو على الإنترنت، دور محققين في الشرطة أو الدرك، سعيا لحلّ العديد من قضايا اختفاء أشخاص فُقد أثرهم في ظروف غامضة. وفي بداية أغسطس الماضي، اختفى مارك (59 عاماً) بعدما غادر منزله في مرسيليا في جنوبي البلاد، من دون هاتفه وأدويته. وشعرت ابنته بالقلق لاختفائه فاتصلت بالسلطات وبجمعية «المساعدة والبحث عن المفقودين» (ARPD). وفي سياق البحث والتحقيق، عُثر في بريده على تذكرة قطار إلى باريس.تقول بولين شاربي (35 عاماً) وهي محقّقة متطوعة في الجمعية، «يجب ألا ننتظر، بل يجب أن نتحرّك فوراً».وحملت هذه الخبيرة المحترفة في علم الأنساب صورة مارك وراحت تجوب شوارع باريس حيث زارت مستشفيات وملاجئ. كما راقبت كشوفات حساباته، التي كان بإمكان ابنته الاطّلاع عليها، وذلك لتحديد أيّ تعاملات محتملة. وفي الأثناء، لم تجد محقّقة أخرى في الجمعية أي شيء في مرسيليا.غير أنّ مارك ظهر بعد أسبوعين في العاصمة، من دون أن يقدّم أي تفسير يُذكر. وتقول بولين شاربي «ما زلنا نبحث عن إجابات».وتضمّ جمعية «المساعدة والبحث عن المفقودين» حوالى 850 عضواً متطوّعاً في فرنسا وخارجها، وهم معلّمون وأطباء وعمّال، يجرون تحقيقات عبر الإنترنت أو في الميدان في أوقات فراغهم. ويرى البعض في الأمر هواية.وفي الوقت الحالي، يجري التحقيق في نحو 400 قضية. وفي حالات الاختفاء التي تُعتبر «مقلقة» وخاضعة لتحقيق رسمي، يعمل المتطوّعون «بتعاون وثيق» مع السلطات، حسبما يقول رئيس الجمعية برنار فاليزي المفوّض السابق في الشرطة. ويضيف «يحدث أيضاً أن ينفد الزخم المرتبط بتحقيق ما ويُغلق. عندها قد نكتشف خيوطاً جديدة، عندما تشعر الأسرة بأنّه لم يتمّ استنفاد كافة الخيارات».وتقدّر جمعية «المساعدة والبحث عن المفقودين» بأنّ نحو 60 ألف شخص يختفون سنوياً في فرنسا. وبينما تُحل معظم القضايا بسرعة، ينتهي الأمر بقضايا أخرى لتصبح «باردة»، أي بدون حل. وفي بعض الحالات قد لا يُفتح تحقيق، غير أنّ ذلك لا يمنع أقارب المفقود من مواصلة البحث عن الحقيقة.وتعتمد جمعية «المساعدة والبحث عن المفقودين» على شبكة من الخبراء للمساعدة في عمليات البحث أو لمساندة العائلات، وهم علماء نفس ومدرّبو كلاب.ومن هؤلاء أوليفييه ميسين (66 عاماً) وفاليري روسو (52 عاماً) معلّمة اللغة الفرنسية في منطقة باريس اللذين دخلا إلى مكان اختفاء أحد الأشخاص، في الأيام التي أعقبت الحادثة. وبمرافقة أحد الكلاب، قاما بـ«اقتفاء أثر» المفقود عبر تتبّع رائحته التي لا تزال موجودة في كل مكان، على الجدران والأرضية، والتي ستختفي بمرور الوقت، وفقاً لفاليري روسو.ويسمح ذلك غالباً بتوجيه التحقيق نحو مسار جديد، أي نحو رصيف قطار أو ضفة نهر، ثمّ تتولى السلطات أو الجمعية المتخصّصة في البحث عن المفقودين، المسؤولية.وفي حالات نادرة، يعثر المتطوّعون بأنفسهم على الشخص المفقود، حياً كان أو ميتاً.